«الحياة السرية للأشجار» للكاتب الشيلي أليخاندرو سامبرا

 

يشكل الانتظار عاملا محفزا لتبلور الحدث في هذه الرواية،حيث ينتظر جوليان عودة زوجته فيرونيكا، ولدفع ثقل الإحساس بوطأة الانتظار، يعمد زوج الأم إلى اختراع حكاية يرويه لدانييلا ابنة الزوجة، لكي تنام، في ليلة واحدة تأطر الزمن الروائي، الذي تداخلت أحداثه بين الحكاية المروية وحكاية تتخلق من رحمها بماهي مشروع رواية تكتبها السارد:( إذا، سوف تتواصل الرواية ما دامت فيرونيكا لم تعد. لا توجد في الوقت الحاضر صور، ولا موسيقى في خلفية الحدث.)ص 66. وقد ظل السؤال عن فيرونيكا محركا ديناميا لنمو الحدث، سواء بالنسبة لدانييلا: (تستيقظ دانييلا. إنها دائما ما تستيقظ منتصف الليل، والآن تشير عقارب الساعة إلى الثانية عشرة. تسأل الطفلة خوليان بصوت مكتوم ودامع، أن يهدئ روعها. يقول خوليان: إن أمك سوف تصل قريبا.) ص54. بينما عمل نفس السؤال على بلورة تصور خوليان لروايته:( لكن هذه الليلة ليست ككل الليالي، على الأقل حتى الآن. ليس هناك يقين تام أنه سوف يصبح هناك يوم جديد، ذلك أن فيرونيكا لم تعد بعد من درس الرسم. وعندما تعود فيرونيكا تنتهي الرواية.) ص15.
على مستوى التوازي الحكائي، تتقابل حكاية الأشجار مع حكاية شخصيات هذا العمل، حيث يصير الليل زمنا للبوح وترجمة الأحاسيس: ( في عزلة الحديقة، كانت الأشجار تتحدث عن الحظ السيء لشجرة بلوط، فلقد اثنان من الناس، اسميهما رمزا لصداقتهما على لحاء الشجرة. قالت شجرة الحور: ليس من حق أحد أن يضع وشما عليك دون موافقتك.)ص 15.
علاقة الإبداع بتيمة الانتظار علاقة بنيوية، وقد سجل تاريخ الإبداع الإنساني تجارب خالدة في شتى التعبيرات ، في الشعر والنثر والتشكيل والسينما والمسرح الذي يكفي أن نستحضر ضمنه خالدة بيكيت « في انتظار جودو».
ألا يشكل الفعل الإبداعي مقاومة لتبديد كل أشكال الانتظار، بما فيها انتظار عمل إبداعي للانتظار على لحظة العجز ونضوب المتخيل؟»


الكاتب : عبد النبي دشين

  

بتاريخ : 05/03/2024