الدكتور سعيد عفيف لـ “الاتحاد الاشتراكي”: ضرورة تسطير سياسات صحية وقائية ببعد شمولي يقوم على إشراك كافة القطاعات 3 % من المصابين بالأمراض المزمنة يكلّفون 50 % من الميزانية المخصصة للتغطية الصحية

أكد الدكتور مولاي سعيد عفيف في تصريح لـ “الاتحاد الاشتراكي” أن الأمراض المزمنة تعتبر جدّ مكلفة وتسبب ثقلا كبيرا وإنهاكا على المستوى المادي، موضحا أن نسبة 3 في المئة من المصابين بها يكلّفون 50 في المئة من الميزانية المخصصة للتغطية الصحية. وشدد رئيس الفيدرالية الوطنية للصحة على أن هذه الأمراض تتوزع بين داء السكري والضغط الدموي وأمراض القلب والشرايين وتلك التي تخصّ السرطانات بالأساس، التي تعرف مدّا تصاعديا وانتشارا كبيرا، بسبب غياب ثقافة صحية وتغير نمط العيش.
ودعا الخبير الصحي في تصريحه للجريدة إلى ضرورة الاهتمام بالبرامج الصحية ذات الطابع الوقائي، ومنحها الأولوية على مستوى التخطيط والبرمجة والتنزيل، وإلى اعتماد كافة الوسائل التواصلية الممكنة لتغيير العديد من السلوكات، التي من شأنها تجنيب المواطنين أمراضا يمكن تفاديها بتدابير يومية بسيطة. وأكد الدكتور عفيف أن ممارسة النشاط البدني، وتناول أكل صحي تحضر فيه الأساسيات على مستوى الخضر والفواكه والبروتينات، والتقليل من السكريات والملح، والابتعاد عن التدخين ومجموعة من الممارسات الضارة، من شأنها أن تنعكس إيجابا على صحة الأفراد.
وشدّد رئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية في تصريحه لـ “الاتحاد الاشتراكي” على ضرورة الاتجاه نحو المنحى الوقائي وعدم الاقتصار على المقاربة العلاجية، لأن هذا التوجه سيمكّن من تخفيض رقعة انتشار الأمراض وتقليص الميزانيات المخصصة للعلاجات، فضلا عن اكتشاف الأمراض في مراحل متقدمة، كما هو الشأن بالنسبة لأمراض السرطان، وهو ما سيتيح فرصا مهمة للعلاج بكلفة زمنية ومادية أقلّ مما يكون عليه الأمر في حالة التشخيص المتأخر. وأكّد الدكتور مولاي سعيد عفيف على أن مشاريع قوانين مالية السنة ومن خلالها الميزانيات الفرعية والقطاعية، تشكل فرصة لاستحضار مثل هذه التحديات، خاصة في ظل ظهور جائحات وبائية مختلفة وتغير طبيعة الأزمات الصحية، كما هو الحال بالنسبة لجائحة كوفيد 19، التي بيّنت ضراوة الفيروس حين تكون هناك عوامل اختطار أخرى من قبيل السكري والسمنة وأمراض القلب والشرايين وغيرها، وهو ما يتطلب تخصيص ميزانيات مهمة لسياسات صحية وقائية.
وأوضح رئيس الفيدرالية الوطنية للصحة أن المنظومة الصحية مقبلة على إصلاح شامل، وفقا للتوجيهات الملكية، من أجل تجاوز كل أعطاب الماضي وتمكين المواطنين من ولوج سلس وعادل ومتكافئ للخدمات الصحية على امتداد تراب المملكة، مبرزا أن إصلاحا من هذا الحجم يجب أن يشمل كذلك مراجعة التعريفة المرجعية بشكل يقلّص من نسبة مصاريف الفحوصات والعلاجات على كاهل المرضى، لأنه لحدّ الساعة يسدد المؤمّن أكثر من 54 في المئة من نفقات الملف المرضي من جيبه الخاص، موضحا كيف أن استشارة طبية عند طبيب متخصص تجعل المنخرط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي نموذجا، يتحمّل مبلغ 195 درهما، في حين أنه لو تمت مراجعة التعريفة فلن يتحمل سوى 60 درهما عند الطبيب الاختصاصي من أصل 300 درهم، و 40 درهما عند الطبيب العام من أصل 200 درهم، مشددا على أن هذه المراجعة ستسمح بالولوج أكثر إلى الفحوصات وبالتالي توسيع دائرة الوقاية الصحية وستحقق ربحا في اقتصاد الصحة بتقليص النفقات العلاجية الثقيلة. ودعا الدكتور عفيف، في إطار الإصلاح الكلي للمنظومة الصحية إلى الانفتاح على كافة التصورات الصحية، سواء تعلق الأمر بالمستجدات العلمية العلاجية أو المقاربات الوقائية الناجحة للاستفادة منها، وإدراجها في كافة المخططات المسطرة على مستوى قطاع الصحة، مع ضرورة اعتماد رؤية شمولية يتم فيها إشراك قطاعات أخرى، كالتربية والتعليم والطفولة والشباب والشغل، من أجل ثقافة صحية شاملة.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 09/11/2022