غادر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، رفقة حرمه السيدة بريجيت ماكرون، المغرب، بعد ظهر الأربعاء، في ختام زيارة دولة للمملكة بدعوة كريمة من جلالة الملك محمد السادس.
وكان في وداع الرئيس ماكرون، لدى مغادرته مطار الرباط-سلا، رئيس الحكومة عزيز أخنوش.
وبعد استعراض تشكيلة من القوات الملكية الجوية أدت التحية، تقدم للسلام على الرئيس الفرنسي، أعضاء بعثة الشرف التي ضمت، على الخصوص، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، وسفيرة جلالة الملك بباريس، سميرة سيطايل.
وحققت زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي إلى المغرب لمدة ثلاثة أيام، نتائج باهرة، تجلت على الخصوص بالتوقيع على الإعلان المتعلق بالشراكة الاستثنائية الوطيدة بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، الرامية إلى تمكين البلدين من رفع جميع التحديات التي تواجههما بشكل أفضل، وذلك عبر تعبئة جميع القطاعات المعنية بالتعاون الثنائي والإقليمي والدولي.
وقد أكد جلالة الملك والرئيس الفرنسي على طموحهما المشترك في أن تعكس هذه الشراكة بين فرنسا والمغرب، عمق العلاقات القائمة بين البلدين والضاربة جذورها في التاريخ، ومتانة الروابط الإنسانية والثقافية ذات التنوع الغني والفريد، والتي تشكل أساس صداقتهما وتعاونهما منذ عدة عقود؛ واستثمار مكتسبات الشراكة وأوجه تكاملها للدفع بها بشكل لا رجعة فيه نحو مرحلة جديدة، وذلك في القطاعات الاستراتيجية التي تستجيب للتحولات التي تشهدها البلدان والتقلبات التي تطبع السياق الإقليمي والدولي؛ وكذا رغبتهما في تمكين العلاقات الفرنسية-المغربية من إطار استراتيجي شامل ومستقر ودائم، من خلال شراكة متينة تتطلع إلى المستقبل، وتحظى بالدعم على أعلى المستويات في كلا البلدين، مع إشراك جميع مكوناتهما والعمل على تنفيذها بشكل ملموس ومتطور ومبتكر، للاستجابة إلى تطلعات الأجيال الحالية والمستقبلية؛ وحرصهما على العمل كشريكين استراتيجيين في جميع المجالات، لاسيما الحوار السياسي، والشراكة الاقتصادية، والتبادل الإنساني؛ واعترافهما بالمساهمة القيمة للجماعات الترابية والمؤسسات التمثيلية والفاعلين الاقتصاديين والشباب والمجتمع المدني، وكذا المغاربة المقيمين بفرنسا والفرنسيين المقيمين بالمغرب، ورغبتهما في مواصلة تعزيز إسهامهم في هذه الشراكة.
كما أكد جلالة الملك والرئيس الفرنسي رغبتهما في تمكين المغرب وفرنسا من خلال هذه «الشراكة الاستثنائية الوطيدة»، من رفع جميع التحديات التي تواجهها البلدان، على شكل أفضل، وذلك عبر تعبئة جميع القطاعات المعنية بالتعاون الثنائي والإقليمي والدولي، وأكدا أيضا أن الجهود المشتركة التي يبذلها البلدان على الصعيدين الثنائي والدولي ستظل قائمة على أساس المبادئ التالية: العلاقة بين دولة ودولة، والمساواة في السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وفي اختيارات السياسة الخارجية، واحترام الالتزامات المبرمة، والثقة، والشفافية، والتشاور المسبق، وتضامن ومسؤولية كل طرف تجاه الطرف الآخر.
