الدكتور هيفتي..الجندي المجهول والحارس الأمين للسلامة البدنية للأسود

يأمل الناخب الوطني، وليد الركراكي، عودة للاعبين المصابين قبل مواجهة فرنسا، يوم غد الأربعاء، المقررة على أرضية ملعب البيت في الخور، برسم نصف نهائي مونديال قطر.
وقال الركراكي، في المؤتمر الصحافي عقب التأهل التاريخي إلى المربع الذهبي بعد الفوز على البرتغال: «لا نعرف كم هي حظوظ اللاعبين نصير مزراوي ونايف أكرد والعميد رومان سايس لخوض المباراة المقبلة».
وغاب مدافع بايرن ميونيخ الألماني، نصير مزراوي وقطب دفاع وست هام يونايتد الإنكليزي، نايف أكرد، عن مواجهة البرتغال ولم يكونا مسجلين على ورقة المباراة، فيما تعرض العميد وقطب دفاع بشيكتاش التركي، غانم سايس، لإصابة في الفخذ كان يعاني منها في المباراة ضد إسبانيا في ثمن النهائي، أرغمته على ترك مكانه لمدافع بريست الفرنسي أشرف داري في الدقيقة 57، بعدما نجح في إكمال مواجهة «لا روخا» قبلها بأربعة أيام.
وأضاف الركراكي «مزراوي مريض وأكرد مصاب، الآن أصيب سايس»، مشيرا إلى أن «حكيمي بدأ المسابقة وهو ليس في حالة جيدة لكنه يقاتل وموجود في كل مباراة».
وفي ظل هذا الوضع تبرز أهمية العمل الذي يقوم به الطاقم الطبي للمنتخب الوطني، بقيادة البروفيسور عبد الرزاق هيفتي.
ونجح الدكتور هيفتي وفريق عمله في تأهيل العديد من اللاعبين المغاربة، وجهزهم لخوض مباريات الفريق الوطني في قطر، بدءا من مباراة كرواتيا، على غرار سليم أملاح، قبل أن تخلف المواجهة الأولى في المونديال إصابة العميد غانم سايس وأشرف حكيمي ونصير المزراوي، لكن المجهود الطبي التي بُدل جعلهم يلحقون بمواجهة بلجيكا، في حين استغرق تأهيل أبو خلال، الذي جاء إلى معسكر المنتخب الوطني مصابا، بعض الأيام، علما بأن كل المؤشرات كانت توحي بأنه سيغيب عن أول مبارتين للفريق الوطني، لكنه تعافى سريعا وشارك في الجولة الثانية من مباراة بلجيكا وسجل هدفا. وبالرغم من أن الأنباء الواردة من معسكر المنتخب الوطني كانت ترجح غياب المزراوي عن مواجهة بلجيكا، إلا أن هيفتي أنجز المهمة، ونجح في تجهيز جميع اللاعبين لخوض مباراة الشياطين الحمر، التي كانت مفتاح العبور إلى الدور الثاني.
وقال عبد الرزاق هيفتي في تصريحات إعلامية إن مهمته لم تكن سهلة، لكن الطاقم الطبي للمنتخب الوطني يبذل جهدا كبيرا حتى يكون في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه ويمكن الطاقم التقني من أكبر عدد ممكن من اللاعبين، الذين أبدوا، بنظره، عزيمة كبيرة وإرادة قوية في التغلب على الإصابات والأعطاب، ولاسيما سيفيان أمرابط.
وسجلت مباراة بلجيكا حادثا حبس أنفاس كل المغاربة، عندما تعذر على الحارس ياسين بونو خوض اللقاء بسبب حالة دوار، قبيل انطلاق المباراة، وتم تعويضه بزميله منير المحمدي، الذي كانت في مستوى المسؤولية.
وفي الوقت الذي وضع فيه المغاربة أيديهم على قلوبهم خوفا من انتهاء مشوار الأسد بونو، خرج هيفتي بتصريح أكد فيه أن حارس مرمى الفريق الوطني سيعود إلى مرماه وأّن إصابته غير مقلقة.
