أثار قرار تعليق نشاط العبور التجاري عبر المعبر الحدودي لمدينة مليلية المحتلة تساؤلات متزايدة في الأوساط الإسبانية، بعد أن أفادت مصادر محلية بأن السلطات المغربية أوقفت مرور البضائع في الاتجاهين، في إطار عملية تنظيم تدفقات السفر خلال فترة الصيف. وزارة الخارجية الإسبانية أكدت من جهتها أن الإجراء يندرج ضمن بنود الاتفاق الثنائي الموقع قبل ستة أشهر، والذي ينص على إمكانية «تعديل أو تعليق مؤقت» لعبور السلع خلال فترات الذروة، مثل عملية «مرحبا» التي تمتد من 15 يونيو إلى 15 شتنبر.
ورغم عدم صدور بلاغ رسمي بشأن الخطوة، أكدت مصادر من الوزارة لوكالة الأنباء الإسبانية «إيفي» أن الاتفاق لا يزال ساري المفعول، ويخول للطرفين إمكانية تنظيم حركة الجمارك بما يتناسب مع الظرفية الموسمية، خاصة خلال فترة عودة الجالية المقيمة بالخارج. وأوضحت أن السلطات الجمركية في كل من إسبانيا والمغرب «تنسق من أجل التوفيق بين عبور المسافرين وحركة البضائع»، بما ينسجم مع متطلبات عملية العبور.
وجاء الحديث عن التعليق المؤقت للأنشطة التجارية عقب إبلاغ مصالح الجمارك الإسبانية من قبل نظيرتها المغربية، عبر مراسلة إلكترونية، بعدم السماح بمرور البضائع في كلا الاتجاهين خلال فترة العملية. وتم تداول هذه المعلومات في أوساط الفاعلين الاقتصاديين المحليين في مليلية المحتلة، بعد أن واجهت إحدى الشركات صعوبات في تنفيذ عملية تصدير، تعذر من خلالها إدخال شحنة من الأجهزة المنزلية إلى المغرب منذ الخميس الماضي.
وفي هذا السياق، شددت وزارة الخارجية الإسبانية على أن الاتفاق الموقع مع الرباط يتضمن آلية مرنة تتيح تكييف حركة المبادلات التجارية مع حجم الضغط الذي تعرفه المراكز الحدودية خلال فصل الصيف، دون أن يعني ذلك إلغاء أو تعليقا دائما لنشاط المعابر.
وتبقى تفاصيل الاتفاق بين البلدين غير منشورة للعموم، وهو ما يبقي مسألة تفسير بنوده محل اجتهاد من الطرفين. ورغم ذلك، يتمسك الجانب الإسباني بكون التنسيق مع المغرب لا يزال قائما، وأن تعليق عبور البضائع يدخل في إطار تدابير مؤقتة متفق عليها لضمان انسيابية حركة ملايين المسافرين الذين يعبرون في اتجاه بلدانهم الأصلية.
وفي مدينة سبتة المحتلة المجاورة، لم يتضح بعد ما إذا كانت الإجراءات ذاتها ستطبق، إذ أكدت مندوبية الحكومة أنها بادرت إلى طلب توضيحات من مدريد بشأن الوضع القائم، في انتظار صدور توجيهات رسمية توضح طبيعة المرحلة المقبلة.
ويشار إلى أن المعابر الحدودية بين المغرب ومدينتي سبتة ومليلية المحتلتين كانت قد شهدت خلال السنوات الماضية تحولات عميقة، في سياق مراجعة شاملة لمنظومة التدبير الجمركي بين البلدين، بما يشمل التوجه نحو إدماج المعابر في دينامية تعاون اقتصادي أوسع.
في هذا الإطار، يأتي التنسيق الجمركي خلال عملية «مرحبا» باعتباره تحديا لوجستيا دقيقا، تسعى من خلاله الرباط ومدريد إلى تيسير عبور الأفراد دون التأثير سلبا على المبادلات التجارية، مع ما يتطلبه ذلك من إجراءات ظرفية قد تشمل تعليقا مرحليا لبعض الأنشطة. ويؤكد الطرفان في أكثر من مناسبة التزامهما بتطوير العلاقات الثنائية، وفق رؤية قائمة على الحوار والتنسيق الميداني المستمر.