الدكتور إدريس الفينة : خطة الإقلاع الاقتصادي بما يناهز 120 مليارا التي تم الإعلان عنها جد طموحة لكنها تحتاج إلى تمويل

– لاشك أن تداعيات كوفيد 19 كانت لها نتائج سلبية على الاقتصاد الوطني، كيف ترون الوضع حاليا؟
تأثر الاقتصاد المغربي كثيرا بجائحة كورونا. حيث من المنتظر أن يتراجع معدل النمو ب 6,6% وتراجعت الصادرات 8,5% والواردات الخارجية ب 16% ومداخيل الساحة ب 57% والاستثمارات الخارجية ب30% والمداخيل الضريبية ب 5,7%. أما معدل البطالة فقفز إلى 11,9% بإضافة مايناهز 430 ألف عاطل جديد. خلال الفصل الأول تحسن معدل النمو ب 0,5% أي أننا انتقلنا من الوضع الأحمر إلى وضع أخضر، ومن المتوقع أن يرتفع معدل النمو ب 15% خلال الفصل الثاني من هذه السنة. بعض القطاعات كالسياحة ستتحسن أوضاعها ابتداء من شهر يونيو المقبل.

– المغرب اتخذ عددا من الإجراءات والتدابير من أجل إقلاع اقتصادي والخروج من الأزمة، ما رأيكم في ذلك؟

خطة الإقلاع الاقتصادي بما يناهز 120 مليارا، التي تم الإعلان عنها جد طموحة لكنها تحتاج إلى تمويل. ونعلم اليوم أن الاقتراض الخارجي وصل لمستويات عليا كما أن درجة الاستثمار التي كان يتوفر عليها المغرب من قبل وكالات التصنيف الدولية فقدها، كل هذا يضع تحديات كبرى أمام تمويل الاستثمارات العمومية الكبرى خلال السنوات المقبلة.

– كيف يمكن للمغرب أن يسرع التنمية بالبلاد ليجابه التحديات وكسب الرهانات؟

إن التحدي الكبير الذي يواجهه المغرب يتمثل أساسًا في كيفية تسريع مسلسل التنمية الشاملة. هذه الأخيرة فقط بمقدورها خلق المزيد من الثروات ومناصب الشغل ورفع القدرة التصديرية للبلاد، وبالتالي تحسين مستوى رفاهية المواطن أينما وجد بالبادية أو المدينة وفي أي مجال ترابي.
هذا يتطلب استراتيجية شمولية تحدد الرؤية والأهداف الكلية التي يجب الوصول إليها خلال سقف زمني محدد وتحديد الإمكانيات المتاحة والموارد والعوائق وكذلك طرق ومصادر التمويل .
لقد اعتمد المغرب، منذ أكثر من عقدين، على عدد من الاستراتيجيات القطاعية، وهو تحول هام في التعاطي بشكل مرن مع مسألة التنمية على مستوى قطاعات إنتاجية محددة تعرف تراكمات إيجابية وأخرى سلبية . لكن تحليل هذا المسار يعطينا الخلاصات التالية :
1- عدد من هذه الاستراتيجيات كان لها فعالية جد محدودة على القطاعات المعنية بها مقارنة مع الأهداف التي سطرتها.
2- غياب التلاقي بين هذه الاستراتيجيات أي غياب الرؤية الشمولية لتنمية البلاد التي تشكل الأرضية الفعلية للاستراتيجيات القطاعية.
3- لم يكن هناك أي طرف مستقل له القدرة على تأكيد جدية هذه الخطاطات وأنها ترقى فعلا لدرجة استراتيجيات قطاعية يجب اعتمادها وأن نتائجها ستكون جدية.
4- عدد من الاستراتيجيات تم اعتمادها وتم الخروج منها بدون اعتماد قواعد مؤسساتية محددة، تدرج في المصادقة في مجلس حكومي ثم مجلس وزاري ولجنة خبراء للمصادقة ثم مرورا بالبرلمان.
5- لم يكن هناك أية مصاحبة موضوعية تقدم لنا التقييم والتصحيح وتحديد مدى التقدم في تحقيق الأهداف المرسومة لهذه المخططات ما عدا تقارير بعض الوزراء التي تغيب عنها الموضوعية.
لم يكن باستطاعتنا، منذ انطلاق الاستراتيجيات الأولى بداية التسعينيات، التأكد من أن هذه الخطاطات التي تقدم بها عدد من الوزراء ترقى فعلا لمرتبة استراتيجيات، ولم يكن باستطاعتنا تحديد جودتها ولا انتقادها لأنها في بدايتها الأولى وكان ضروريًا إعطاؤها فرصة التنفيذ على أرض الواقع.
اليوم وبعد مرور أكثر من خمس عشرة سنة على دخول جلها حيز التنفيذ أصبح بإمكاننا التساؤل عن جودتها وقدرتها على تطوير القطاعات المعنية. فالأرقام المتوفرة الآن تسمح لنا بتقييم موضوعي لمختلف هذه الاستراتيجيات، سواء في الفلاحة أو السياحة أو الصناعة أو الصناعة التقليدية والمقاولات والرقمنة والصيد البحري والتصدير .
الزمن التنموي للبلاد محدود خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر منها. وهو الزمن الذي يحتاج لتدبير دقيق لا مجال فيه للهدر وللتجارب المختبرية ولا يقبل الاستمرار في نفس المغامرات .الميزانيات المرصودة لهذه الاستراتيجيات جد كبيرة، وهو ما يتطلب وضع آليات تسمح بمأسسة هذا المجال الذي تحول إلى نوع من التمارين السهلة لعدد من الوزراء الذين يقترحون استراتيجية غير مؤكدة النتائج، وهو ما تؤكده اليوم مختلف الأرقام والمؤشرات.
* الدكتور إدريس الفينة: أستاذ التعليم العالي بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي


الكاتب : حاوره عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 28/04/2021