الدكتور عصام حمرالراس لـ «الاتحاد الاشتراكي»:المصابون بقرحة المعدة يمكنهم الصيام بعد استشارة الطبيب والمرض يتطلب تدخلا عاجلا لتفادي المضاعفات الوخمية

أكد الدكتور عصام حمرالراس، الاختصاصي في جراحة الجهاز الهضمي لـ «الاتحاد الاشتراكي»، أن شهر الصيام بشكل عام تصحّ فيه الأبدان بالنسبة للأشخاص العاديين، ويكون فرصة لإعادة ضبط عقارب النظام الغذائي للجسم، منبها في نفس الوقت إلى أن الصوم قد يتسبب للبعض من الذين يعانون من أمراض معينة في وقوع مضاعفات وتداعيات صحية وهو ما يتوجب استشارة الطبيب والحصول على موافقته سواء بالنسبة للصيام أو للإفطار.
وأوضح الخبير الطبي بأن بعض العادات السيئة يمكن أن تشكّل تحديا لبعض الأشخاص خاصة من يعانون من بعض أمراض الجهاز الهضمي، ولاسيما أمراض المعدة كالقرحة، مبرزا بأن عدم توازن نمط العيش في شهر رمضان يؤدي إلى تفاقم الأعراض وظهور مضاعفات قاتلة. وأبرز الدكتور في حديثه بأن المقصود بقرحة المعدة هو تآكل أو تقرح في بطانة المعدة يحدث نتيجة اختلال التوازن بين العوامل التي تحمي الغشاء المخاطي للمعدة والعوامل التي تؤدي إلى تآكله وإضعافه، مشيرا إلى أن المواد الحمضية التي تفرزها المعدة تؤدي إلى إتلاف غشاء المعدة بحد ذاتها.
وشدد الدكتور عصام على أن الإصابة بجرثومة المعدة يعدّ السبب الأكثر شيوعا، حيث تهاجم البطانة المخاطية للمعدة، مما يجعلها عرضة لتأثير أحماض المعدة، مضيفا بأن الاستخدام المفرط كذلك لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية مثل الإيبوبروفين، والأسبرين يؤثر على إنتاج المواد المخاطية الواقية في المعدة، مما يزيد من خطر التقرحات. وأوضح المتحدث بأن عدم توازن نمط العيش لا يعني الأكل والمواد المستهلكة فقط، بل يتعدى ذلك ويشمل مجموعة من العوامل المتمثلة في التغيرات في نمط الأكل وتناول كميات كبيرة من الطعام دفعة واحدة بعد الإفطار الذي يزيد من إفراز أحماض المعدة، إضافة إلى الإفراط في تناول الأطعمة المهيجة، والنظام الغذائي غير الصحي مثل تناول الأطعمة الحارة، المقلية، والمشروبات المحتوية على الكافيين، فضلا عن الإجهاد والتوتر وعدم توازن النوم الذي قد يزيد القلق خلال الصيام، مؤكدا على وجود عامل أساسي آخر هو الإفراط في التدخين بعد الإفطار الذي يضعف الغشاء المخاطي للمعدة، والذي يؤدي إلى تفاقم مجموعة من الأمراض التي تصيب الإنسان .
ونبّه الدكتور عصام في تصريحه للجريدة إلى أن أغلب مضاعفات القرحة تكون ذات طابع استعجالي، مشيرا إلى أنها يمكن أن تتسبب للمصاب بها في الوفاة إذا لم تتم معالجتها سريعا، مؤكدا على أن من أخطر المضاعفات المحتملة لها خلال رمضان حدوث ثقب المعدة، حيث يمكن أن يؤدي إلى التهاب الغشاء الداخلي للبطن، وهي حالة طبية تستدعي تدخل جراحي مستعجل، ونفس الأمر للنزيف الداخلي المعدة الذي تظهر فيه أعراض مثل القيء الدموي أو البراز الأسود بسبب تآكل الأوعية الدموية في المعدة، كما يمكن ظهور انسداد مخرج المعدة بحيث يحس المريض بالشعور بالامتلاء المستمر، التقيؤ، وصعوبة في الهضم بسبب التورم والندوب الناتجة عن القرحة، أو زيادة الألم الحاد بالمعدة بفعل ارتفاع إنتاج الأحماض المعدية خلال فترات الصيام الطويلة.
وأبرز الأخصائي في أمراض الجهاز الهضمي بأن أغلب الحالات المرضية المرتبطة بقرحة المعدة تستدعي العلاج المستعجل، الذي يكون جراحيا في أغلب الأحيان، وقد يتطلب المكوث في العناية المركزة، أو من خلال العلاج بالمنظار، وكذلك بالأدوية، مشيرا إلى أن العلاج يكون ناجعا وكليا بعد التدخل الجراحي وتتبع تعليمات المختص المعالج، علما بأنه يمكن أن تظهر نفس الأعراض والمضاعفات مرة ثانية إذا لم يتبع المريض الإرشادات المناسبة. ولتفادي هذا الوضع بتبعاته الصحية الوخيمة، أوصى الدكتور عصام في تصريحه للجريدة بضرورة الإقلاع عن التدخين، لأنه يزيد من خطر الإصابة، وبتقليل استهلاك الكافيين والمشروبات الغازية، حيث إنها تزيد من إفراز الأحماض بالمعدة، وتجنب الأطعمة الحارة والمقلية والدسمة، واستبدالها بوجبات متوازنة تحتوي على الخضروات والبروتينات الخفيفة خاصة في وجبة السحور لتقليل إفراز الأحماض خلال النهار، مع ضرورة شرب كمية كافية من الماء بين الإفطار والسحور للحفاظ على ترطيب الجسم وتقليل الحموضة. وبالنسبة للمريض يجب أن يتناول الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب، مثل مثبطات مضخة البروتون، إذا كان ذلك ضروريا.
واختتم الدكتور عصام تصريحه للجريدة بالتأكيد على أنه إذا كانت هناك معاناة من ألم مستمر في المعدة أو أي أعراض نزيف داخلي كظهور براز به دم أو اسود اللون، فمن الضروري مراجعة الطبيب لتشخيص الحالة وتلقي العلاج المناسب، مشيرا إلى أنه يمكن لمرضى قرحة المعدة الصيام بأمان إذا اتبعوا نظاما غذائيا صحيا وتجنبوا العادات السيئة التي تؤدي إلى تفاقم المرض، لكن ومع ذلك، يجب على من يعاني من مضاعفات شديدة استشارة الطبيب قبل اتخاذ قرار الصيام.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 12/03/2025