كما أكد جلالة الملك والرئيس الفرنسي التزامهما بتسخير «الشراكة الاستثنائية الوطيدة» لخدمة ثلاثة أهداف كبرى: تعزيز التقارب السياسي والاستراتيجي بين المغرب وفرنسا لتمكينهما من مواجهة التحديات الكبرى الراهنة؛ تعميق وتحديث الشراكة بين البلدين خدمة للتنمية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي واستقلاليتهما الاستراتيجية؛ مواصلة تدعيم تعاونهما المتميز في مجال الروابط الإنسانية والرأسمال البشري والثقافة، والمتجذر في إطار فرانكفونية قائمة على القيم والانفتاح.
كما تميزت هذه الزيارة بالتوقيع على استثمارات ضخمة بقيمة إجمالية تناهز 10 ملايير أورو. وشكلت العقود و الاتفاقيات ال 22 التي وقعت أمام جلالة الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الاثنين بقصر الضيافة بالرباط، دفعة غير مسبوقة للعلاقات الاقتصادية بين المغرب وفرنسا وزخما قويا للشراكة التاريخية التي تجمع البلدين.
وتبلغ القيمة الإجمالية لهذه الاتفاقيات الموقعة أمام قائدي البلدين ما لا يقل عن 10 ملايير أورو أي نحو 106 مليار درهم . وتشمل هذه الاتفاقات ميادين عدة، بينها النقل السككي، إذ تأكدت مشاركة الشركتين الفرنسيتين ألستوم وإيجيس في الشطر الثاني للخط الفائق السرعة بين طنجة (شمال) ومراكش (وسط)، فضلا عن قطاعات الطاقة والهيدروجين الأخضر وصناعة الطائرات.
وخلال زيارة الدولة هذه، جدد رئيس الجمهورية الفرنسية، إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، التأكيد بقوة، على دعم فرنسا لسيادة المغرب على صحرائه، وذلك خلال جلسة مشتركة لغرفتي البرلمان المغربي.
وقال رئيس الجمهورية الفرنسية «أجدد التأكيد على ذلك هنا أمامكم. بالنسبة لفرنسا، فإن حاضر ومستقبل هذه المنطقة يندرجان في إطار السيادة المغربية. الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يعد الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية»، مذكرا بذلك بالموقف الواضح والقوي الذي عبر عنه في الرسالة التي وجهها لجلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى ال 25 لعيد العرش.
وعبر الرئيس الفرنسي أيضا، باسم فرنسا، عن الالتزام ب»الوقوف إلى جانب المغرب في الهيئات الدولية»، مؤكدا أن «مخطط الحكم الذاتي لسنة 2007 يشكل الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي، عادل، مستدام، ومتفاوض بشأنه، طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».
وأضاف أمام منتخبي الأمة «وأقولها هنا أيضا، وبكل قوة، سيواكب فاعلونا ومقاولاتنا تنمية هذه المنطقة من خلال استثمارات ومبادرات مستدامة وتضامنية لفائدة الساكنة المحلية».
هذا التطور المهم في موقف فرنسا، يضعه الرئيس إيمانويل ماكرون في إطار سياق إقليمي يتعين أن يمنح الأسبقية للتعاون والتشاور. وأوضح الرئيس الفرنسي في هذا السياق أن «هذا الموقف لا يعادي أحدا. فهو يسمح بفتح صفحة جديدة بيننا، ومع كل من يريد العمل في إطار التعاون الإقليمي، في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ومع دول جوار المغرب والاتحاد الأوروبي».
وباعترافها بالحقوق الراسخة للمملكة، تؤكد فرنسا من خلال هذا الخطاب التاريخي الذي ألقاه رئيسها تحت قبة البرلمان، على عمق الروابط بين الدولتين والشعبين.
وحرص الرئيس الفرنسي على التأكيد على أن «المغرب وفرنسا ظلا، طوال العقود الماضية، حليفين مخلصين في الأوقات الصعبة، ففرنسا لم تخذل أبدا المغرب في جميع القضايا المصيرية التي واجهها».
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يغادر المغرب في ختام زيارة دولة ناجحة للمملكة
بتاريخ : 01/11/2024