2 – المسار القضائي في العلاقات المغربية البرازيلية (الحمايات القنصلية)
يجمع المؤرخون المغاربة والأجانب على أن المغرب بلد يضرب في عمق التاريخ بجذور تمتد إلى ما قبل العهود الرومانية والفينيقية والبيزنطية، وفي هذا دليل على أن الرافد الأمازيغي في المغرب شكل منطلق هذا التاريخ وأسس حضارة الشعب المغربي. وعلى العموم استطاع المغرب أن يرسخ مكونات الدولة المغربية من العهد الإدريسي إلى العهد العلوي مرورا عبر مختلف الأسر التي حكمت المغرب. ومن مميزات الدولة المغربية على امتداد العصور أنها حرصت على ربط الجسور مع دول البحر المتوسط وإفريقيا جنوب الصحراء والمشرق العربي والإسلامي ودول عبر المحيط الأطلسي. وهذا ما تسنى لها أن تقيم علاقات دبلوماسية وطيدة مكنتها أن تتبوأ مكانة دولية عززتها بما راكمته من إنجازات تمثلت في تنظيم سفارات وبعثات إلى كثير من الدول، وكذلك من تمكين هذه الأخيرة من فتح قنصليات لها على التراب الوطني.
وهي إنجازات تعود أكثر إلى القرن الثامن عشر، حيث استطاع من خلالها المغرب أن يكسب مقومات النهضة وبناء جسور الحداثة.
إن هذه المحطات البارزة في تاريخ المغرب المجيد جديرة بالاهتمام بها والعودة إليها من منظور جديد حتى يستطيع القارئ المهتم اليوم أن يقيس مدى حضارة بلاده وعمق تجذرها في الفضاء الجهوي الذي تنتمي إليه. وفي هذا الإطار ارتأينا أن نقدم جانبا من إصداراتنا التي انكبت على هذا الموضوع، تضيء بالخصوص العلاقات التي نسجها المغرب مع دول أوروبا وأمريكا اللاتينية. يتعلق الأمر في هذا المقال بتقديم كتاب (العلاقات المغربية النمساوية – الهنغارية: تاريخ وذاكرة المشتركة)، والذي نشره مجلس الجالية المغربية بالخارج سنة 2020، والذي نتمنى أن يجد فيه القارئ المهتم مادة دسمة حول عراقة هذه الدبلوماسية وما اتسمت علاقات المغرب الخارجية من زخم على أكثر من مستوى.
استفادت البرازيل في إطار علاقاتها مع الدولة المغربية من الأوفاق والمعاهدات الثنائية والدولية المبرمة بين المغرب والدول المعنية من الامتيازات التي خولتها لها هذه الاتفاقيات، وخاصة في شأن منح التجنيس والحمايات القنصلية،الشيء الذي خلف اضطرابا مجتمعيا، أصبح فيه المجتمع المغربي عبارة عن فسيفساء من الجنسيات والحمايات، ولم يبق للسلطان سوى عرش شاغر من الرعايا وذلك بحسب تعبير السلطان المولى الحسن نفسه.و غدا المغرب مرمى للتجاذبات السياسية للقوى الاستعمارية الطامحة لانتزاع نصيبها من التقسيم الخرائطي للكرة الأرضية.وكان من نتائج ذلك ما خلف من نزاعات اتخذت الصبغة القانونية حينما تعلق الأمر بانسلاخ المغاربة من رعايا السلطان إلى رعايا الدول المانحة للجنسيات والحمايات. وقبل التفصيل في رصد المسار القضائي لما أفرزته ظاهرتا التجنيس والحماية، لابد من إثارة نظام الامتيازات الذي استغلته الدول الأجنبية بمغرب القرن التاسع عشر.
