الذكرى 72 لثورة الملك والشعب .. البيعة المتبادلة صورة للتلاحم الوثيق بين العرش والأمة من أجل الاستقلال والوحدة والديموقراطية

يخلد‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي،‭ ‬ومعه‭ ‬نساء‭ ‬ورجال‭ ‬الحركـة‭ ‬الوطنية‭ ‬والمقاومة‭ ‬وجيش‭ ‬التحرير،‭ ‬يومه‭ ‬الأربعاء‭ ‬20‭ ‬غشت‭ ‬2025،‭ ‬الذكـرى‭ ‬72‭ ‬لملحمة‭ ‬ثورة‭ ‬الملك‭ ‬والشعب‭ ‬الغراء‭ ‬التي‭ ‬جسدت‭ ‬أروع‭ ‬صور‭ ‬التلاحم‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬الكفاح‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬خاضه‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬الوفي‭ ‬بقيادة‭ ‬العرش‭ ‬العلـوي‭ ‬الأبي‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬حرية‭ ‬الوطن‭ ‬واستقلالـه‭ ‬ووحدتـه‭. ‬
لقد‭ ‬اندلعت‭ ‬هذه‭ ‬الملحمة‭ ‬المباركة‭ ‬يوم‭ ‬20‭ ‬غشت‭ ‬1953‭ ‬حينما‭ ‬امتدت‭ ‬أيادي‭ ‬المستعمر‭ ‬الغاشم‭ ‬إلى‭ ‬رمز‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬والوحدة‭ ‬وبطل‭ ‬التحرير‭ ‬والاستقلال‭ ‬والمقاوم‭ ‬الأول‭ ‬جلالـة‭ ‬المغفـور‭ ‬له‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬رضوان‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬لنفيه‭ ‬وأسرته‭ ‬الملكية‭ ‬الشريفة‭ ‬وإبعاده‭ ‬عن‭ ‬عرشه‭ ‬ووطنه،‭ ‬متوهمة‭ ‬أنها‭ ‬بذلك‭ ‬ستخمد‭ ‬جذوة‭ ‬الكفاح‭ ‬الوطني‭ ‬وتفكك‭ ‬العرى‭ ‬الوثيقة‭ ‬والترابط‭ ‬المتين‭ ‬بين‭ ‬عرش‭ ‬أبي‭ ‬وشعب‭ ‬وفي؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الفعلة‭ ‬النكراء‭ ‬كانت‭ ‬بداية‭ ‬النهاية‭ ‬للوجود‭ ‬الاستعماري‭ ‬وآخر‭ ‬مسمار‭ ‬يدق‭ ‬في‭ ‬نعشه،‭ ‬حيث‭ ‬وقف‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬صامدا‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬هذه‭ ‬المؤامرة‭ ‬الدنيئة،‭ ‬مضحيا‭ ‬بالغالي‭ ‬والنفيس‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬عزة‭ ‬وكرامة‭ ‬الوطن،‭ ‬وصون‭ ‬سيادته‭ ‬وهويته‭ ‬وعودة‭ ‬الشرعية‭ ‬والمشروعية‭ ‬بعودة‭ ‬الملك‭ ‬الشرعي‭ ‬مظفرا‭ ‬منتصرا‭ ‬حاملا‭ ‬لواء‭ ‬الحرية‭ ‬والاستقلال‭ ‬والوحدة‭ ‬الوطنية‭.‬
لقد‭ ‬كانت‭ ‬ثورة‭ ‬الملك‭ ‬والشعب‭ ‬محطة‭ ‬تاريخية‭ ‬بارزة‭ ‬وحاسمة‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬النضال‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬خاضه‭ ‬المغاربة‭ ‬عبر‭ ‬عقود‭ ‬وأجيال‭ ‬لصد‭ ‬التحرشات‭ ‬والاعتداءات‭ ‬الاستعمارية،‭ ‬فقدموا‭ ‬نماذج‭ ‬رائعة‭ ‬وفريدة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬تحرير‭ ‬الشعوب‭ ‬من‭ ‬براثن‭ ‬الاستعمار،‭ ‬وأعطوا‭ ‬المثال‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬الترابط‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي،‭ ‬بين‭ ‬القمة‭ ‬والقاعدة،‭ ‬واسترخاصهم‭ ‬لكل‭ ‬غال‭ ‬ونفيس‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬مقدساتهم‭ ‬الدينية‭ ‬وثوابتهم‭ ‬الوطنية‭ ‬وهويتهم‭ ‬المغربية‮.