تعتزم الحكومة، ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026، اقتراض أزيد من 123 مليار درهم لسد حاجيات تمويل الخزينة، حيث قررت الاعتماد على السوق الداخلي لاقتراض 63 مليار درهم ثم اللجوء إلى الأسواق الخارجية لاقتراض 60 مليار درهم، أي ما يناهز 6.53مليار دولار (على أساس سعر صرف يبلغ 9.23 درهم للدولار الواحد)، وذلك لتغطية حاجياتها التمويلية خلال السنة المقبلة في ظل استمرار العجز المالي وارتفاع الالتزامات المرتبطة بالنفقات الجارية والاستثمار العمومي.
ويكشف التقرير حول الدين العمومي، المرفق بمشروع قانون المالية لسنة 2026، أن الحكومة ستواصل خلال السنة المقبلة نهجها القائم على المزاوجة بين التمويلين الداخلي والخارجي لتأمين احتياجات الخزينة، مع برمجة عمليات اقتراض جديدة لتغطية الاستحقاقات السابقة وتمويل المشاريع المقررة في الميزانية. ووفق المعطيات الرسمية، يرتقب أن يصل الدين الإجمالي للخزينة إلى حوالي 1095 مليار درهم متم سنة 2026، أي ما يعادل 83,2 في المئة من الناتج الداخلي الإجمالي، مقابل 1052 مليار درهم سنة 2024، أي ما يمثل زيادة تفوق 43 مليار درهم خلال سنتين فقط.
وأوضح التقرير أن التمويل الداخلي ما زال يشكل المصدر الرئيسي لتغطية الدين العمومي بنسبة تناهز 78 في المئة من إجمالي المديونية، في حين يبلغ نصيب التمويل الخارجي حوالي 22 في المئة. كما أشار إلى أن الدين الخارجي ارتفع إلى أكثر من 230 مليار درهم (أي ما يعادل تقريبا 23 مليار دولار) مع نهاية سنة 2024، مع تنويع مصادر التمويل بين بنوك التنمية الإقليمية والأوروبية والأسواق الدولية.
ووفق البيانات الرسمية، بلغت خدمة الدين العمومي خلال سنة 2024 حوالي 190 مليار درهم، منها أزيد من 70 مليار درهم تمثل فوائد الدين فقط، مما يعكس كلفة التمويل المرتفعة في ظل المستويات الحالية لأسعار الفائدة. وأوضح التقرير أن متوسط سعر الفائدة على القروض الداخلية ارتفع إلى 3,8 في المئة مقابل 2,9 في المئة سنة 2021، متأثراً بالرفع المتتالي لسعر الفائدة الرئيسي من طرف بنك المغرب منذ سنة 2022. أما على مستوى آجال الاستحقاق، فقد بلغت حوالي 31 في المئة من محفظة الدين الداخلي أدوات تقل مدة استحقاقها عن خمس سنوات، مما يعزز حصة القروض قصيرة الأجل داخل بنية المديونية.
ويبرز التقرير أن استمرار العجز المالي، المقدر في حدود 4,4 في المئة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2025، سيبقي على حاجيات تمويل مرتفعة، خاصة في ظل تحمل الدولة لنفقات إضافية موجهة لدعم الاستثمار العمومي والبرامج الاجتماعية الجديدة. وتعتبر وزارة الاقتصاد والمالية أن التحكم في الدين يمر عبر الحفاظ على وتيرة اقتراض متوازنة تضمن تلبية حاجيات الخزينة دون التأثير على استقرار التوازنات الماكرو-اقتصادية.
كما أورد التقرير أن حوالي 12 في المئة من مجموع موارد الخزينة توجه سنوياً إلى تغطية خدمة الدين العمومي، بما في ذلك أداء الفوائد واسترجاع أصل الدين، موضحا أن هذه النسبة تبقى مستقرة نسبياً خلال السنوات الأخيرة، لكنها تظل مرتفعة مقارنة بمستوى تعبئة الموارد الجبائية. كما أبرز أن الدين العمومي للخزينة لا يشمل مجموع التزامات الدولة، إذ إن الدين المضمون لفائدة المؤسسات والمقاولات العمومية ارتفع بدوره ليبلغ حوالي 190 مليار درهم (أي ما يعادل نحو 19 مليار دولار)، ما يرفع الدين العمومي الإجمالي المباشر والمضمون إلى ما يفوق 1240 مليار درهم (ما يعادل قرابة 122 مليار دولار).
وفي تفصيل مصادر الدين الخارجي، أوضح التقرير أن الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية والبنك الأوروبي للاستثمار تشكل أهم الجهات الممولة للمغرب، إلى جانب الأسواق المالية الدولية التي لجأ إليها المغرب خلال سنة 2024 بإصدار سندات سيادية بقيمة 2,5 مليار دولار (حوالي 25 مليار درهم)، مما مكن من تغطية جزء من حاجيات تمويل الميزانية وتدعيم احتياطات الصرف. وأكدت الوثيقة أن الحكومة ستواصل في سنة 2026 سياسة تنويع أدوات التمويل عبر المزاوجة بين القروض الخارجية والإصدارات في السوق الداخلية، مع السعي إلى التحكم في كلفة الدين وتوزيعه الزمني.
كما أفاد التقرير أن الوزارة تتابع تنفيذ استراتيجية تدبير الدين على المدى المتوسط 2023-2027، التي تهدف إلى تحسين هيكلة المحفظة من خلال إطالة آجال الاستحقاق وتقليص مخاطر أسعار الفائدة وسعر الصرف. وتشمل هذه الاستراتيجية تعزيز اللجوء إلى القروض الميسرة، وتنمية سوق سندات الخزينة، وتوسيع قاعدة المستثمرين المحليين. وفي هذا السياق، تعمل وزارة المالية على مواصلة تطوير أدوات التمويل المبتكرة لتأمين حاجيات الخزينة في أفضل الشروط.
وبينت المعطيات ذاتها أن حجم الاقتراض الداخلي خلال سنة 2024 تجاوز 200 مليار درهم، في حين بلغت عمليات سداد أصل الدين حوالي 120 مليار درهم. أما التمويل الخارجي فتم في معظمه عبر اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف بقيمة تناهز 40 مليار درهم (أي ما يعادل تقريبا 3,9 مليارات دولار). وذكرت الوزارة أن هذه العمليات تندرج ضمن برمجة سنوية لحاجيات التمويل، يتم تحيينها بانتظام وفق تطور الوضعية المالية للخزينة ومستوى العجز المسجل.
الحكومة تعتزم اقتراض 123 مليار درهم في 2026، ضمنها 6.5 مليار دولار من الخارج
الكاتب : عماد عادل
بتاريخ : 29/10/2025