وكانت الأيام التي سبقت مباراة إسبانيا في ثمن النهائي عصيبة على الفريق الطبي الوطني، لأنه كان مطالبا بتأهيل عز الدين أوناحي والظهيرين أشرف حكيمي وسليم أملاح، بالنظر إلى دورهم داخل الفريق الوطني، وفعلا نجح هيفتي وطاقمه المساعد في المهمة، لكن الخسارة في مباراة إسبانيا كانت مكلفة، بالنظر إلى المجهود البدني الخرافي الذي بذله اللاعبون في مباراة امتدت حتى الضربات الترجيحية.
وخلال المواجهة تعذر على لاعب العمق الدفاعي نايف أكرم إكمال المباراة، وعوضه جواد الياميق، شأنه في ذلك شأن نصير المزراوي، الذي ترك مكانه ليحي عطية الله، فيما أكمل العميد سايس المواجهة بضماد على الفخذ.
وإذا كان سايس قد لحق بالجولة الأولى من مباراة البرتغال في ربع النهائي، فإن حكيمي وأمرابط أكملا المباراة، بعدما استعمل الطاقم الطبي الوطني، وفريق التهييء البدني، كافة الوسائل المتاحة لتأهيلهما، وفي مقدمتها حمام الثلج، المنخفض الحرارة (ناقص 180 درجة)، في الوقت الذي تعذر على أكرد والمزراوي تعزيز المجموعة الوطنية.
وينتظر كافة الجمهور المغربي عودة سريعة لكل المصابين، رغم أن العناصر البديلة أبلت البلاء الحسن، وبللت القميص الوطني بكثير من العرق.
ويعد هيفتي، الجندي المجهول داخل الفريق الوطني، من الكفاءات الطبية العالية على المستوى الوطني، ففضلا عن تخصصه في أمراض العظام والمفاصل، يتوفر على خبرة عالية في مجال الطب الرياضي، حيث راكم تجربة تمتد لأكثر من ربع قرن، اشتغل فيها داخل الوداد الرياضي والمنتخب الوطني، سواء الأول أو الرديف.
هيفتي هو أيضا عضو بالعديد من الهيئات العالمية التي تعنى بمجال الطب الرياضي، ويشكل «ديربيا» طبيا مع زميله محمد العرصي، المسؤول الطبي بفريق الرجاء البيضاوي، حيث يقتسمان مصابي العاصمة الاقتصادية.
مكتب الدكتور عبد الرزاق هيفتي بالمصحة التي يشتغل فيها، تشهد إقبالا يوميا، سواء من الرياضيين او المواطنين العاديين، الذين يتوافدون عليه من مختلف أقاليم ومدن المملكة.
ويعود الفضل أيضا للدكتور هيفني في العودة الشريعة لأشرف داري، الذي تعرض قبل ثلاث سنوات لإصابة قوية مع فريق الوداد الرياضي، على مستوى الركبة، لكن العملية الجراحية التي خضع لها تحت إشراف هيفتي كانت ناجحة وعاد إلى الميادين بعافية.
وسبق للدكتور هيفتي أن تابع الحالة الصحية للمايسترو محمد التيمومي بفرنسا، خاصة بعد الخطأ الطبي الذي كاد يكلفه حياته، حيث سهر بشكل يومي على متابعة تفاصيل وضعه الصحي، سواء عبر التنقل المباشر إلى فرنسا أو الاتصال اليومي بالطاقم الطبي.
هيفي هو صديق لكل الرياضيين، ومعروف بكونه خدوما جدا، حيث يحرص على متابعة كل الحالات الواردة عليه بكل إنسانية، لدرجة أن العديد من الحالات يشرف عليها بشكل مجاني.
هيفتي سرق الأضواء أيضا خلال مونديال روسيا 2018، بعدما كاد يصاب نور الدين امرابط بحالة إغماء وسط الميدان، لكن تدخلا عاجلا من طبيب الفريق الوطني جنبه الأسوأ.
فإذا كان المنتخب الوطني قد بلغ هذا الدور، وبصم على هذا الإعجاز الكروي، عربيا وقاريا، فإن الفضل يعود أيضا إلى هذا الجندي المجهول، الذي يعد بالدرجة الأولى ضابط إيقاع المجموعة الوطني، والحارس الأمين لسلامتها البدنية والجسدية.


الكاتب : إبراهيم العماري

  

بتاريخ : 13/12/2022