‬‭ ‬ومن‭ ‬ثم،‭ ‬فإن‭ ‬ملحمة‭ ‬ثورة‭ ‬الملك‭ ‬والشعب‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬كل‭ ‬مغربي‭ ‬مكانة‭ ‬كبيرة‭ ‬ومنزلة‭ ‬رفيعة‭ ‬لما‭ ‬ترمز‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬حب‭ ‬الوطن‭ ‬والاعتزاز‭ ‬بالانتماء‭ ‬الوطني‭ ‬والتضحية‭ ‬والالتزام‭ ‬والوفاء‭ ‬بالعهد‭ ‬وانتصار‭ ‬إرادة‭ ‬العرش‭ ‬والشعب‮.‬
وهكذا،‭ ‬واجه‭ ‬المغرب‭ ‬والمغاربة‭ ‬الأطماع‭ ‬الأجنبية‭ ‬وتصدوا‭ ‬بإيمان‭ ‬وعزم‭ ‬وإصرار‭ ‬للتسلط‭ ‬الاستعماري‭ ‬على‭ ‬الوطن‮.‬‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬المقام‭ ‬نستحضر‭ ‬أمجاد‭ ‬وروائع‭ ‬المقاومة‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأجنبي‭ ‬بكافة‭ ‬جهات‭ ‬الوطن،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر،‭ ‬معركة‭ ‬الهري‭ ‬بالأطلس‭ ‬المتوسط‭ ‬سنة‭ ‬1914،‭ ‬ومعركة‭ ‬أنوال‭ ‬بالريف‭ ‬من‭ ‬1921‭ ‬إلى‭ ‬1926،‭ ‬ومعركة‭ ‬بوغافر‭ ‬بورزازات،‭ ‬ومعركة‭ ‬جبل‭ ‬بادو‭ ‬بالرشيدية‭ ‬سنة‭ ‬1933،‭ ‬وما‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬الملاحم‭ ‬والمعارك‭ ‬البطولية‮.‬‭ ‬
وتواصل‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬ظهرت‭ ‬أولى‭ ‬تجلياته‭ ‬في‭ ‬مناهضة‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬بالظهير‭ ‬البربري‭ ‬سنة‭ ‬1930‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أهدافه‭ ‬شق‭ ‬الصف‭ ‬الوطني‭ ‬والتفريق‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬الواحد‭ ‬لزرع‭ ‬بذور‭ ‬التمييز‭ ‬العنصري‭ ‬والنعرات‭ ‬القبلية‭ ‬والطائفية‮.‬‭ ‬وتلا‭ ‬ذلك‭ ‬تقديم‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬المطالب‭ ‬الإصلاحية‭ ‬ومنها‭ ‬برنامج‭ ‬الإصلاح‭ ‬الوطني‮.‬‭ ‬كما‭ ‬استمرت‭ ‬التعبئة‭ ‬الوطنية‭ ‬وإشاعة‭ ‬الوعي‭ ‬الوطني‭ ‬والتربية‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬الدينية‭ ‬والوطنية‭ ‬ونشر‭ ‬التعليم‭ ‬الحر‭ ‬الأصيل‭ ‬وتنوير‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الوطني‭ ‬وأوسع‭ ‬فئات‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬وشرائحه‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بالحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬وبعدالة‭ ‬المطالب‭ ‬الوطنية‮.‬