تعود الجذور الأولى لظاهرة الحماية القنصلية إلى نظام الامتيازات التي حصلت عليها الدول المتعاقدة مع المغرب عبر اتفاقيات ومعاهدات في مختلف العهود، ولا سيما في القرن الثامن عشر. ومن هاته الأوفاق ما كان يتعلق باستيطان الأجانب: من قناصل ووكلاء وتجار، وذلك بالثغور الأطلسية دون المدن الداخلية. وكان الاستيطان سهلا، كما كان المغرب مهيب الجانب مخطوب الود. ومن الحكومات المتعاقدة، السويد(16 ماي 1763)، وفرنسا (28 ماي 1767)، والدانمارك (25 يوليوز1767)، والبرتغال (27 نونبر 1773). أما في القرن التاسع عشر، فنجد بريطانيا العظمى (9 دجنبر 1856)، وإسبانيا ( 20 نونبر 1861)، بقطع النظر عن غيرهما.( نشرت نصوص هاته المعاهدات في مراجع مختلفة، كما صدرت مقتطفات منها في ” الوثائق” المجموعة الرابعة في صص. 125 و129 و133 و137 و139 و151 على التتابع).
وفي هذا الإطار نعرض طريقة الاستيطان التي سهلت مأمورية استفحال ظاهرة الحمايات القنصلية بمغرب القرن التاسع عشر ، حيث ما أن يستقر المهاجر كيفما كانت وضعيته (تاجرا،موظفا في السلك الدبلوماسي…) حتى يطلب منه اتخاذ مواطن مغربي شريكا له، أو سمسارا لتجارته المستوردة أو المصدرة، وذلك شيء لا يبخل به عليه القنصل، الذي يحيل الأمر على السفير الذي يعرض – بدوره- القضية على وزارة الخارجية المغربية بطنحة، ولا يبقى سؤال العامل عن السمسار والمحمي، واستفهام الأمين عن التاجر المستوطن. يبحث القائد عن المحمي، فيكون جوابه تارة القبول، وتارة الرفض، لأنه ”متبوع للمخزن”، أو ”تقعد على مال له بال”، أو لأنه شيخ أو جندي.
أما أمين المرسى فيستفسر عن التاجر وهل له تجارة في الداخل أو الخارج. كما يستفهم النقيب إن كان المعني من ذرية الأشراف. فإذا جاز الأمين والنقيب والقائد، زكى المخزن تسمية السمسار الذي يظل اسمه مسجلا، في لائحة رسمية سنوية، طيلة أعوام مديدة. وهكذا لا يستطيع المخزن رفضا لأمر واقع، ولا يقدر المغرب على خرق معاهدة ثنائية أو دولية صادق عليها طوعا أو كرها، ولا مواجهة وتهديدا بأسطول، ولا إكثارا من الشنآن. ومن الجائز أن تعطى موافقة القائد والأمين في مقابل أجر معلوم أو مجهول، وأن تكون شهادة التاجر أو القنصل بحمايته لمواطن مغربي بضاعة تباع دون خجل بالأسواق وتحت الخيام… ومتى اتسع الرزق، اتخذ المستوطن الأجنبي خلطاء أيضا في الفلاحة، إضافة إلى التجارة المحللة، وحتى المحرمة من نخاسة وحماية.
ساهمت الحماية القنصلية إذن، في تهافت الدول الأجنبية على وضع قدم لها بالمغرب خلال القرن التاسع عشر، ودول أمريكا الجنوبية من بين هذه الدول، حيث بادرت – رغم بعد المسافة – إلى ربط علاقات متميزة مع المغرب، وهذا بالطبع يعود بالدرجة الأولى إلى أخبار المغرب التي وصلت إلى دول أمريكا الجنوبية من خلال المستعمر البرتغالي والإسباني الذي كان يسيطر على تلك المناطق من العالم، من جهة، والهجرات المغربية إلى هذه الدول من جهة أخرى. كما أن المغرب كان من بين أوائل الدول العربية والإفريقية التي استضافت تمثيليات دبلوماسية من دول أمريكا الجنوبية، وكذلك من بين أوائل الدول التي اعترفت باستقلال عدد كبير من دول أمريكا الجنوبية عن الاستعمار الأوروبي. وفي هذا الصدد أولى سلاطين المغرب أهمية كبيرة لتوسيع العلاقات الخارجية والانفتاح على أمم وشعوب من مختلف أنحاء العالم. وقد أدى هذا الانفتاح إلى أن جعل من مدينة طنجة مركزا إشعاعيا يدل على انفتاح المغرب على مختلف الأجناس والديانات، فقد اتخذت مجموعة من الدول مدينة طنجة مركزا لإقامة تمثيليات لدى سلاطين المغرب.
