الزاهية

أُسَمَّى الزاهية، وهو اسم من أصل عربي، ومعناه «المبتهجة». انفجرت من الضحك يوم عَرفْت ذلك، ففي داخلي، توجدُ دموعٌ أكثر بكثير من الفَرح. أنا أجْلسُ على كوْمَةٍ صَغيرة من الخَرائب.
أنا شُعلةٌ مِنْ حياةٍ، أُريد أنْ أنسى، ولا أريد بعدُ أن تُسرَق منِّي حَياتي.
حَلُمتُ لسنواتٍ أن أكونَ الشخصيَّةَ الرئيسيةَ
[لفيلم] «دَرْس البيانو». وأنْ أكونَ المرأةَ التي تُحرِّر صوتَها، وجسدَها، ولسانَها.
لذلك انظرْ إليَّ جيِّداً أَبي.
اليومَ، أنا صِرْتُ شخصيةً مَسرحيَّة.
صِرْتُ بطَلةً وأَرغَبُ بالقيام بكلِّ ما أريدُ.
يُمْكنُني أنْ أَحْظى بفُستانٍ رائع.
يُمكنني أنْ أكونَ أَجْمَل كما لمْ تَرَني يَوْما وهذا سيُؤلِمُكَ
إذْ تَراني نِصْفَ عارِية.
يُمكنُني أن أكونَ معشوقةَ روميُو أو أن أُثيرَ العواصِفَ التي
ستُغرِقُ سفينتَكَ البَئيسة.
يُمكنُني تَصَوُّر هُروبي إلى الأراضي الغريبة.
يُمكنُني أن أتحدَّث ببُحورِ الشِّعْر ولنْ تفهمَ سريعاً
لماذا يصير ما أقوله بغاية الجَمال.
«أَختبئ خِلالَ النَّهار، هاربةً منَ الضوء؛
الموتُ هوَ الإلهُ الوحيدُ الذي جَرُؤْتُ على التوسُّل إليه.
انتظرتُ اللحظةَ التي تَنْتَهي فيها صلاحيتي؛
مُتَغذِّيةً على المَرارة، على جُرعاتِ الدُّموع
مُجدَّدًا في بُؤْسي المُراقَب عنْ كَثَب
لم أَجرؤْ على إِغْراق نَفسي في دُموعي كنوعٍ منَ التسلية؛
تَذوَّقْتُ، مُرتجِفةً، هذه اللذَّةَ الفتَّاكة؛
وخَلْفَ جَبينٍ هادئٍ تتنكَّر وراءَه دُموعي،
كان ضروريا، في كثير من الأحيان، حِرماني مِنْ دُموعي.»
أثناءَ غَضَبي، يُمكنُني تَحْطيم روحِكَ.
يُمكنُني الحُكْمُ عليكَ بالإعدام.
وبَعْدَها قَتْلَك،
بالطَّريقة التي أُريدُها: بالسّمّ، برَصاصةِ مسدَّس، بخِنجَر.
أريدُ أن أُشخِّص لكَ سَرَطانا ساحِقا.
أَستطيعُ أنْ أَصِمَكَ بالعار إلى الأبَد وأُحطِّمَ إرْثَك.
إلى حدِّ أنَّ الناسَ سيذكرونَكَ كمَا يَذكُرون وَحْشاً.
يُمكنُني أنْ أَطْلُبَ مِنهُم أنْ يَذهبوا كيْ يَتقيَّؤوا عَلى قَبرِك.
يُمكنُني أنْ أُدَنِّسَ كلَّ مَساء الحُثالَةَ التي كُنْتَها.
يُمكِن أنْ أكونَ بَذيئَةً ومُخْزِية.
يُمكنُ أنْ أَنْبُشَ قَبرَك.
يُمكِن أنْ أَمْنَحَكَ للطيور الجَارِحة.
يُمكنُ أنْ أكونَ خَليلَةَ شَخْصٍ آخَر.
يُمكنُني أنْ أكونَ مَعشوقةً حتى المَوت؛
مَعشوقَةً إلى حدّ أن يَرغبَ المرءُ في المَوت لأجْلي.
يُمكِن أنْ أَحكُم اليونان وأنْ أَحُلَّ النِّزاعاتِ القديمةَ الممتدَّةَ
لآلاف السِّنين.
يُمكنُني أنْ أُصْبِحَ مَلِكَةً.
يُمكنُني تَنظيمُ حَفْل تَتْويجي.
يُمكنُني أنْ أَحْمِلَ تاجاً من الذَّهَب المُرصَّع بالألْماسِ المُقَدَّس
وأنْ أكونَ الشَّخْصَ الأكثرَ غَلاءً في العالم.
يُمكنُني أنْ أطْلُبَ من الناس الانحناءَ لِي.
أنْ يُضَحُّوا بأنفُسِهم لأجْلي.
أنْ يَذهَبوا إلى الحَرب لأجلي.
فَرْجي لهم مُقابلَ حِصان.
يُمكنُني أنْ أُغنّي وأَرقُص، يا أبي، يُمكنُني القِيام بذلك في الشارع.
يُمْكنُني تَنَشُّقُ أَزْهار الكاميليا وهُجران زَوْجي.
يُمكنُني إدانتُه وإلقاؤُه في السِّجن.
يُمكنُني أنْ أَصْفَعَ مَنْ أشاء، وأنْ أُقَبِّل منْ أشاء،
وأنْ أَتعرَّى لمنْ أشاء، وأنْ أسْتمتِعَ بمنْ أُريد.
يُمكِن أنْ أكونَ امرأةً لمْ يَسْبِقْ لها مَثيل.
يُمكنُني أنْ أكونَ أَطْلَسيَّةً، وأُحاديةَ الجانِب.
أُريد أنْ أخترِعَ الكَلماتِ المُنقِذة.
أُريد أنْ أغدوَ كائنةً هائلةً وأنْ أَقومَ بكلِّ الأَشياءِ التي يُحرِّمُها الرِّجالُ
مِثلكَ على النِّساء.
يُمكنُني التوقُّفُ عنْ ذِكْر اسمِك، يا أبي.
يُمكنُني أنْ أَحْظى بضوءٍ كَشَّافٍ مُسَلَّطٍ على جَسَدي وأنْ تَغرَق
كلُّ الأمْكِنةِ الأُخرى في الظلام.
يُمكنني أنْ أكونَ وحيدةً في العالَم، أَنْصِتْ إليَّ جيِّداً يا أبي: يُمكنُني
أنْ أُصْبِحَ كذلك إلى الأبَد.
غيُّوم بّوَا Guillaume Poix كاتب ومؤلف روايات ومسرحيات فرنسي من مواليد 11 مارس 1986. نشأ بالقرب من مدينة ليون. دخل المدرسة العليا في 2007 ثم درس المسرح. كتب مسرحياته الأولى: «مستقيم» (2014) – و»السماء توجد على الأرض» (2017) – التي تم تقديمها في مهرجان أفينيون. كما عمل مع المخرجة كلير سيمون في فيلمي: «مكاتب الله» و «محطة قطار الشمال».
من أعماله الأخرى: «الخيوط الناظمة»، رواية 2017. «نجم» Star، رواية 2023.


الكاتب : نص شعري لـ غِيُّوم بّوَا ترجمة: محمد العرابي

  

بتاريخ : 27/06/2024