وتوج‭ ‬هـذا‭ ‬العمل‭ ‬الدؤوب‭ ‬بتقديم‭ ‬الوثيقة‭ ‬التاريخية،‭ ‬وثيقة‭ ‬المطالبة‭ ‬بالاستقلال‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬يناير‭ ‬1944‭ ‬التي‭ ‬جسدت‭ ‬وضوح‭ ‬الرؤية‭ ‬والأهداف‭ ‬وعمق‭ ‬وقوة‭ ‬إرادة‭ ‬التحرير‭ ‬لدى‭ ‬العرش‭ ‬والشعب،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬إرادة‭ ‬الله‭ ‬والتي‭ ‬تمت‭ ‬بتشاور‭ ‬وتوافق‭ ‬بين‭ ‬بطل‭ ‬التحرير‭ ‬والاستقلال‭ ‬والمقاوم‭ ‬الأول،‭ ‬جلالة‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬وقادة‭ ‬الحركة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وشكلت‭ ‬منعطفا‭ ‬حاسما‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬الكفاح‭ ‬الوطني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حرية‭ ‬المغرب‭ ‬واستقلاله‭ ‬وطموحاته‭ ‬المشروعة‭ ‬وتطلعاته‭ ‬لبناء‭ ‬مستقبل‭ ‬واعد‮.‬
وفي‭ ‬يوم‭ ‬9‭ ‬أبريل‭ ‬1947،‭ ‬قام‭ ‬جلالة‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬بزيارة‭ ‬الوحدة‭ ‬التاريخية‭ ‬لمدينة‭ ‬طنجة‭ ‬حيث‭ ‬ألقى‭ ‬خطابه‭ ‬التاريخي‭ ‬الذي‭ ‬حدد‭ ‬فيه‭ ‬مهام‭ ‬المرحلة‭ ‬الجديدة‭ ‬للنضال‭ ‬الوطني،‭ ‬مؤكدا‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬جهارا‭ ‬على‭ ‬مطالبة‭ ‬المغرب‭ ‬باستقلاله‭ ‬ووحدته‭ ‬الوطنية‮.‬‭ ‬
وقد‭ ‬شكلت‭ ‬تلك‭ ‬الزيارة‭ ‬الميمونة،‭ ‬زيارة‭ ‬الوحدة‭ ‬محطة‭ ‬تاريخية‭ ‬جسدت‭ ‬إرادة‭ ‬حازمة‭ ‬وقوية‭ ‬في‭ ‬مطالبة‭ ‬المغرب‭ ‬بحقه‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬الحرية‭ ‬والاستقلال‭ ‬وتأكيده‭ ‬على‭ ‬وحدته‭ ‬وتشبثه‭ ‬بمقوماته‭ ‬التاريخية‭ ‬والحضارية‭ ‬والتزامه‭ ‬بانتمائه‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬وتجنده‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬مقدساته‭ ‬الدينية‭ ‬وثوابته‭ ‬الوطنية‭ ‬وهويته‭ ‬الحضارية‭ ‬والثقافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والإنسانية‮.‬
وكان‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬الملكية‭ ‬الميمونة‭ ‬احتدام‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬القصر‭ ‬الملكي‭ ‬وسلطات‭ ‬الإقامة‭ ‬العامة‭ ‬للحماية‭ ‬الفرنسية‭ ‬التي‭ ‬وظفت‭ ‬كل‭ ‬أساليب‭ ‬التضييق‭ ‬على‭ ‬رمز‭ ‬الوحدة‭ ‬المغربية‭ ‬والسيادة‭ ‬الوطنية،‭ ‬محاولة‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬الملك‭ ‬وشعبه‭ ‬وطلائع‭ ‬الحركة‭ ‬الوطنية‭ ‬والتحريرية‮.‬‭ ‬ولكن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يثن‭ ‬العزائم‭ ‬والهمم،‭ ‬فاحتدم‭ ‬الصراع‭ ‬والنزال‭ ‬وارتفع‭ ‬إيقاع‭ ‬المواجهة‭ ‬المباشرة‭ ‬مع‭ ‬السلطات‭ ‬الاستعمارية‮.‬

وهكذا،‭ ‬وأمام‭ ‬التحام‭ ‬العرش‭ ‬والشعب‭ ‬والمواقف‭ ‬البطولية‭ ‬لجلالة‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬ثابتا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مخططات‭ ‬الإقامة‭ ‬العامة‭ ‬للحماية‭ ‬الفرنسية،‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬السلطات‭ ‬الاستعمارية‭ ‬من‭ ‬خيار‭ ‬لها‭ ‬سوى‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬رمز‭ ‬الأمة‭ ‬وضامن‭ ‬وحدتها‭ ‬ونفيه‭ ‬هو‭ ‬والعائلة‭ ‬الملكية‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬20‭ ‬غشت‭ ‬1953،‭ ‬متوهمة‭ ‬بأنها‭ ‬بذلك‭ ‬ستقضي‭ ‬على‭ ‬روح‭ ‬وشعلة‭ ‬الوطنية‭ ‬والمقاومة‮.