تعيش العاصمة الرباط على وقع حدث كروي قاري استثنائي، مع احتضانها جانباً مهماً من منافسات بطولة كأس الأمم الإفريقية، في مشهد يعكس التحول الكبير الذي تعرفه المدينة على المستويات الرياضية والتنظيمية والسياحية. فالرباط، بهدوئها المعتاد، لبست حلة إفريقية نابضة بالحياة، وأصبحت خلال أسابيع البطولة مركز جذب للجماهير والمنتخبات والإعلام.
مدينة في قلب الحدث
منذ الأيام الأولى لانطلاق البطولة، بدت ملامح العرس الكروي واضحة في شوارع الرباط وساحاتها الكبرى. الأعلام الإفريقية ترفرف، القمصان الوطنية تملأ المقاهي، وأحاديث كرة القدم تتصدر النقاشات اليومية. هذا الزخم لم يكن عفوياً، بل نتيجة استعدادات طويلة جعلت العاصمة في مستوى تنظيم حدث قاري بهذا الحجم.
ملاعب حديثة واستضافة وازنة
تُعد الرباط المدينة الأكثر احتضاناً للمباريات ضمن البطولة، بفضل توفرها على أربعة ملاعب بمعايير دولية، يتقدمها ملعب الأمير مولاي عبد لله الذي يشكل القلب النابض للمنافسات، ويحتضن مباريات كبرى من بينها الافتتاح والنهائي.
إلى جانبه، تستقبل ملاعب الأمير مولاي الحسن، الملعب الأولمبي، وملعب المدينة (البريد سابقا) مباريات من دور المجموعات وأدوار متقدمة، ما يجعل العاصمة مسرحاً يومياً للفرجة الكروية.
أرقام ومعطيات
مشاركة 24 منتخباً إفريقياً من مختلف مناطق القارة.
تنظيم ما يقارب ثلث مباريات البطولة في الرباط.
طاقة استيعابية إجمالية للملاعب بالعاصمة تناهز 130 ألف متفرج.
حضور جماهيري قياسي في المباريات الكبرى، خاصة تلك التي يشارك فيها المنتخب المغربي.
المنتخبات الحاضرة بالرباط
تستقبل العاصمة مباريات لمنتخبات قوية وذات جماهيرية واسعة، في مقدمتها المنتخب المغربي الذي يخوض مبارياته أمام جماهيره، إضافة إلى منتخبات إفريقية معروفة بتاريخها الكروي، ما يمنح مباريات الرباط طابعاً تنافسياً وحماسياً عالياً.
النقل والتنقل… رهان التنظيم
اعتمدت الرباط على شبكة نقل حضرية متطورة لتسهيل تنقل الجماهير، تشمل الترامواي، الحافلات، والقطارات، مع تعزيز الخطوط في أيام المباريات. كما جرى تخصيص حافلات خاصة نحو الملاعب لتخفيف الضغط المروري.
ورغم تسجيل بعض الاكتظاظ قبل وبعد المباريات، فإن التنسيق بين مختلف المتدخلين ساهم في ضمان انسيابية مقبولة وتنقل آمن للجماهير.
الجمهور… نكهة إفريقية خاصة
الجمهور هو العنوان الأبرز في هذه البطولة. ففي الرباط، يلتقي المشجع المغربي بنظيره السنغالي، والنيجيري بالجزائري، في مشهد يجسد وحدة القارة عبر كرة القدم. الأغاني، الطبول، والألوان الزاهية حولت محيط الملاعب وساحات المدينة إلى لوحات احتفالية مفتوحة، عززتها مناطق مخصصة لمتابعة المباريات على شاشات عملاقة.
أثر اقتصادي وسياحي
عرفت الفنادق والمطاعم بالعاصمة انتعاشاً ملحوظاً، مع توافد آلاف الزوار من داخل المغرب وخارجه. كما استفادت قطاعات النقل والتجارة والخدمات من هذا الحراك، ما جعل البطولة رافعة حقيقية للاقتصاد المحلي، وفرصة للتعريف بمؤهلات الرباط الثقافية والسياحية.
أثبتت الرباط، خلال كأس الأمم الإفريقية، أنها ليست فقط عاصمة إدارية وسياسية، بل عاصمة قادرة على احتضان أكبر التظاهرات الرياضية القارية. تنظيم محكم، بنية تحتية متطورة، وجمهور شغوف… عناصر جعلت من الرباط نموذجاً لمدينة تعيش كرة القدم بروح إفريقية جامعة.


