الخليج غارق في أزمة قطر رغم انتكاسات خطوة المقاطعة

يشكل حكم محكمة العدل الدولية بشأن الخلاف بين قطر وجيرانها حول حظر الطيران المفروض على الدولة الثرية ضربة لجهود البلدان المقاطعة بقيادة السعودية، لكن هذه الدول لا تبدو مستعدة لإنهاء الخلاف رغم الضغوط الدولية المتزايدة لوضع حد له.
ولم تسفر جهود الوساطة التي تقودها الولايات المتحدة في هذا الصدد عن نتائج ملموسة وسط تقارير عن معارضة من قبل الإمارات، ما يشكل عقبة أمام هدف واشنطن القائم على توحيد حلفائها والتركيز على هدفها الاستراتيجي الرئيسي وهو كبح عدوتها اللدود إيران.
ودعمت محكمة العدل الدولية، الهيئة القضائية العليا التابعة للأمم المتحدة، قطر الثلاثاء في نزاعها المرير المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات بشأن حصار جوي فرضته عليها السعودية والإمارات والبحرين ومصر في بداية الأزمة في يونيو 2017.
وجاء هذا الحكم بعدما انتقدت منظمة التجارة العالمية الرياض الشهر الماضي لما اعتبرته فشلا من قبل السلطات السعودية في حماية حقوق الملكية الفكرية لشبكة «بي ان سبورت» الرياضية القطرية التي تملك الحق الحصري لنقل مباريات كرة القدم العالمية في المنطقة.
وتثير الضربة المزدوجة تساؤلات جديدة حول جدوى المقاطعة لقطر وقد دخلت عامها الرابع على الرغم من تحذيرات واشنطن من أن النزاع قد يؤدي إلى تقويض جهودها للتعامل مع إيران.
وقال نبيل نويرة المحلل المستقل في واشنطن لوكالة فرانس برس إن «قرار محكمة العدل الدولية يمثل ضربة أخرى للحلف الرباعي الذي تقوده السعودية».
وأضاف «انه يكشف (…) مبرراتهم الضعيفة لدى عرضها أمام هذه الهيئات المعترف بها دوليا».
ويسمح قرار محكمة العدل الدولية لقطر بالطعن في قيود الحظر الجوي التي فرضتها عليها الدول الأربع في جلسة استماع أمام منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو)، هيئة الطيران التابعة للأمم المتحدة.
واعتبرت قطر أن الحكم يعني أن الدول المحاصرة «ستواجه أخيرا» العقاب لانتهاكها قواعد الطيران.
وثمن تغيير الطرق القسري لرحلات الخطوط الجوية القطرية لا يؤثر فقط على تكلفة الوقود لدى شركة الطيران التي تعتبر من الاهم في المنطقة.
فقطر تدفع ما يقرب من 133 مليون دولار، بحسب وسائل الإعلام الإيرانية، لصالح طهران سنويا مقابل السماح لطائراتها بعبور الأجواء الإيرانية، الأمر الذي قد يقوض حملة الضغوط القصوى بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمحاصرة إيران اقتصاديا.
وقال ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى خلال ندوة في «معهد الشرق الأوسط» الشهر الماضي «نركز (الجهود) ونعمل على محاولة إصلاح الخلاف الخليجي».
وأضاف «نعتقد أن ه مصدر إلهاء يبعدنا عن تهديداتنا المشتركة (…) ولا نعتقد انه من المفيد أن تدفع قطر رسوم عبور المجال الجوي لإيران».
وأفادت شبكة «فوكس نيوز» الأسبوع الماضي أن واشنطن كانت على وشك التوسط للتوصل إلى اتفاق لإنهاء المقاطعة هذا الشهر بعد مناقشات رفيعة المستوى مع قادة السعودية وقطر والإمارات.
لكن في اللحظة الأخيرة طلبت الإمارات من السعودية وقف دعم هذه الجهود، دون إبداء أسباب.
ولم ترد السلطات السعودية على طلب للتعليق.
وفي حال تأكدت المحادثات السرية هذه، فإن ها تمثل انهيارا جديدا للجهود المبذولة لإنهاء الخلاف بعد فشل حوار سعودي قطري مماثل في أواخر عام 2019.
ورأى كريستيان أولريشسن الباحث في «معهد بيكر» التابع لجامعة رايس في الولايات المتحدة أن «الكثير من العداء الذي ول د الحصار في 2017 بدأ في أبوظبي أكثر منه في الرياض (…) ولا يمكن أن ينتهي الخلاف بالكامل إلا عندما تكون القيادة في الإمارات مستعدة للمضي قدما».
وتابع أنه مع قيام الرياض «بموازنة الضغط الأميركي لرفع قيود المجال الجوي والضغط الإماراتي للحفاظ على وحدة الدول في مقاطعتها (لقطر)، فقد تتجنب القيادة السعودية القضية لتفادي الاضطرار إلى اتخاذ قرار صعب في كلتي الحالتين».
وقطعت الدول الأربع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر بعدما ات همتها بدعم جماعات مسلحة متطر فة في المنطقة وبناء علاقات وثيقة مع إيران على حساب علاقاتها مع جيرانها في الخليج، وهو ما تنفيه الدوحة.
واشترطت على قطر تنفيذ 13 مطلبا لإنهاء المقاطعة بما في ذلك إغلاق قناة «الجزيرة» والحد من العلاقات مع تركيا، وهي مطالب يقول مسؤولون أميركيون إنه من الصعب تلبيتها.
لكن العديد من المراقبين يرون أن الحصار المصمم لخنق قطر وإرغامها على التوافق مع المصالح الخليجية، دفع الإمارة الصغيرة إلى أحضان إيران وتركيا، كما أضر بالمصالح الاستراتيجية للسعودية.
وقد يؤثر قرار منظمة التجارة العالمية سلبا على عملية استحواذ تسعى إليها المملكة بقيمة 300 مليون جنيه استرليني (370 مليون دولار) لشراء نادي نيوكاسل يونايتد الانكليزي بكرة القدم.
وعقب القرار، أقر ريتشارد ماسترز المدير التنفيذي لكرة القدم في الدوري الإنكليزي الممتاز بأن الاستحواذ المقترح «معقد».
وقال مايكل ستيفنس الخبير في شؤون الشرق الاوسط في «المعهد الملكي للخدمات المتحدة» انه يجب «وضع الكبرياء جانبا وإنهاء الخلاف».
واعتبر أنه «لم يتم تحقيق أي شيء مهم، ومن الواضح بشكل متزايد أن العديد من الجوانب القانونية لهذا الأمر (المقاطعة) لم يتم التفكير فيها بشكل جيد، ولها عواقب. هناك مشكلات أكبر تتطلب حلولا».


الكاتب : أ ف ب

  

بتاريخ : 18/07/2020