الدولة الوطنية والبعد الامبراطوري في ملكية محمد السادس -33- التحكم في الزمن..

كتاب «حياكة (خياطة) الزمن السياسي في المغرب: خيال الدولة في العصر النيوليبرالي..» للباحث والجامعي محمد الطوزي كتاب رفيع وتوثيقي وجد جريء في تقديم أطروحته العميقة حول الدولة المغربية. وهو عمل طويل النفس تطلب من الباحث والمفكر محمد الطوزي ورفيقته في العلم والتنقيب التاريخي بياتريس هيبو، ثلاثين سنة من العمل تخلله البحث الميداني والحوارات والقراءات في الوثائق والاحداث إلخ… ونزعم أن في الكتاب أطروحة متكاملة وبنيوية لتاريخ الدولة فيها عناصر لم يسبقه إليها أحد، حسب ما اطلعنا عليه من مقاربات بشكل متواضع طبعا وطبعا.

 

أمام نقص التحكم في الخفاء، يتحكم السلطان في الزمن، وهو ما يحيل على تثمين الناس والعلاقات الاجتماعية اكثر من تثمين الممتلكات والراسمال والمجالات الترابية. وتكشف لنا المراسلات ان سلطاته تتشكل بالانتظار (لاسيمافي التعيينات) وكذلك عبر تسريع العمليات (الحرْكات هي النموذج الامثل) هنا تمطيط للزمن (كما يحصل عندما يحيل على احداث ماضية) او عبر ازمنة للتوقف (وتكشفه استعداده للنوم. واغماض عينيه كما يعبر الحسن الاول عن ذلك في رسالة سبق تحليلها) وهذه المرونة في التمطيط تسمج للمخزن باللعب علي المفاجأة او الارتجال، او بتلخيص، اللعب بعدم اليقين ، وهذا نمط قوي للحكم بحذ ذاته.
غير ان التحكم في الزمن ليس مطلقا ابدا، وابن زيدان يدخلنا، مرة اخرى في تعقد فن التحكم في الزمن ، ففي فصله المخصص لقضايا الدولة يذكرنا بان السلطان له برنامج خاص لكل يوم من ايام الأسبوع، حيث ان الجمعة وايام العطل مخصصة لاستقبال الحاشية والثلاثاء. والأربعاء لاستقبال الشكايات، والسبت مخصص للصيد والاثنين للتمارين العسكرية والاربعاء لتفقد الجيش والخميس للراحة.. ونجد ان تنظيم اليوم خاضع لتنظيم دقيق للغاية كما هو مبين في المقطع التالي: (ص36 فصل نظام اعمال السلطان اليومية الليلية داخل القصر وخارجه)
«كانوا يقسمون اوقاتهم الليلية والنهارية علي حسب شؤونهم الدينية والدنيوية حربية وسلمية حتى لا تذهب ثانية من الثواني سدى. اتخدوا فلكيين ماهرين يرصدون اوقات السعادة وضبط الزمان وافردوا لهم ملحقات بالقصر يقيمون بها، فيها من المراصد والآلات الميقاتية كل عجيب ويجرون عليهم من الجرايات ما يلائم مراكزهم العلمية ووظيفهم الديني فاذا دخل وقت الصلاة يعلم الميقاتي بذلك فيحرج السلطان لاداء الفريضة مع حاشيته بمسجد القصر ويكون الاعلام بالفجر قبل دخول وقته بساعتين ثم بتسعة ونصف ثم بساعة ثم بنصف ساعة فاذا طلع الفجر اعيد الاعلام فيلالي السلطان رغيبة الفجرداخل القصر ثم يخرج لصلاة الصبح بمسجده فيجد الطواشية مصطفين الخ الباب كذلك اطفال العبيد فيودون التحية الملوكية ويجد خارج الباب اصحاب الضوء ثم الفرايحية وصاحب السجادة رتللفراش وبمجرد وصل السلطان لبلا المسجد تقام الصلاة ويصطف الصملرن في صف واحد مع السلطان يكون. الحاجب عن يمينه وقائد الضوضد عن شماله ثم ادا سلم الامام يتنحي عن وصلاه ويرجع القهقرى مع بقية المصلين ويصطف الجميع خلف السلطان فادا فرغ من ذكر أخلاقيات اصاللحات يرفع كفيه للدعاء ثم أفتتح الحزب القراني الراتب ويسترسل مع الحزبين في قرادة ما تيسر من القرآن وهو متسقبل القبلة ثم يبارح المسجد موليا وجهه شطر القصر «ويبدو ان تحكم الزمان ملتبس فالسطلن يتحكم ولا شك في الزمن لكنه ايضا عبد الزمن الديني. وهو وقت مقنن بطريقة دقيقة لا يمكن للاذان معها ان تضيعونه صلاة العيد في الوقت الذي يمكن فيه ان يلغي سفرا الي الخارج او اقرار حادث ما او اتحاد قرار في اخر لحظة اي تعليق الزمن…


الكاتب : عرض وترجمة عبد الحميد جماهري

  

بتاريخ : 03/05/2023