الشاعر الإيطالي جوسيبي كونتي يتسلم الأركانة العالمية للشعر

صلى على قبر حافظ الشيرازي من أجل أفق كوني للشعر

 

كانت لحظة تتويج الشاعر الإيطالي جوسيبي كونتي، في الحفل الذي نظم بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط، مساء أول أمس الأربعاء، بالأركانة العالمية للشعر التي يمنحها بيت الشعر في المغرب، لحظة أكد من خلالها الشاعر كونتي أن الشعر صوت من لا صوت لهم، ولسان المهمشين والمقصيين لأنه يوقظ الإنسانية بداخل الانسان، تلك الإنسانية التي تداس اليوم في غزة وفي الأراضي المحتلة، حيث لا لغة إلا لغة القتل من طرف “قوى بربرية يجب مقاومتها”، وهي قوى تهدد العالم كله بتحويل الإنسان إلى “مجرد آلة أو زومبي، عبر التشجيع على سيادة ثقافة التسليع والتشييء والاستهلاك .
واعتبر كونتي، بالمناسبة، وهو يتوجه إلى شعراء المغرب بالشكر العميق، أن لحظة تتويجه أمام هذا الحضور الهائل، تمنحه شعورا مضاعفا بالفرح، سيحتفظ به طيلة حياته”، هو المؤمن بأن “القصيدة جسر روحي بين الشرق والغرب، وأنها السبيل، بجانب الأسطورة، إلى تعزيز روح الإخاء بين الشعوب”، معلنا تشبثه بالشعر “سفرا نحو الضوء ونحو اللامتناهي والعجيب”، حيث لم تكف قصيدته من السبعينات عن توسيع أخيلته بحس جمالي شكلت الطبيعة والأسطورة والمقدس، تيمة أساسية في نصوصه.
من جهته، اعتبر الشاعر والأمين العام لجائزة الأركانة العالمية للشعر ،حسن نجمي، أن لحظة تتويج الشاعر جوسيبي كونتي بالجائزة هي لحظة احتفاء بـ”شاعر كبير، شفيف النظرة، عميق العبارة، حليف للكلمة المضيئة، صديق للحياة”. وأضاف نجمي أن كونتي “ابن شرعي للشعرية الإيطالية الحداثية المعاصرة التي تنتسب للمتوسط، شعرية تتكلم لغة من أجمل لغات العالم، مشيرا إلى أن كونتي “صديق غربي حر للثقافة العربية،وللشرق الحضاري والإنساني، وأحد المثقفين المعاصرين بأوروبا الذين عملوا على تجسير العلاقة مع الثقافة والأدب المغربيين” من خلال  علاقاته مع عدد من الشعراء العرب مثل أدونيس ومع الشعراء والمغاربة في الداخل أو بدول المهجر، هو الذي يعتبر اللغة العربية والحضارة الإسلامية من مرجعيات متخيله الشعري والأدبي.
الشاعر مراد القادري ورئيس بيت الشعر، اعتبر أن تتويج كونتي بجائزة هذه السنة هو إنصاف لإحدى التجارب الملهمة، حيث لفت كونتي الأنظار منذ السبعينات إلى طراوة قصيدته وسحر لغته. هو الشاعر الذي “استلهم الأساطير والثقافات الأولى في بعدها المساعد على استشراف عالم إنساني جديد .شاعر تمثل عالمنا العربي وخاصة تراثه الصوفي ليفتح له النوافذ المشرعة على الترميز والإشارة وكتابة قصيدة بظلال الأشجار وصوت الأنهار”.
ولم تحد كلمة المديرة العامة لمؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير، الراعي الرسمي للجائزة،وفاء نعيم الإدريسي، عن الإشادة بالمسار الطويل الذي قطعه كونتي “من أجل أن يمنح للإنسانية قصيدة عميقة ممتعة، وقادرة على أن تساعدنا على فهم العالم والحياة”.
كلمة وزارة الثقافة، التي وزعت في كتيب بالمناسبة، أكدت على أن جائزة الأركانة تشكل مناسبة للتلاقي المثمر مع الشعرية المتوسطية، وهي مناسبة إضافية لترجمة النجاح الذي حققته الجائزة في ربط الشعرية المغربية مع عدد من شعريات العالم.
رئيس لجنة التحكيم الجائزة ، الأكاديمي والمترجم سيموني سيبيليو ، أشاد بغنى التجربة الشعرية للشاعر كونتي ، حيث تميز شعره بـ”كثافته الغنائية، وعمقه التأملي، ونفسه الكوني واختراق البعد الإنساني للحدود مهما كان نوعها”، شعر يحتفي بالحب والحرية وبقدرة هائلة على تحقيق ذلك العناق الرمزي بين الشرق والغرب، مما مكنه من إعادة البناء الأسطوري لمعاني العالم، حيث النور يضيء العتمة باحثا عن الجمال الثاوي في البعد الأخلاقي.


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 24/11/2023