يعيش السائقون بمدينة الدار البيضاء معاناة مستمرة مع مشكل ركن سياراتهم في شوارع وأزقة المدينة حيث يتصدى لهم، في كل وقت وحين، أصحاب “الجيليات الصفراء” حراس السيارات، الذين يطالبونهم بأداء تسعيرة الوقوف حتى إن لم يتعد ذلك الوقوف دقيقة أو دقيقتين، وهو ما استدعى التدخل العاجل من السلطات المعنية لوقف هذه الفوضى والتسيب في الشوارع، فخلال آخر يوم من السنة الماضية، وفي خطوة تهدف إلى الحد من الفوضى التي يعرفها قطاع حراس السيارات، قررت جماعة الدار البيضاء تجميد منح وتجديد رخص الحراسة في إطار جهود تنظيمية استعدادا لاستضافة المملكة تظاهرات رياضية كبرى، وذلك على غرار مدن مغربية سبقت الدار البيضاء إلى هذه البادرة، التي رغم ما فيها من إيجابيات إلا أنها أثارت استياء وانتقادات الحراس العاملين في هذا المجال الذين يرونها خطوة ستسد عليهم منافذ العيش هم وعائلاتهم.
تداخل المطالب بعدم اتخاذ خطوة مثل هذه لأنها ستقضي على مصدر رزق الحراس وأسرهم مع ما يطالب به المواطنون وخصوصا السائقون من وقف للتجاوزات الكثيرة والتسعيرات العشوائية والتحكم في الأرصفة والأزقة، أفرز جدلا واسعا حيث اعتبر حراس السيارات القرار /المذكرة التي أصدرتها رئيسة مجلس جماعة الدار البيضاء نبيلة الرميلي أنه ليس في صالح الحراس بل سيكون له تبعات كبيرة عليهم وعلى أسرهم ودعوا إلى ضرورة تنظيم القطاع دون المس بهم والإضرار بأسرهم، معتبرين القرار يفتقر إلى مقاربة تشاركية تُراعي أوضاعهم الاجتماعية، وبالبحث عن صيغ قانونية وإدارية جديدة تُنظم القطاع وتحمي حقوق العاملين فيه. مقترحين تنظيم الحراس ضمن هياكل قانونية وتوفير بطاقات مهنية وزي موحد، بهدف رفع مستوى هذه المهنة وضمان كرامة العاملين فيها.
بالمقابل ثمّن البيضاويون هذه المبادرة، معتبرين أنها ستسهم في الحد من تجاوزات بعض الحراس وتقليل التصرفات غير اللائقة تجاه السائقين، فضلا عن المساهمة في تنظيم الفوضى التي تعاني منها شوارع المدينة. ويُذكر أن هذا القطاع لا يتماشى مع ما جاء في بنود المخطط المديري للنقل والتنقل، الصادر منذ سنوات، والذي نص على توفير 45 ألف موقف خاضع للعدادات. إلا أن الواقع يكشف عن وجود 15 ألف موقف فقط، مع انتشار أكثر من 83 حارسا في تلك المناطق الخاضعة للعدادات، بالإضافة إلى حوالي 198 موقفاً عشوائيا تتراوح مساحتها بين 60 و160 مترا مربعا في مختلف أنحاء الدار البيضاء.
بعض “الخبراء القانونيين” دعوا إلى عدم الامتثال لأي حارس يطالب بأداء مبلغ مالي معين لأنه مرتكب لجريمة النصب وانتحال صفة ومحاولة استخلاص مبالغ مالية دون سند، والاتصال في حالة ما طالب أحد هؤلاء الحراس بمبالغ مالية، بالرقم الخاص بالشرطة أو بالرقم الخاص بالدرك مشددين على عدم التساهل مع الابتزاز الذي يمارسه بعضهم باحتلالهم للملك العمومي والاغتناء على حساب المواطن .
أما المسؤولون بجماعة الدار البيضاء فقد أكدوا أن الهدف من وراء هذه الخطوة حماية الفضاءات العامة وتنظيم استخدامها بشكل عادل، من خلال منح العقود لشركات متخصصة تلتزم بمعايير قانونية واضحة، ما يُعزز الثقة بين المواطنين والسلطات المحلية.
ورغم الأبعاد الإيجابية للقرار إلا أن التحدي الأكبر يبقى هو خلق التوازن بين حماية ممارسي هذه المهنة رغم المؤاخذات المسجلة في حقهم وتلبية تطلعات سكان الدار البيضاء التي تعاني من كثافة سكانية كبيرة وارتفاع عدد السيارات والاختناق في فضاءاتها العامة مما يدعو إلى رؤية تشاركية تنصف الجانبين .
الرميلي توقف رخص حراسة السيارات بالدار البيضاء والمعنيون يطالبون بتنظيم القطاع
الكاتب : خديجة مشتري
بتاريخ : 22/01/2025