بعد سنتين من التدابير الفاشلة التي كلفت الخزينة ملايير الدراهم وزعت
على «المقربين»
مازالت الحكومة تتخبط في محاولة إيجاد حل لأزمة اللحوم الحمراء، بعدما أنفقت ملايير الدراهم سدى، لدعم الاستيراد، الذي لم يُجْدِ نفعا في سد حاجيات أسواق اللحوم الحمراء بالمغرب. هذه الأخيرة باتت تشهد وضعا كارثيا، بعدما وصل الخصاص في قطعان الماشية المعدة للذبح إلى مستويات غير مسبوقة، ولم تعد المجازر الكبرى تستقبل ما يكفي من البهائم لتلبية الطلب، وهو ما أشعل لهيب أسعار اللحوم التي وصلت إلى 120 درهما للكيلوغرام.
وعلى الرغم من تعليق رسوم الاستيراد والترخيص بجلب اللحوم الطازجة والمجمدة من الخارج (بدفاتر تحملات مثيرة للريبة و مفصلة على مقاس شركات بعينها) وصرف اعتمادات مالية ضخمة وزعت كدعم مباشر على بضعة مستوردين محسوبين على الأغلبية الحكومية، لتوريد قطعان حية من دول مختلفة.. فإن الحكومة فشلت حتى الآن في احتواء هذا الوضع المتردي، ولم تفلح تدابير الوزارة الوصية في تأمين حاجيات الأسواق الوطنية.
وفي خضم هذه الأزمة غير المسبوقة، قررت الحكومة زيادة حصة الأبقار والأغنام المعنية بتعليق الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة، لترتفع من 120 ألف رأس إلى 150 ألف رأس. وهو الإجراء الذي دخل حيز التنفيذ في 19 أكتوبر. وتتجه أنظار الحكومة من جديد نحو إسبانيا لتزويد السوق الوطني باللحوم الحمراء، حيث أبرم وفد مغربي اتفاقيات مع سبع شركات إسبانية في هذا القطاع، حسب ما أوردته صحيفة “لاراثون” حيث “توجهت يوم الأحد 15 دجنبر شاحنتان محملتان بـ 20 طنا من اللحوم إلى المغرب. بسعر جملة يتراوح بين 70 و80 درهما».
وكان ملف واردات اللحوم على جدول أعمال المحادثات التي جرت يوم 25 أكتوبر بالرباط بين وزير الفلاحة والصيد البحري أحمد بواري ونظيره الإسباني لويس بلاناس. وبعد هذا اللقاء، توجه وفد من المنتجين الأيبيريين، من 11 إلى 13 نونبر الماضي، إلى الدار البيضاء والرباط وطنجة “لتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين في قطاع اللحوم”. ورحبت الجمعية الإسبانية للمهنيين في هذا القطاع، “خلال اللقاءات، بفرص النمو المتاحة للشركات الإسبانية في المغرب، وتعزيز العلاقات المباشرة مع الفاعلين الرئيسيين في صناعة اللحوم المحلية”.
وقد عرفت سلسلة اللحوم الحمراء خلال السنوات الثلاث الأخيرة تدهورا مقلقا، بفعل توالي سنوات الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف، وهو ما كانت له انعكاسات سلبية سواء على القطيع الوطني الذي تراجع بشكل كبير، مقارنة مع ما كان عليه قبل 10 سنوات، أو على تلبية الطلب الداخلي. وبعد أن كان المغرب سنة 2019 يؤمن 98 في المائة من حاجيات الاستهلاك الوطني، أصبحت الحكومة اليوم تعول بشكل كبير على الاستيراد لسد الخصاص المهول الذي أصبحت تعاني منه الأسواق الداخلية، وهو ما تسبب خلال العام الجاري في ارتفاع غير مسبوق لأسعار اللحوم الحمراء التي لم تعد تنزل عن 120 درهما للكيلوغرام.
ولكبح جماح أسعار اللحوم الحمراء، استنجدت الحكومة بالمستوردين لملء الفراغ الذي خلفه تراجع الإنتاج الوطني، ولزيادة العرض الخاص باللحوم الحمراء في السوق الوطني.
ويرى المهنيون أن الحكومة مطالبة بالانكباب على دعم الأعلاف مباشرة من المصنع، والقطع مع الأسلوب البيروقراطي المعتمد حاليا، والذي يتطلب مجموعة من الإجراءات الإدارية المعقدة مع السلطات المحلية للاستفادة في نهاية المطاف من بضعة أكياس من الشعير أو العلف المدعم.