‬‭ ‬لكن‭ ‬المقاومة‭ ‬المغربية‭ ‬تصاعدت‭ ‬وتيرتها‭ ‬واشتد‭ ‬أوارها‭ ‬لتبادل‭ ‬ملكها‭ ‬حبا‭ ‬بحب‭ ‬وتضحية‭ ‬بتضحية،‭ ‬ووفاء‭ ‬بوفاء،‭ ‬مثمنة‭ ‬عاليا‭ ‬الموقف‭ ‬الشهم‭ ‬لبطل‭ ‬التحرير‭ ‬والاستقلال‭ ‬الذي‭ ‬آثر‭ ‬المنفى‭ ‬على‭ ‬التنازل‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬عن‭ ‬العرش‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬قناعاته‭ ‬واختياراته‭ ‬في‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬وفي‭ ‬صون‭ ‬عزة‭ ‬وكرامة‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‮.‬
وفي‭ ‬حمأة‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬العصيبة،‭ ‬اندلعت‭ ‬أعمال‭ ‬المقاومة‭ ‬والفداء‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬كهدف‭ ‬أساسي‭ ‬لها‭ ‬عودة‭ ‬الملك‭ ‬الشرعي‭ ‬وأسرته‭ ‬الكريمة‭ ‬من‭ ‬المنفى‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬الوطن‭ ‬وإعلان‭ ‬الاستقلال‮.‬‭ ‬وتأججت‭ ‬المظاهرات‭ ‬والوقفات‭ ‬الاحتجاجية‭ ‬وأعمال‭ ‬المقاومة‭ ‬السرية‭ ‬والفدائية،‭ ‬وتكللت‭ ‬مسيرة‭ ‬الكفاح‭ ‬الوطني‭ ‬بانطلاق‭ ‬عمليات‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬بشمال‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬فاتح‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬1955‮.‬‭ ‬وبفضل‭ ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬المباركة‭ ‬والعارمة،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬خيار‭ ‬للإدارة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬سوى‭ ‬الرضوخ‭ ‬لإرادة‭ ‬العرش‭ ‬والشعب،‭ ‬فتحقق‭ ‬النصر‭ ‬المبين،‭ ‬وعاد‭ ‬الملك‭ ‬المجاهد‭ ‬وأسرته‭ ‬الشريفة‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬نونبر‭ ‬1955‭ ‬من‭ ‬المنفى‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬الوطن،‭ ‬لتعم‭ ‬أفراح‭ ‬العودة‭ ‬وأجواء‭ ‬الاستقلال‭ ‬وتباشير‭ ‬الخير‭ ‬واليمن‭ ‬والبركات‭ ‬سائر‭ ‬ربوع‭ ‬وأرجاء‭ ‬الوطن،‭ ‬وتبدأ‭ ‬معركة‭ ‬الجهاد‭ ‬الأكبر‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬لبناء‭ ‬وإعلاء‭ ‬صروح‭ ‬المغرب‭ ‬الحر‭ ‬المستقل‭ ‬وتحقيق‭ ‬وحدته‭ ‬الترابية‮.‬
