الراضي وأنا عندما أسرَّ لي بترشيح نفسه ونشرت سره!

في الفصل 20 من سيرته التي كتبها الشاعر والرئيس السابق لاتحاد كتاب المغرب الصديق حسن نجمي بمهارة لا تضاهى، ينسبني الفقيد الكبير عبد الواحد الراضي إلى الظروف التي أحاطت بتقديمه لترشيح نفسه لقيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وقد وضعني رحمه الله في سياق الشروط التي قادته إلى الإعلان عن هذا الترشيح.
وفي المحصلة العامة، وجدت اسمي إلى جانب اسمه في سياق وصوله إلى الكتابة الأولى، وهو القدر نفسه الذي جعلني أفوز بعضوية المكتب السياسي تحت قيادته الرصينة والحكيمة.
يقول الفقيد في الموضوع:»بالنسبة إِليَّ، لم أكن أفكر في ترشيح نَفْسي إِلى مسؤولية الكاتب الأول، وذلك بالنظر إلى المناخ الذي كان سائداً. ما كنتُ حريصاً عليه أساساً أن أسهم في أن ينجح الحزب في تجاوز أَعطابه ويواصل طريقه. ثم فَاجأَني عدد من الإِخوة والأَخوات الاتحاديين، وبينهم عددٌ وافر من الشباب، بزيارة إِلى بيتي في الرباط، وحدثوني عن رؤيتهم للمرحلة التي كان يجتازها الحزب، والتي اعتبروها خطيرة جدّاً، وبالتالي،‏ «‏ينبغي أن يتحمل مسؤولية إِدارتها مناضل يمتلك بعض الميْزَات لا نراها في غيرك، وعليك أَنْ تُرشِّح نَفْسَك‏»‏.‏ وأَسوقُ هذا الكلام من باب التدقيق لا من باب مَديحٍ مَّا للذات. وتبادلنا الأَفكار والأبعاد، وطلبتُ أن يمهلوني لفترة قصد التفكير في هذا الموضوع الذي كنتُ قررتُ، مبدئياً بيني وبين نفسي، أَلاَّ أُفَكِّر فيه.(….)
في تلك الفترة زارني عبد الحميد اجمَاهْري الذي طَلَب مني إِجراء حوار صحفي لجريدة‏ «الاتحاد الاشتراكي‏»‏ ‏حول أشغال البرلمان والوضعية السياسية العامة. أجرينا الحوار، وعند نهايته فاجأني بالسؤال، هل سَأُرشِّحُ نَفْسي إِلى الكتابة الأُولى؟ واكتفيتُ بأن أجبتُه أَنَّ بعض الإِخوان زاروني واقترحوا عليَّ أن أُرشِّح نَفْسي، بلا زيادة وبلا نقصان.
والواقع أن الحجة الأساسية لهؤلاء الإخوة الذين زاروني هي أن تَرَشُّحي هو الوحيد الذي كان يمكنه أن يضمن وحدة حزبنا.
نُشرَ الحوار في الجريدة فعلاً، وقُرئ الخَبَر الذي أَسْرَرْتُ به تقريباً بصيغة أَن‏ «‏الراضي يُعلِن ترشيحه رسميّاً‏»‏.‏ وهكذا بدأَت ترشيحات الإِخوة الآخرين. ثم سَعَى بعض الإِخوة إِلى تجميع الإرادات في إِرادة اتحادية مُوَحَّدة، لكنهم أَخْفَقُوا في آخر المطاف ولم تثمر جهودهم الخيِّرة عن نتيجة إِيجابية».
لطالما أخبرني الفقيد بأنه لم يبحث أبدا عن مسؤولية أومنصب، في الحزب أو في غيره، ولطالما نادته الترتيبات الموضوعية لأوضاعنا داخليا وخارجيا إلى المهام التي كانت له، ومنها المهمة الأولى في أجهزة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. حيث إن الفقيد أسر بأن الشهيد المهدي بن بركة هو الذي وضع اسمه على قائمة الحزب وفي لجنته الإدارية، في ما بعد تأسيس الحزب في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، وسيكون هذا «التعيين» القدري من نصيبه طوال عمره السياسي الشعبي منه والرسمي..
يتبع


الكاتب : عبد الحميد جماهري

  

بتاريخ : 29/03/2023