الشاعر الإيطالي جوزيبي كونتي: طُوبَى لِعَيْنَيْكَ، يَا أَنَسَ الشَّرِيفِ

تكريما لجميع الصحفيين الذين اغتيلوا أثناء حرب الإبادة على غزة، الشاعر الإيطالي جوزيبي كونتي يكتب قصيدة جديدة بعنوان «عينا أنس الشريف».
القصيدة من ترجمة الروائية والمترجمة الجزائرية أمل بوشارب.
يبني جوزيبي قصيدته هاته على فكرة «الإبصار والبصيرة» كرمز للشهادة والإدراك، ويأخذ فعل الإبصار والرؤية شكلا أخلاقيا ووجوديا. إذ يبدأ الشاعر بمباركة عيني أنس الشريف، الذي «أبصر وأرادنا أن نبصر»، مما يجعله وسيطا بين المأساة في غزة والعالم الخارجي، وتصبح عيناه بوابة للحقيقة والرؤية الأخلاقية.
جدير بالذكر أن الشاعر الإيطالي جوزيبي كونتي حاصل على جائزة الأركانة العالمية للشعر التي يمنحها بيت الشعر في المغرب، ويُعد واحدا من أهم أعمدة الشعر الإيطالي المعاصر، والمعروف بأسلوبه الشعري الذي يجمع بين الرومانسية والالتزام بالقضايا الإنسانية، وتعكس خصوصيات شعره المعروف بارتباطه بما هو مقدّس، كوني، إنساني، وصوفي الطابع، إلى جانب استحضاره القوي لقيم الرحمة والتضحية والبحث عن النور وسط الظلام. وتكون بذلك «عينا أنس الشريف» قصيدة جوزيبي كونتي (مواليد 1945) تكريما شعريا لجميع الصحفيين الذين اغتيلوا أثناء حرب الإبادة على غزة.

عينا أنس الشريف

غَزَّةَ،
مَدِينَةَ البَحْرِ وَالشَّهَادَةِ،
مُحَاصَرَةً، مُنْتَهَكَةً،
تَطْعَنُهَا خَنَاجِرُ الكُرْهِ،
وَهَذَيَانُ السُّلْطُة
لَدَى مَنْ لَا يَعْرِفُونَ الرَّحْمَةَ.
أَبْصَرْتَ، وَأَرَدْتَنَا أَنْ نُبْصِرَ
أَطْرَافًا صَغِيرَةً تُبْتَرُ،
أَطْفَالًا تَحْتَ مِبْضَعِ الجَرَّاحِ بِلَا بَنْجٍ،
يَرْتَجِفُونَ، هَائِمُونَ، مُجَوَّعُونَ،
يَبْحَثُونَ عَنِ الحَلِيبِ وَالخُبْزِ،
شُرُودًا بَيْنَ خِيَامِ اللَّاجِئِينَ الهَشَّةِ،
وَحِيدُونَ فِي مُوَاجَهَةِ المَوْجِ.
لَكِنّ أورُوبَّا العَمْيَاءَ لَم تُبْصِر،
أَهْلُهَا يسكنون الضياع،
وَفِي قَلْبِهَا أُطْفِئَتِ البَصِيرَةُ.
أَبْصَرْتَ، وَأَرَدْتَنَا أَنْ نُبْصِرَ
كَيْفَ يَنْتَصِرُ شَعْبٌ حَزِينٌ وَأَبِيٌّ لِكَرَامَتِهِ،
أَبْصَرْتَ، وَأَرَدْتَنَا أَنْ نُبْصِرَ
كَيْفَ يَبْزُغُ فَجْرٌ جَدِيدٌ عَلَى غَزَّةَ،
وَكَيْفَ تُحَلِّقُ الحَمَائِمُ فَوْقَ الدَّبَّابَة،
لِيُولَدَ يَوْمُ الحُرِّيَّةِ.
طُوبَى لِعَيْنَيْكَ، يَا أَنَسَ الشَّرِيفِ،
لِرُوحِكَ الطَّاهِرَةِ،
لِرَاحَتِكَ فِي جَنَّاتِ وَرْدٍ
عِنْدَ رَبٍّ رَؤُوفٍ رَحِيمٍ.
طُوبَى لِقَلْبِكَ الشُّجَاعِ،
فَمَنْ يُحِبُّ لَا يَمُوتُ،
هُوَ حَيٌّ، يَبْقَى.
لَكِنّ أُورُوبَّا العَمْيَاءَ لَم تُبْصِر،
أَهْلُهَا يَسْكُنُونَ الضّيَاعَ،
وَفِي قَلْبِهَا أُطْفِئَتِ البَصِيرَةُ.

غشت 2025.


بتاريخ : 10/09/2025