أدى موضوع الحمايات إلى احتكاكات بين سلطات البلاد وشريحة من المجتمع المغربي، ونشأت أيضا مبالغة في تفويت الحمايات، الأمر الذي كان بصفة عامة ثمرة مقايضات تهم مباشرة الأعوان القنصليين. ولإيقاف هذه الظاهرة أقدم المغرب على الدعوة إلى مؤتمر دولي بمساعدة بريطانيا، البلد الذي وجدت معه علاقات وداد وثقة بفضل قنصله السيد دروموند هاي. واعتبارا للعلاقات الطيبة التقليدية التي تربط بريطانيا مع كل من المغرب والبرازيل، فقد طلب من الحكومة البريطانية أن تعمل على إقناع إمبراطورية البرازيل المشاركة في مؤتمر مدريد.
وتجدرالإشارة إلى ملاحظة التريث الذي صبغ الموقف البرازيلي إزاء هذا العرض. وقد أبلغ السفير البريطاني في بتروبوليس السير فرانسيس كلارك إلى حكومته في تقرير بتاريخ 19/12/1879 أن وزير الخارجية البرازيلي السينيور موريرا دي باروص قد قبل الدعوة ولكن بشرطين:
1. إن الموقف البرازيلي سيكون مطابقا بالتمام لما ينص عليه الدستور البرازيلي.
2. سيؤيد الوفد البرازيلي فقط المواقف التي يوافق عليها أغلبية المشاركين.
وقد انعقد المؤتمر المشار إليه بمدريد في 1880، ولم ينل تأييد البرازيل، وذلك كدليل على ميل أكيد للبقاء بعيدا عن حالة شائكة. وورد في رسالة الدبلوماسي الإنجليزي أن الوزير البرازيلي يقبل ملاحظات الوزير المغربي محمد بركاش المتعلقة بالمبالغة في التجاوزات، خاصة فيما يتعلق بتعيين أعوان قنصليين من بين رعايا ملك المغرب. لكنه لا يقبل أن يخضع المكتسبون للجنسية البرازيلية إلى التشريع غير البرازيلي، لأن ذلك مخالف للدستور البرازيلي. وعلى أي حال فإن السفير الإنجليزي يوضح في رسالته المشار إليها، أن عدد المغاربة المكتسبين للجنسية البرازيلية لا يزيد عن خمسة آنذاك.
في هذا السياق تم تحضير مؤتمر مدريد 1880 وكانت الدبلوماسية المغربية تراودها أحلام بشأن ذلك المؤتمر. وسبقت ذلك المؤتمر أولا اتفاقية 1863 بين وزير الخارجية المغربي محمد بن إدريس العمراوي، والوزير المفوض الفرنسي بيكلار. وانضمت بعض الدول إلى الاتفاقية المذكورة، كمرجع في ممارسة الحمايات. وانطبع عهد محمد الرابع (1859- 1873) بكامله بمقاومة التجاوزات التي كان يرتكبها القناصل الممعنون في منح شهادات الحماية دون التقيد بما تم من إيفاد السفير با محمد الشركي في مهمة كانت قليلة الجدوى، في فرنسا سنة 1866.
وقام الخلف، الحسن الأول (1873- 1894) بإيفاد السفير محمد الزبدي إلى كل من فرنسا وبلجيكا وانجلترا وإيطاليا في سنة 1876، وعاد السفير من جولته بوعود ملتبسة” وكل دولة كانت تمتنع عن التنازل عن أي امتياز مهما كان تافها، ما لم تبد باقي الدول نفس التنازل”.
