السياسات العمومية الدامجة للشباب

 

إن الشبيبة الاتحادية، ومنذ تأسيسها سنة 1975، شكلت التنظيم السياسي الشبيبي الأول، الذي اهتم بقضايا الشباب بالبلاد، كما أنها لعبت أدوارا حاسمة في انتزاع العديد من المكتسبات لفائدة الشباب المغربي، خصوصا ما تعلق بقضايا التربية والتعليم، تجسدت في النضال من أجل ترسيخ نموذج تعليمي شعبي ديمقراطي يعتمد الجودة والمجانية كمعايير مبدئية بين أبناء المغاربة، كما أنها قطعت أشواطا في قضايا متعلقة بالمشاركة السياسية للشباب ومساهمتهم في بلورة القرار العمومي، ونذكر في هذا السياق المعركة التي قادتها منظمتنا العتيدة في سبيل تمكين الشباب والشابات البالغين من العمر 18 سنة من حقهم في الترشح والتصويت في الاستحقاقات الانتخابية، بدل ما كان مقررا قبل ذلك ومحددا في 23 سنة، كما كان للشبيبة الاتحادية باع طويل في نبذ كل أشكال العنف وخطاب التطرف والكراهية باعتبارها منظمة تقدمية حداثية وطنية تنتمي للمدرسة الاشتراكية الديمقراطية ناضلت وتناضل من أجل تحقيق مجتمع اشتراكي تسوده الحرية والمساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية، مؤمنة بالحقوق الكونية للإنسان، ففور تأسيسها انطلقت المنظمة في الترافع، بشكل مباشر، حول دور الشباب في تطوير اﻵﻓﺎق اﻟﺘﻨﻤﻮﻳﺔ ﻟﻠﻤﻐﺮب، وإنجاح التغيرات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﺴﻮﺳﻴﻮ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺑﺸﺮوط اﻟﺘﻨﺸﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺸﺒﺎب، وركزت على أن وﺿﻊ وﺗﻨﻔﻴﺬ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻋﻤﻮﻣﻴﺔ ﻣﺘﻴﻨﺔ ﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﺸﺒﺎب ﺿﺮورة ﻣﻠﺤﺔ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﺗﺪﺧﻼت ﻣﻨﺴﺠﻤﺔ وﻣﺘﻨﺎﺳﻘﺔ، لأن ﻫﺬﻩ اﻟﺘﻌﺒﺌﺔ ﺳﺘﺆﺳﺲ ﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺗﺜﻤﻦ وﻟﻮج اﻟﺸﺒﺎب ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ واﻟﻔﺎﻋﻠﺔ وﺗﺆدي إلى إﺣﺪاث ﺗﻐيير في اﻟﻌﻘﻠﻴﺎت واﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت، وقلنا في مناسبات سياسية مختلفة ومتعددة إن لهذه التحديات، التي يتوجب على المسؤولين العموميين والخواص والمانحين والمجتمع المدني رﻓﻌﻬﺎ، ﺗﺪاﻋﻴﺎت آﻧﻴﺔ وأﺧﺮى ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ، ﻓﺈن الحاﺟﺔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻋﻤﻮﻣﻴﺔ دامجة وﻣﻼﺋﻤﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺸﺒﺎب أﺿﺤﺖ إﺣﺪى أﻫﻢ اﻷوﻟﻮﻳﺎت التي ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﺗﻮاﻓﻘﺎ واﺳﻌﺎ ورؤﻳﺔ ﻋﻠﻰ المدى اﻟﺒﻌﻴﺪ، ﻓﺎﻟﺘﻮاﻓﻖ ﻫﻮ اﻟﺴﺒﻴﻞ اﻷﻣﺜﻞ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺻﻨﺎع اﻟﻘﺮار اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺸﺒﺎب، ﺑﻞ وﻣﻌﻬﻢ أﻳﻀﺎ، وﻓﻖ اﺗﻔﺎق ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ لحاجياتهم، وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ، ﻻ يمكن وﺿﻊ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺸﺒﺎب وﻓﻖ ﻣﺴﺎر ﺻﻴﺎﻏﺔ «ﻣﻦ اﻟﻔﻮق»، وهذا ما ظهر مع اتحاديي 20 فبراير في الحراك الشبابي الذي عرفه المغرب سنة 2011، لتأخذ الدولة بمطالبه عبر وزارة اﻟﺸﺒﺎب واﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﺑﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﺘﻌﺪدة ﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻠﺸﺒﺎب ووضع الاﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﻤﻨﺪﻣﺠﺔ ﻟﻠﺸﺒﺎب 2015-2030 بشعار «ﺷﺒﻴﺒﺔ ﻣﻮاﻃﻨﺔ ﻣﺒﺎدرة ﺳﻌﻴﺪة وﻣﺘﻔﺘﺤﺔ»، ارتكزت أهم محاورها على: التربية والتكوين – سياسات التشغيل – اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺼﺤﻴﺔ ومحارﺑﺔ اﻵﻓﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ – ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻹدﻣﺎج اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ والاقتصادي – اﻟﻘﻴﻢ والمواﻃﻨﺔ، والتأطير الجمعوي واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ – ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن .
وبالعودة لدستور 2011 نجد أن السياسات الوطنية للشباب تقع في قلب الوثيقة القانونية الأسمى في البلد، والتي أعادت بناء الاستراتيجيات والسياسات من منطلقات ومقتضيات دستورية ملائمة للمواثيق الدولية، ومنذ ذلك أصبح من الضروري، وأكثر من أي وقت مضى، تنزيل استراتيجية وطنية دامجة توفر الإطار العام لرعايتهم وتوفر شروط ملائمة لتنمية قدراتهم بغية المشاركة في الحياة العامة وبناء المجتمع من مناحيه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية لملء مساحات التأثير الخاصة بهم في المجتمع، بغية تحقيق مقاصد تجعل الشباب يتمتعون بجودة التعليم والتكوين مع فرص الاندماج الاجتماعي والاقتصادي، متشبعين بالقيم المواطنة والوطنية، وينعمون ببيئة من السلام والأمن الاجتماعي، متمكنين من الاستقلال الذاتي، وهذه هي الأدوار والمهام الملقاة على عاتقنا كشباب اشتراكي واشتراكي ديمقراطي حول العالم…
وفي الأخير، أود أن أشير إلى أن المؤتمر الوطني التاسع للشبيبة الاتحادية أعطى دروسا في المناصفة باعتمادها في جميع أجهزته التنفيذية والتقريرية، كما أننا نفتخر أن المكتب الوطني وأعضاء الشبيبة الاتحادية هم في مناصب المسؤولية في مختلف الجماعات المحلية والجهوية وكذلك مجلس النواب والمستشارين .
«نحن نبني الشباب والشباب يبني الوطن»، وأقول لكم من مراكش : «يا شباب العالم اتحدوا».
(*) الكاتب العام للشبيبة الاتحادية


الكاتب : فادي لوكيلي العسراوي (*)

  

بتاريخ : 02/06/2023