الحلاقة.. مهنة كشفت «كورونا» عن هشاشتها واستعجالية إعادة هيكلتها

باتت أسر ممتهنيها عرضة للمجهول

من بين «المحلات الخدماتية» التي طالها قرار الإغلاق، على خلفية فرض حالة الطوارئ الصحية بالبلاد، وما تولد عنها من متغيرات ومستجدات قلبت إيقاع يوميات المواطنين بمختلف المدن والقرى، رأسا على عقب، محلات الحلاقة بنوعيها العصري والتقليدي.
إغلاق أربك حسابات آلاف المرتبطين بهذا «القطاع الخدماتي» الحيوي، قياسا لما يخلقه من فرص للشغل، حيث يوفر المحل الواحد، في المعدل، مدخول أكثر من أسرة واحدة، «بل إن محلات عديدة أضحت، في السنوات الأخيرة، تشغل ثلاثة عمال بشكل دائم وقد تستعين ببعض المساعدين المؤقتين خلال حلول بعض المناسبات، كالأعياد الدينية أو الأعراس مثلا « يقول أحد الحلاقة ممن أمضوا سنوات طويلة في هذه المهنة.
«لقد عرف القطاع ، في السنوات الأخيرة، استثمارات مالية مهمة – من قبل بعض المهاجرين العائدين لأرض الوطن مثلا – بغرض تحديث المحلات في ما يخص إعادة تشكيل هندستها وتوسيعها وكذا اقتناء عتاد عصري يستجيب لرغبات الزبناء المتجددة والمتغيرة باستمرار مع تعاقب الأجيال «يشرح حلاق شاب اعتاد التعامل، أساسا، مع الفئات العمرية اليافعة، والتي تميل أكثر لمسايرة آخر صيحات «الموضة» التي تعج بها وسائل التواصل الاجتماعي.
يقول «ر»، في بداية العقد الرابع من العمر، أب لطفلين، مارس مهنة الحلاقة منذ أزيد من عقدين في أحياء بيضاوية عديدة: «كان قرار الإغلاق صادما، ليس فقط بالنسبة لي، وإنما للعشرات من المهنيين الذين أعرفهم، ممن باتت أسرهم عرضة للمجهول بعد أن فقدوا مصدر قوتهم الوحيد»، مضيفا «أنا شخصيا المسؤول الأول عن توفير مصاريف أسرتي الصغيرة بكافة المتطلبات الأساسية للمعيش اليومي، إلى جانب مساعدة الوالدين المتواجدين بمسقط الرأس بأحد دواوير منطقة دكالة. فكيف بمقدوري الحصول على مدخول ما، وباب المحل الذي أكتريه بحي الألفة ، بات موصدا في وجه الزبناء؟ « يتساءل بحرقة، مختتما حديثه بالتضرع إلى الله تعالى «بأن يفرج عن عباده هذه الكربة قريبا».
«إن هذه الأزمة، الناتجة عن تداعيات الإجراءات والتدابير الاحتياطية المتخذة من أجل منع تفشي فيروس كورنا المستجد «كوفيد – 19»، كشفت عن مدى هشاشة هذا القطاع ، الذي يعاني من نقائص متعددة الأوجه، والمحتاج لتدخل ناجع من قبل الجهات المسؤولة ذات الاختصاص، من أجل العمل ، بتنسيق مع المهنيين ، على إعادة تنظيمه بشكل تؤطره القوانين الحافظة لحقوق المنتسبين إليه، والمانعة لتسرب بعض الدخلاء على المهنة، الباحثين عن الربح السريع ولو على حساب سمعة القطاع وكرامة العاملين به» تجمع آراء بعض القريبين من الميدان، لافتين إلى «أن محلات الحلاقة تحسب من الناحية الإدارية على قطاع الصناعة التقليدية، فيما تحسب المدارس المختصة بالتكوين على قطاع التكوين المهني».
«في الماضي كانت رخصة فتح محل للحلاقة تمنح للمتقدم بالطلب بعد تزكية «أمين الحلاقين»، غير أن هذا المنصب لم يعد معمولا به منذ نهاية القرن الماضي بعد أن شهد القطاع بعض المتغيرات «يقول أحد الحلاقة من ذوي الخبرة في الميدان، مؤكدا على «استعجالية العمل على تحصين القطاع بما يتناسب وطبيعته الخدماتية، لمنحه مقومات الصمود أمام الهزات / المفاجآت الطارئة – كما هو شأن الظرفية العسيرة الراهنة – مع التفكير في إرساء نظام تعاضدي يستفيد منه ممتهنو الحلاقة، ما يتيح لهم ضمان تقاعد مناسب يخفف على الواحد منهم، ولو جزئيا، من وطأة مرحلة عدم القدرة على مواصلة العمل».


الكاتب : حميد بنواحمان

  

بتاريخ : 28/04/2020