وعلى إثر ذلك كلف مولاي الحسن وزيره في الخارجية محمد بركاش بدعوة ممثلي الدول المعتمدين لدى الحكومة المغربية في طنجة، لإجراء سلسلة من الاجتماعات قصد التأمل في مشكل التجاوزات. واستمرت تلك الاجتماعات ثلاث سنوات. وحينما تم التأكد من أن القناصل لم يكونوا يتعاونون بكيفية ملائمة. بل كانوا يتصرفون أحيانا خلافا لما يقع الاتفاق بشأنه مع حكوماتهم، ظهرت بعد عدة اتصالات، فكرة لم يكن الوزير المفوض الإنجليزي غريبا عنها، (السيد دروموند هاي) وهي تنظيم مؤتمر دولي حول المسألة يعقد خارج المغرب .
وبالفعل، جرى بمعونة بريطانيا العظمى إعداد هذا المؤتمر في مدريد سنة 1880. ويرصد العدد 5 من سلسلة ” الوثائق” التي تصدرها مديرية الوثائق الملكية، نصوص جميع المراسلات الموجهة إلى مختلف الدول لدعوتها إلى المشاركة في المؤتمر المذكور. وهذه الدول هي: فرنسا، النمسا، هولندا، الدنمارك، إسبانيا، إيطاليا، السويد، البرتغال، بلجيكا، ألمانيا،الولايات المتحدة،البرازيل. وتحمل المذكرة البريطانية الموجهة إلى هذه الدول عبر السفراء البريطانيين في عواصمها،تاريخ 7/10/1879. وكانت ترمي إلى تنظيم المؤتمر المذكور بدون حضور القناصلة المعتمدين في طنجة، على أن يتم تمثيل الدول بواسطة معتمدين مفوضين لترتيب تسوية نهائية لمشكل الحمايات.
تكلفت الخارجية البريطانية بتبليغ الدعوة إلى مؤتمر مدريد، وبتاريخ 19 دجنبر 1879 وجه السفير البريطاني السيد فرانسيس كلير فورد، من بيتروبولويس تقريرا إلى وزارته تحدث فيه عن المحادثة التي أجراها مع وزير الخارجية البرازيلي السيد موريرا دي باروص( أنطونيو موريرا دي باروص عين وزيرا للخاجية والحرب في 4/6/1879) بشأن مشكل التجاوز في منح الحمايات بالمغرب. وتعرض الدبلوماسي البريطاني في البداية لمشكلة الاعتراضات التي أبداها ممثل البرازيل في طنجة فيما يتعلق بالمطلب المغربي الخاص بإخضاع المتجنسين المغاربة في البرازيل إلى القوانين المغربية، لدى عوتهم إلى المغرب.
وبالنسبة لهذه المشكلة صرح الوزير دي باروص بأن الحكومة البرازيلية تحذوها رغبة قوية لوضع حد لهذه المشكلة المضطربة، غير أنها لا تستطيع أن تسحب الحماية عن أولئك الأفراد، لأن ذلك يعني خرقا للدستور البرازيلي.
والنقطة الثانية التي أثارها السيد كلير فورد كانت تتعلق أساسا بالذات بالمؤتمرالمقترح عقده في مدريد أو في أي بلد آخر. وقد قبل الوزير البرازيلي الدعوة مع بيان أنه سينهي إلى مندوبه تعليمات في اتجاه أن يصوت:
1. بما يتطابق مع ما تميل إليه الأغلبية.
2. بما لا يتناقض مع دستور بلده.
وفي النهاية يروي السفير البريطاني أن السيد دي باروص يقر بالرأي الذي عبر عنه وزير الخاجية المغربي السيد محمد بركاش، فيما يتعلق بأن الحصانة التي يتمتع بها عون قنصلي مغربي، لا تتعداه إلى أشخاص آخرين ليسوا من عائلته. وعلى أي حال فإن تعليمات قد أعطيت لممثل البرازيل بطنجة لكي لا يعين أحد رعايا ملك المغرب، في منصب عون قنصلي ( أنظر النص في العدد 5 من سلسلة الوثائق، التي تصدرها مديرية الوثائق الملكية).
