الشاعرة حسنة أولهاشمي تترك البريد بلا فراشات

حقا كما كتبت ذات حياة:
«للموت فوهة عجيبة
على حافتها
شيدتُ ركنا تسكنه الخطايا الجائعة
تشبه تلك التي نسيها أبي
ذات حرب»
وهاهي الفوهة العجيبة تحرق فراشات الشاعرة حسنة أولهاشمي. وتترك البريد يلم ويلملم رسائله.
خبر حزين وجارح، تلقاه جميع عشاق الكلمة والحياة صباح أمس، رحلت حسنة أولهاشمي، فراشة الشعر التي قاومت الألم بشجاعة نادرة متسلحة بالأمل الذي لا تخبو شعلته لسنوات طوال.
حسنة أولهاشمي، ابنة تيفلت الأديبة والشاعرة والناقدة والمثقفة، تميزت في الأوساط الأدبية والثقافية بدماثة أخلاقها وبثقافتها الواسعة، والتي كانت تعمل دائماً على تعميقها بالقراءة والدراسة، حيث نهلت من مختلف ينابيع المعرفة: فكرا فلسفة تاريخا وتصوفا مما خول لها بأن تتسلح بحمولة معرفية كبيرة ظهرت جليا في كتاباتها.
خلفت الراحلة ديواني شعر «من عين البومة .. مر فرح صغير» و»بريد الفراشات « ، إضافة الى مشاركتها أيضا في عدة كتب جماعية في مختلف الأجناس الأدبية. وقد صدر عن ديوانها الشعري ديوان «بريد الفراشات « كتاب نقدي، من طرف ثلة من النقاد بعنوان» شعرية النص وتجليات التجديد / قراءة في ديوان بريد الفراشات» .
عن رحلتها مع الألم، كتبت:
«الصفعات التي ذاقها جسدي الصغير
من يد «القابلة «
قبل أن تقطع الحبل السري
لتشتعل الحياة في دمي
كانت مصحوبة بدندناتها الجنوبية
دندنات معتقة بجرح
تمرغ في كبرياء كثبان الصحاري
وتسلل في غفلة من العطش
ليوقظ بمهارة رعشات الماء.
حين كبرت
أصبح دمي واحة بعيدة
تأوي العائدين من سهو الكلمات
في خلجان عيونهم يرص القدر
ليل المعنى
في خلسة من اللغة يغفو الوجع
ويعلو الوتر ..
الصفعات التي ذاقها جسدي الصغير
تتحرك في رأسي الآن
تتحول لتصبح
يدا رهيفة
تأخذني إلى ضفاف أمسي
حيث أحمل مظلة وأجوب دروب الحارة المبللة
بتنورتي المربعة بالاخضر والأحمر
بضفيرتين مزينتين بوردات الدانتيل الزهري
وقطرات المطر تبلل حذائي الأحمر اللامع
شفتاي ترتعشان وتبتلعان فرحا طريا
وجهتي بائع الحمص المحمص
المملح بغبطة الكادحين ..»


بتاريخ : 09/03/2022