وتواصلـت‭ ‬مسيـرة‭ ‬التحرير‭ ‬واستكمال‭ ‬الاستقلال‭ ‬الوطنـي‭ ‬باسترجاع‭ ‬طرفاية‭ ‬يوم‭ ‬15‭ ‬أبريل‭ ‬1958‭ ‬وسيدي‭ ‬افني‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬يونيو‭ ‬1969،‭ ‬لتتوج‭ ‬هذه‭ ‬الملحمة‭ ‬البطولية‭ ‬بتحرير‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬الأجزاء‭ ‬المغتصبة‭ ‬من‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربيـة‭ ‬بفضـل‭ ‬التحـام‭ ‬العرش‭ ‬والشعـب‭ ‬وحنكـة‭ ‬وحكمة‭ ‬مبدع‭ ‬المسيرة‭ ‬الخضراء‭ ‬المظفرة‭ ‬جلالة‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني،‭ ‬بتنظيم‭ ‬المسيرة‭ ‬الخضراء‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬نهجا‭ ‬حكيما‭ ‬وأسلوبا‭ ‬حضاريا‭ ‬في‭ ‬النضال‭ ‬السلمي‭ ‬لاسترجاع‭ ‬الحق‭ ‬المسلوب،‭ ‬والتي‭ ‬حققـت‭ ‬الهدف‭ ‬المنشود‭ ‬والمأمـول‭ ‬منها‭ ‬بجـلاء‭ ‬آخر‭ ‬جندي‭ ‬أجنبي‭ ‬عن‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬28‭ ‬فبراير‭ ‬1976‭ ‬واسترجــاع‭ ‬إقليم‭ ‬وادي‭ ‬الذهب‭ ‬في‭ ‬14‭ ‬غشت‭ ‬1979‮.‬
وإن‭ ‬أسرة‭ ‬الحركة‭ ‬الوطنية‭ ‬والمقاومة‭ ‬وجيش‭ ‬التحرير‭ ‬وهي‭ ‬تخلد‭ ‬الذكرى‭ ‬72‭ ‬لملحمة‭ ‬ثورة‭ ‬الملك‭ ‬والشعب‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬تقترن‭ ‬ببشائر‭ ‬أفراح‭ ‬الذكرى‭ ‬62‭ ‬لعيد‭ ‬ميلاد‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬لتتوخى‭ ‬تنوير‭ ‬أذهان‭ ‬الناشئة‭ ‬والأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬والمتعاقبة‭ ‬بقيم‭ ‬هذه‭ ‬الملحمة‭ ‬الكبرى‭ ‬واستلهام‭ ‬معانيها‭ ‬ودلالاتها‭ ‬العميقة‭ ‬في‭ ‬مسيرات‭ ‬الحاضر‭ ‬والمستقبل‭ ‬على‭ ‬هدي‭ ‬التوجيهات‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬الداعية‭ ‬إلى‭ ‬التزود‭ ‬من‭ ‬ملاحم‭ ‬كفاحنا‭ ‬الوطني‭ ‬الطافح‭ ‬بالدروس‭ ‬والعبر‮.‬‭ ‬وهي‭ ‬رسالة‭ ‬نبيلة‭ ‬وأمانة‭ ‬ومسؤولية‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬جميع‭ ‬المغاربة،‭ ‬ما‭ ‬فتئ‭ ‬جلالته‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬يدعو‭ ‬لها‭ ‬ويؤكد‭ ‬عليها،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬العرش‭ ‬ليوم‭ ‬السبت‭ ‬29‭ ‬يوليوز‭ ‬2023‭.‬

الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬لتثبيت‭ ‬المكاسب‭ ‬الوطنية‭ ‬

كما‭ ‬تغتنم‭ ‬مناسبة‭ ‬تخليد‭ ‬هذه‭ ‬الذكرى‭ ‬العطرة،‭ ‬لتجدد‭ ‬ولاءها‭ ‬وإخلاصها‭ ‬للعرش‭ ‬العلوي‭ ‬المجيد،‭ ‬وتعلن‭ ‬عن‭ ‬استعدادها‭ ‬الكامل‭ ‬وتعبئتها‭ ‬المستمرة‭ ‬وراء‭ ‬قائد‭ ‬البلاد‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تثبيت‭ ‬المكاسب‭ ‬الوطنية‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬وحدتنا‭ ‬الترابية‭ ‬غير‭ ‬القابلة‭ ‬للتنازل‭ ‬أو‭ ‬المساومة،‭ ‬متشبثين‭ ‬بالمبادرة‭ ‬المغربية‭ ‬القاضية‭ ‬بمنح‭ ‬حكم‭ ‬ذاتي‭ ‬موسع‭ ‬لأقاليمنا‭ ‬الجنوبية‭ ‬المسترجعة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‮.‬
