تعرف منطقة الأحباس في مدينة الدارالبيضاء انتعاشة سياحية جد مهمة، إذ حسب عدد من المهنيين والحرفيين الذين يزالون مهامهم في هاته المنطقة التاريخية، التي تعتبر ذاكرة رمزية للعاصمة الاقتصادية، فإن السواح من جنسيات مختلفة يحلّون بالمنطقة بشكل مكثف وتصاعدي، خاصة بعد تدشين محطات الرحلات في ميناء الدارالبيضاء من طرف الملك محمد السادس.
وأوضح عدد من المهنيين لـ «الاتحاد الاشتراكي» بأن سياحا من جنسيات مختلفة، سواء الذين يحلّون في المنطقة ضمن وفود جماعية في إطار جولات سياحية منظمة ومؤطرة، أو أولئك الذي يزورون الأحباس بشكل «ثنائي» أو عبر مجموعات صغيرة، يضفون على المنطقة التي تغريهم بالتجول بين دروبها ومساكنها وأسوارها رونقا خاصا، الأمر الذي يساهم في تنشيط الحركة التجارية، وفي خلق دينامية مهمة على مستوى البيع والشراء، لاسيما على مستوى محلاّت الملابس التقليدية و»البازارات» وغيرها.
ولا تغري الأحباس الأجانب لوحدهم فهي تستقطب المغاربة كذلك الذين ينتهزون فرصة تواجدهم بتراب العاصمة الاقتصادية، بمن فيهم سكان البيضاء حين حضورهم بدرب السلطان لقضاء غرض من الأغراض، لزيارة المنطقة والتمتّع بسحرها الخاص وبالهدوء وبجمالية المكان التي تضفي في شموليتها عليها لمسة خاصة، لكن كل هذه الإيجابيات لا تمنع عددا من المتتبعين من إثارة الانتباه إلى أنها تحتاج إلى المزيد من الدعم لتأهيلها أكثر ولتجاوز النقائص التي من الممكن أن تعتريها، خاصة وأنه من المنتظر أن تعرف إقبالا اكبر لاسيما خلال الاستحقاقات الرياضية المقبلة، ويتعلق الأمر أول بتظاهرة الكان ثم لاحقا بحدث المونديال.
وإذا كانت الأحباس ترتدي حلّة بهية بالنهار كما في الليل، وإن كانت طقوسها في المساء تكون أكثر شاعرية وجمالية، فإن هناك بعض المظاهر الشائنة والطائشة التي تقع بين الفينة والأخرى التي تعتبر نقطة سوداء تتطلب مواجهة صارمة، وهي المتعلقة بظاهرة السرقة بالنشل والخطف، التي يقوم بها بعض الجانحين، كما وقع قبل أيام على مستوى تقاطع زنقة القسطلاني وفيكتور هيجو وأحمد الفكيكي، الذي شهد عملية سرقة بالخطف طالت الحقيبة اليدوية لإحدى السائحات، وقد تكرّر نفس المشهد تقريبا قبل ذلك، بعد أن تعرّض سائح لخطف هاتفه من يده بنفس النقطة الجغرافية.
هذا النوع من الحوادث وإن كان «استثنائيا» وعابرا، إلا أنه لا يبعث على الارتياح ويسيء لكل الجهود التي يتم بذلها، وهو ما يتطلب حضورا أكبر لعناصر الشرطة السياحية وللدوريات الأمنية المختلفة، التي لا يجب أن يقتصر تركيزها على وسط الأحباس بل حتى على محيطه، بما أن المنطقة بأبعادها الممتدة، تغري الكثيرين بالتجول والتطلع على باقي الأزقة المجاورة لهذا الحي العريق.
وإلى جانب ما سبق يبقى تأهيل ساحة سيدي محمد بن عبد لله، التي تعتبر هي الأخرى نقطة تجعل عددا من السياح يسعون لاستكشافها بما أنها تتواجد في نفس المحور الجغرافي، ضرورة تتطلب تعاطيا مستعجلا، خاصة بعد عملية هدم وتنقيل محلات الجزارة إلى «الفضاء الجديد»، الذي يفتقد للعديد من المقومات، الصحية منها بالأساس، بما أن المنطقة كلها غارقة في النتانة وفي مخلّفات النفايات، في الوقت الذي كان من المفروض تشييد فضاء أخضر، وتوفير كل الشروط الضرورية لكي تصبح هذه الرقعة الجغرافية شبيهة إلى حدّ ما بـ «ساحة جامع الفناء»، وذلك في إطار صورة سياحية متكاملة تربط الأحباس بالبلدية.

