ينطلق اليوم الاثنين 8 شتنبر 2025 الموسم الدراسي الجديد2025/2026 بشكل إلزامي ورسمي بعد التحاق تدريجي للأطر التربوية والإدارية ومختلف المستويات التعليمية بداية من الأسبوع الماضي، وسيلتحق أزيد من سبعة ملايين تلميذة وتلميذ بمدارسهم سواء بالتعليم العمومي أو الخصوصي في سياق خاص يهيمن عليه تسريع ورش إصلاح التعليم .
وسيطبع هذا الموسم رؤية الوزارة الوصية الخاصة بتعميم تجربة «مدارس الريادة»، التي حققت نتائج أولية مشجعة في تحسين التعلمات وتقوية كفايات التلاميذ في اللغات والرياضيات والعلوم، حيث ستواصل التعميم التدريجي لمؤسسات الريادة بالسلك الابتدائي، من خلال إضافة 2008 جديدة، ليصل عددها إلى 4634 ابتداء من هذا الموسم. كما التزمت بمواصلة توسيع شبكة مؤسسات الريادة بسلك الثانوي الإعدادي بإضافة 554 مؤسسة، ليصل إجماليها إلى 786، مع تعميم تدريجي لتدريس الإنجليزية في الإعدادي ورفع نسبة تدريس اللغة الأمازيغية إلى 50% في الابتدائي، وكذا رقمنة الإدارة المدرسية، واعتماد منصات رقمية للتواصل بين المدرسة والأسرة، كما وضعت برامج خاصة لمحاربة الهدر المدرسي ودعم النقل المدرسي خصوصا في القرى، كما ستتم مواصلة تعميم التعليم الأولي وتحسين جودته.
كما تم إطلاق مقررات مدرسية جديدة خفيفة الحجم وبأثمنة غير مسبوقة تراوحت بين 4 و16 درهما، رغم تحفظات الكتبيين قبل التوصل إلى اتفاق يضمن توزيع هذه الكتب بشكل منظم ويأخذ بعين الاعتبار مصالحهم المهنية.
كما أن من ضمن أولويات الوزارة تقليص نسب الانقطاع عن الدراسة، خصوصا في الوسط القروي وشبه الحضري. وقد عززت برامج الدعم الاجتماعي عبر توسيع الاستفادة من النقل المدرسي، وإحداث مطاعم مدرسية جديدة، إلى جانب تأهيل المؤسسات التعليمية وربطها بالماء والكهرباء والإنترنت لتوفير بيئة تعليمية محفزة.
ورغم هذه المجهودات، يظل النقص في الموارد البشرية والاكتظاظ داخل الأقسام من أكبر التحديات المطروحة، حيث يتجاوز عدد التلاميذ في بعض المناطق 40 تلميذا في القسم، مع خصاص في أساتذة مواد أساسية كالرياضيات والفرنسية. كما تستمر تنسيقيات الأساتذة أطر الأكاديميات وجمعية المتصرفين التربويين في المطالبة بتحسين أوضاعهم، ما يثير مخاوف من موجة احتجاجات جديدة قد تؤثر على السير العادي للدراسة، وفي هذا الصدد أكد رئيس رابطة المتصرفين التربويين مولاي امحمد الشهيبات في تصريح للجريدة
أن الرابطة وجهت سلسلة من المراسلات الرسمية إلى الوزارة، طالبت فيها بالإسراع في الاستجابة لملفها المطلبي الذي تعتبره «عادلا وملحا»، مؤكدا أن عدم التجاوب مع هذه المطالب سينعكس سلبا على السير العادي للدخول المدرسي 2025-2026.
وأبرز أن النظام الأساسي الحالي لموظفي الوزارة لم ينصف فئة المتصرفين التربويين، سواء من حيث الاعتراف بخصوصية مهامهم الإدارية والتربوية، أو من حيث تمتيعهم بالحقوق والتعويضات التي يستحقونها
مشددا على أن «الوزارة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالاستجابة لمطالب هذه الفئة، لأن الأمر لا يتعلق فقط بحقوق مهنية بل بمصير المدرسة العمومية المغربية».
من جهة أخرى تعمل الوزارة على تسريع رقمنة التعليم عبر توسيع استعمال اللوحات الرقمية والمحتوى التفاعلي، وربط المؤسسات بالإنترنت عالي الصبيب، وتدريب الأساتذة على استعمال تقنيات التعليم الحديثة، بهدف إعداد جيل متمكن من المهارات الرقمية التي يتطلبها سوق الشغل في المستقبل.
لكن ورغم كل هذه المشاريع، يثير خبراء التربية أسئلة جدية حول مدى تأثير الإصلاحات على أرض الواقع. فنتائج التقارير الوطنية والدولية تكشف أن مستوى التعلمات لا يعرف تحسنا ملموسا. فقد أظهرت نتائج اختبار PISA 2022 أن المغرب احتل المرتبة 79 في الفهم القرائي و76 في العلوم من أصل 81 دولة، متراجعا بثلاث مراكز مقارنة بدورة 2018. كما انخفضت نقاط التلاميذ المغاربة في الفهم القرائي بـ20 نقطة وفي العلوم بـ11 نقطة، بينما سجلت الرياضيات تراجعاً طفيفا بثلاث نقاط. هذه الأرقام تعكس استمرار أزمة التحصيل الدراسي رغم الجهود المبذولة والإصلاحات المتكررة.
ويرى المراقبون أن المشكل لا يكمن فقط في المناهج أو الوسائل البيداغوجية، بل في غياب رؤية تراكمية طويلة الأمد تتيح استقرار المنظومة التعليمية وقياس أثر الإصلاحات قبل الانتقال إلى أخرى جديدة. كما يُسجل تركيز مفرط على الكم بدل الكيف، إذ يتم توسيع العرض المدرسي دون أن يواكب ذلك تحسن حقيقي في جودة التعلمات أو تطوير التفكير النقدي والإبداعي لدى المتعلمين.