وقد‭ ‬حظي‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬بالإجماع‭ ‬الشعبي‭ ‬لكافة‭ ‬فئات‭ ‬وشرائح‭ ‬ومكونات‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬وأطيافه‭ ‬السياسية‭ ‬والنقابية‭ ‬والحقوقية‭ ‬والشبابية،‭ ‬ولقي‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬من‭ ‬المنتظم‭ ‬الأممي‭ ‬الذي‭ ‬اعتبره‭ ‬آلية‭ ‬ديمقراطية‭ ‬وواقعية‭ ‬لإنهاء‭ ‬النزاع‭ ‬الإقليمي‭ ‬المفتعل‭ ‬حول‭ ‬أحقية‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬السيادة‭ ‬على‭ ‬ترابه‭ ‬الوطني‭ ‬من‭ ‬طنجة‭ ‬إلى‭ ‬الكويرة‮.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬المضمار،‭ ‬تستحضر‭ ‬وتثمن‭ ‬عاليا‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬السامي‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬ليوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬29‭ ‬يوليوز‭ ‬2025‭ ‬بمناسبة‭ ‬الذكرى‭ ‬26‭ ‬لتربع‭ ‬جلالته‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬أسلافه‭ ‬الغر‭ ‬الميامين،‭ ‬والذي‭ ‬أكد‭ ‬فيه‭ ‬حرص‭ ‬بلادنا‭ ‬على‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬محيطها‭ ‬وتمسكها‭ ‬بالصرح‭ ‬المغاربي،‭ ‬وبمواصلة‭ ‬سياسة‭ ‬اليد‭ ‬الممدودة‭ ‬للنظام‭ ‬والشعب‭ ‬الجزائري‭ ‬الشقيق،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬مخاطبا‭ ‬شعبه‭ ‬العزيز‭ ‬ومن‭ ‬خلاله‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‮:‬
‮”‬بموازاة‭ ‬مع‭ ‬حرصنا‭ ‬على‭ ‬ترسيخ‭ ‬مكانة‭ ‬المغرب‭ ‬كبلد‭ ‬صاعد،‭ ‬نؤكد‭ ‬التزامنا‭ ‬بالانفتاح‭ ‬على‭ ‬محيطنا‭ ‬الجهوي‭ ‬وخاصة‭ ‬جوارنا‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬علاقتنا‭ ‬بالشعب‭ ‬الجزائري‭ ‬الشقيق‮.‬
وبصفتي‭ ‬ملك‭ ‬المغرب‭ ‬فإن‭ ‬موقفي‭ ‬واضح‭ ‬وثابت؛‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬الجزائري‭ ‬شعب‭ ‬شقيق،‭ ‬تجمعه‭ ‬بالشعب‭ ‬المغربي‭ ‬علاقات‭ ‬إنسانية‭ ‬وتاريخية‭ ‬عريقة،‭ ‬وتربطهما‭ ‬أواصر‭ ‬اللغة‭ ‬والدين‭ ‬والجغرافيا‭ ‬والمصير‭ ‬المشترك‮.‬
لذلك‭ ‬حرصت‭ ‬دوما‭ ‬على‭ ‬مد‭ ‬اليد‭ ‬لأشقائنا‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬وعبرت‭ ‬عن‭ ‬استعداد‭ ‬المغرب‭ ‬لحوار‭ ‬صريح‭ ‬ومسؤول؛‭ ‬حوار‭ ‬أخوي‭ ‬وصادق‭ ‬حول‭ ‬مختلف‭ ‬القضايا‭ ‬العالقة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‮.‬
وإن‭ ‬التزامنا‭ ‬الراسخ‭ ‬باليد‭ ‬الممدودة‭ ‬لأشقائنا‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬إيماننا‭ ‬بوحدة‭ ‬شعوبنا،‭ ‬وقدرتنا‭ ‬سويًا‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬المؤسف‮.‬
كما‭ ‬نؤكد‭ ‬تمسكنا‭ ‬بالاتحاد‭ ‬المغاربي‭ ‬واثقين‭ ‬بأنه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬بدون‭ ‬انخراط‭ ‬المغرب‭ ‬والجزائر‭ ‬مع‭ ‬باقي‭ ‬الدول‭ ‬الشقيقة‮.‬
ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬فإننا‭ ‬نعتز‭ ‬بالدعم‭ ‬الدولي‭ ‬المتزايد‭ ‬لمبادرة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬كحل‭ ‬وحيد‭ ‬للنزاع‭ ‬حول‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‮.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬نتقدم‭ ‬بعبارات‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬للمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬الصديقة‭ ‬وجمهورية‭ ‬البرتغال‭ ‬على‭ ‬موقفهما‭ ‬البناء‭ ‬الذي‭ ‬يساند‭ ‬مبادرة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬سيادة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬صحرائه،‭ ‬ويعزز‭ ‬مواقف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬عبر‭ ‬العالم‮.‬
وبقدر‭ ‬اعتزازنا‭ ‬بهذه‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬تناصر‭ ‬الحق‭ ‬والشرعية،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬نؤكد‭ ‬حرصنا‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬توافقي‭ ‬لا‭ ‬غالب‭ ‬فيه‭ ‬ولا‭ ‬مغلوب‭ ‬يحفظ‭ ‬ماء‭ ‬وجه‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‮”.‬

‭ ‬تنظم‭ ‬المندوبية‭ ‬السامية‭ ‬لقدماء‭ ‬المقاومين‭ ‬وأعضاء‭ ‬جيش‭ ‬التحرير،‭ ‬صباح‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬20‭ ‬غشت‭ ‬2025‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة،‭ ‬مهرجانا‭ ‬خطابيا‭ ‬وندوة‭ ‬علمية‭ ‬برحاب‭ ‬الفضاء‭ ‬الوطني‭ ‬للذاكرة‭ ‬التاريخية‭ ‬للمقاومة‭ ‬والتحرير‭ ‬بالرباط‭ ‬،‭ ‬يتم‭ ‬خلالهما‭ ‬إلقاء‭ ‬كلمات‭ ‬وعروض‭ ‬وشهادات‭ ‬تحتفي‭ ‬بهذه‭ ‬الذكرى‭ ‬الغراء،‭ ‬وكذا‭ ‬تكريم‭ ‬صفوة‭ ‬من‭ ‬قدماء‭ ‬المقاومين‭ ‬وأعضاء‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬وتوزيع‭ ‬إعانات‭ ‬مالية‭ ‬ومساعدات‭ ‬اجتماعية‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المنتمين‭ ‬لأسرة‭ ‬المقاومة‭ ‬وجيش‭ ‬التحرير‭ ‬وأرامل‭ ‬المتوفين‭ ‬منهم‭ ‬المستحقين‭ ‬للدعم‭ ‬المادي‭ ‬والاجتماعي‮.‬
كما‭ ‬سيتم‭ ‬بنفس‭ ‬المناسبة،‭ ‬وعلى‭ ‬مألوف‭ ‬العادة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬سنة،‭ ‬تنظيم‭ ‬برامج‭ ‬أنشطة‭ ‬وفعاليات‭ ‬تربوية‭ ‬وثقافية‭ ‬وتواصلية‭ ‬مع‭ ‬الذاكرة‭ ‬التاريخية‭ ‬بسائر‭ ‬النيابات‭ ‬الجهوية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والمكاتب‭ ‬المحلية،‭ ‬وكذا‭ ‬بفضاءات‭ ‬الذاكرة‭ ‬التاريخية‭ ‬للمقاومة‭ ‬والتحرير‭ ‬عبر‭ ‬التراب‭ ‬الوطني‭ ‬وتعدادها‭ ‬106‭ ‬وحدة‭ ‬فضاء،‭ ‬بتنسيق‭ ‬وشراكة‭ ‬مع‭ ‬القطاعات‭ ‬الحكومية‭ ‬والمؤسسات‭ ‬العمومية‭ ‬والهيآت‭ ‬المنتخبة‭ ‬والجمعيات‭ ‬ومنظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬وبحضور‭ ‬قدماء‭ ‬المقاومين‭ ‬وأعضاء‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬وأرامل‭ ‬وذوي‭ ‬حقوق‭ ‬المتوفين‭ ‬منهم‭ ‬وعموم‭ ‬المواطنين‭ ‬وسائر‭ ‬فئات‭ ‬وأطياف‭ ‬المجتمع‭.‬

 


بتاريخ : 20/08/2025