الدكتور مصطفى الشيباني لـ «الاتحاد الاشتراكي»: الآباء والأمهات والأطر التربوية يجب أن ينتبهوا للأعراض عند الأطفال ما بين 5 و 15 سنة تحديدا

تأخر الكشف عن روماتيزم القلب وعلاجه يتسببان
في إعاقات للمرضى ويرفعان من تكاليف التكفل بهم

 

 

أكد الدكتور مصطفى الشيباني، الاختصاصي في أمراض القلب والشرايين لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن روماتيزم القلب يطرح مشكلا صحيا كبيرا في المغرب، بالرغم من وجود برنامج لمواجهته، ويواصل حضوره ضدا عن المجهودات المبذولة في هذا الصدد ورغم التقدم الذي تم تحقيقه. وأكد الخبير الصحي أن هذا المرض له تبعات صحية واجتماعية واقتصادية كبيرة، ويؤثر على جودة العيش بالنسبة للمريض ويرخي بظلاله على يوميات أسرته، خاصة وأن المصاب يمكن أن يصبح شبه معاق مدى الحياة، فضلا عن تكلفة هذا المرض المزمن التي تعتبر باهظة، إذا لم يتم الانتباه إليه منذ البداية ويتم علاجه في مراحله الأولى.
وأوضح الاختصاصي في أمراض القلب والشرايين في تصريحه للجريدة، أن الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالمرض هي التي يتراوح عمرها ما بين 5 و 15 سنة، علما بأن هذا لا يعني عدم إمكانية إصابة أشخاص من أعمار أخرى، مبرزا أن بكتيريا الستريبتوكوك من نوع ألف أو ما يعرف بالمكورات العقدية، التي تسبب التهابات على مستوى الحلق، هي العامل الرئيسي للإصابة بروماتيزم القلب، مشيرا إلى أن الأمر قد يظهر في البداية على أنه التهاب يطال اللوزتين، الذي إذا ما تم إهماله يتطور إلى أعراض أخرى تصبح أكثر شدة وحدّة وتؤدي في ما بعد إلى مضاعفات صحية وخيمة.
ونبّه الدكتور الشيباني إلى الدور الأساسي والمحوري للآباء والأمهات وكذا الأطر التربوية بالمؤسسات التعليمية، من أجل المساهمة إلى جانب الأطباء في الحفاظ على سلامة الناشئة، وذلك بتقديم الملاحظة ودعوتها لزيارة الطبيب فور ظهور أعراض مماثلة، خاصة أن العدوى تكثر في الوسط المدرسي، والفضاءات التي تعرف اكتظاظا وضعفا في التهوية. وأوضح الاختصاصي في تصريحه لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن الإصابة باللوزتين لا تعني بالضرورة ظهور مشاكل في القلب لأن هناك من لديهم قابلية لذلك، بينما هناك فئات أخرى لا، إلا أنه لا يمكن التمييز بينهما لهذا وجب زيارة الطبيب من أجل الفحص والوقاية، خاصة أن تكلفة العلاج في البداية تكون بسيطة، لكن إذا ما تطور الأمر بسبب التراخي والإهمال فإن الوضع يصبح أكثر تعقيدا.
وأشار المختص في أمراض القلب والشرايين إلى أن هذا المرض هو شبه منعدم في الدول المتقدمة ويكون حضوره قليلا جدا، خلافا للأمر في الدول التي هي في طريق النمو التي يحضر فيها بقوة لوجود عوامل اجتماعية تساعد على ذلك بسبب ضعف الوقاية والعلاج مبكرا، مشيرا إلى أن هناك من الأطفال من يصاب على مستوى الحلق واللوزتين ما بين 5 و 7 مرات في السنة وهذا مؤشر يدعو إلى الانتباه بقوة، مضيفا بأن هناك من تتطلب وضعيتهم إزالة اللوزتين حتى لا تتوفر بيئة مناسبة لاستمرار ظهور المرض عندهم. ونبّه الشيباني إلى هناك قابلية لظهور هذا المرض عند أشخاص معينين ينتمون إلى نفس العائلة ولكن هذا لا يعني وجود ما يؤكد على أنه مرض وراثي، مشيرا إلى أن هناك أعراضا تدلّ عليه من قبيل التهاب المفاصل، ظهور طفح جلدي واحمرار، وكذا أعراض على مستوى الجهاز العصبي، مبرزا أن المرض يؤثر على عضلة القلب وصماماته وغشائه، ويتسبب في ارتعاش الجهاز العصبي، وإذا لم يتم تشخيص ذلك بشكل مبكر فإن الأمر يصبح مزمنا، وهنا تكمن خطورة روماتيزم القلب إذ أن هذه الأعضاء تتوقف عن أداء وظيفتها بشكل طبيعي.
يصيب المرض نحو 33 مليون شخص على الصعيد العالمي. وتشير التقديرات في عام 2015 إلى أن أمراض القلب الروماتيزمية تسببت في وفاة 305 آلاف شخص وفقدان 11.5 مليون سنة من سنوات العمر المعدلة حسب الإعاقة. من بين هذه الوفيات، كانت 60٪ وفيات مبكرة (قبل عمر 70 سنة)، ويموت غالبية المصابين بأمراض القلب الروماتيزمية في أعمار تقل عن 40 سنة، مما يسبب تحديات اجتماعية واقتصادية وإنمائية كبيرة للشباب والبالغين. وفي إقليم شرق المتوسط، لا يزال المرض القلبي الروماتيزمي موجودًا في بعض البلدان مثل مصر والسودان واليمن.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المرض القلبي الروماتزمي يصيب بدرجة غير متناسبة الفتيات والنساء اللواتي يتعرضن لخطر أعلى بمقدار مرتين للإصابة بالمرض مقارنة بالرجال، وتمثل الإناث ثلثي المرضى المصابين بالمرض الذين يدخلون مستشفيات مختارة في 12 بلدًا في الإقليم الأفريقي والهند واليمن. وعندما تكون الحمى الروماتيزمية وأمراض القلب الروماتيزمية متوطنة، يكون مرض القلب الروماتيزمي هو مرض القلب الرئيسي الذي يصيب النساء الحوامل، ويتسبب في أمراض أمومة وخيمة ووفيات في الفترة المحيطة بالولادة.
سوء الإسكان ونقص التغذية والاكتظاظ والفقر هي العوامل المعروفة جيدًا في حدوث الحمى الروماتيزمية والمرض القلبي الروماتيزمي.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 01/02/2022