وبسبب قصور في الفهم – كما يرجح عبد الوهاب بن منصور – أو بسبب تعقيدات بيروقراطية معينة، لم تميز الخارجية المغربية بين التجنس أي اكتساب جنسية أخرى وبين الاحتماء وهي درجة أدنى. وفي نهاية الأمر، فإن الظهير المنصوح به من لدن السيد د. هاي لم يصدر قط، وكل محتم يعتبر متجنسا، وظل المشكل على هذه الحال قائما برمته.
وتجدر الإشارة إلى أن القناصل الأجانب بالمغرب يكادون يمثلون سلطة منفصلة. وكان ممثل سلطان المغرب يجتمع معهم، ممثلا صوته المنفرد، عاجزا أمام الإصرار الذي يبديه السلك القنصلي الذي كان يتصرف أحيانا، بدون أخذ رأي الحكومات التي يمثلها. وهذا بالذات ما أدى إلى التفكير في عقد مؤتمر دولي حول الحمايات بدون حضور القناصل المعتمدين بطنجة.
وكان نشر الحماية على أشخاص لا ينتمون إلى عائلة المحمي، مصدر شكوى من لدن الحكومة المغربية. وكانت الحكومة البرازيلية تصدر تعليماتها إلى ممثلها في اتجاه اجتناب ما تشكو منه الحكومة المغربية. وقد رأينا أن التعليمات الموجهة إلى قنصل طنجة توضح أن أبناء المحمي المولودين قبل التجنيس ليسوا مشمولين بالقوانين البرازيلية.
وبصفة عامة فإن التعليمات الموجهة إلى قنصل البرازيل في طنجة كانت دقيقة ومختلفة في روحها عن تعليمات باقي الدول التي كان لها تحرك في المغرب، تحذوها مآرب لم يكن قد وقع التصريح بها بعد. وكان القناصل الأوروبيون،ومنهم كولاصو- الذي كان يمثل البرتغال والبرازيل معا- أكثر مرونة، وذلك بغرض تنمية عدد المحميين، لامتلاك أوراق تمكن من تنمية النفوذ في المغرب. وفي هذا الصدد، كانت البرازيل، كما يتضح من مختلف المذكرات الموجهة من قبل الحكومة الإمبراطورية إلى قنصلها في طنجة، غريبة عن المناورات المحاكة من لدن القناصل الأوروبيين في طنجة بمشاركة ممثله جوزي دانييل كولاصو. وقد اتسم موقف البرازيل بالحذر تجاه مؤتمر مدريد، ما أدى إلى الميل في النهاية إلى عدم المشاركة في المؤتمر المذكور. ونعلم من خلال مختلف الوثائق أن الحكومة البرازيلية لم تنضم إلى الأوفاق الناتجة عن مؤتمر 1880 الذي لم يكن سوى مقدمة لاغتصاب السيادة المغربية. وكانت نتيجة ذلك المؤتمر، عكس ما كانت ترمي إليه الحكومة المغربية، أي أنه بدلا من إيقاف التجاوزات، ثم ترسيمها إذ أن الدول المشاركة في المؤتمر المذكور، وخاصة المتصدرة مثل فرنسا وإسبانيا وانجلترا وإيطاليا تناورت في سياق التحضير للمقايضات الترابية اللاحقة على حساب المغرب الذي كان هدفا رئيسيا، باعتباره البلد الأخير من العالم العربي وإفريقيا، الذي كان مستمرا في مقاومة الاحتلال الأجنبي، هذا الاحتلال الذي لم يحدث إلا سنة 1912.
وقد روى قنصل البرازيل أضونيرام بطنجة في رسالة بتاريخ 30/5/1900 أن عميد السلك القنصلي بالمدينة الإسباني أوخيدا، أبلغه أن السلك القنصلي بطنجة قرر إيقاف عضوية البرازيل بسبب عدم انضمامها لاتفاقية مدريد 1880، والحال أن محمييها استمروا في التمتع بكل الامتيازات.
لقد تابعت البرازيل خلال حوالي ثلاث سنوات بحذر- على مستوى وزارة الخارجية- مشكل التجاوز في الحمايات . فطرحت مشكل: ازدواجية الجنسية.
(*) عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس – فاس (جامعة سيدي محمد بن