تقارير المجلس لا تقرأ بالشكل المطلوب، شأنها شأن الكتاب
أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي السنة الماضية تقريرا شخص فيه الوضعية القرائية بالمغرب، متوقفا عند الأعطاب التي تقف أمام تعميمها ومقترحا حلولا لتجاوز هذه الأزمة، خاصة في ظل المد الرقمي والثورة المعلوماتية التي أحدثت تغييرا شاملا على مستوى أدوات القراءة والتلقي. وقد اختار المجلس عرض تقريره الغني بالمعطيات التحليلية والإحصائية بمناسبة المعرض الدولي للنشر والكتاب في خطوة سعى من خلالها إلى الانفتاح على جمهور القراء والمهتمين بالكتاب.
التقرير الذي قدمه رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي محمد رضا الشامي، بمعية منير أمين العلوي رئيس اللجنة الدائمة المكلفة بمجتمع المعرفة والاعلام بالمجلس، وعبد الله الدكيك مقرر اللجنة بسط ملامح الأزمة وعناصرها، مقترحا في توصياته عددا من الإجراءات العملية في أفق تجاوزها.
في تقديمه لتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الموسوم بـ»النهوض بالقراءة: ضرورة ملحة»، شدد أحمد رضا الشامي رئيس المجلس على أن القراءة هي أهم مدخل من مداخل التنمية في المجتمعات المتقدمة، وليست ترفا كما يتمثلها بعض المغاربة، مستشهدا بالنموذج الفرنسي الذي تساهم فيه الثقافة بما يعادل 7 مرات مساهمة قطاع السيارات في الناتج الوطني الخام، وهو ما يجعل المجتمع المغربي في حاجة ماسة الى المصالحة مع الكتاب وكل أشكال الفكر، مع الانفتاح في نفس الوقت على الوسائط االجديدة.
وعبر الشامي، بنوع من المرارة، عن أن التقارير التي ينجزها المجلس، شأنها شأن الكتب في هذه البلاد، لا تقرأ بالشكل المطلوب، وهو ما دفع المجلس الى التفكير في إعداد كبسولات بصرية وسمعية تتضمن توصيات المجلس في ظل واقع مغربي لا يقرأ فيه المغربي إلا 14 دقيقة في الأسبوع بمعدل دقيقتين في اليوم، مقارنة مع الهند مثلا التي يقرأ فيها القارئ 10 ساعات في الاسبوع وفرنسا بمعدل 7 ساعات في الاسبوع، وهي نتيجة طبيعية لغياب العادات القرائية داخل الأسر، وغياب الفضاءات المشجعة على القراءة.
وأشار الشامي الى أن الهدف من التقرير ليس إنجاز عمل إحصائي يتوقف عند التشخيص، بل يتجاوز ذلك الى التشجيع على القراءة و»مزاولة هذا الطقس مدى الحياة من خلال مؤشرات دالة»، مطالبا الجماعات الترابية بضرورة امتلاك مشاريع لتطوير القراءة، بشراكة وتنسيق مع المجتمع المدني والمقاولات الخاصة في إطار مسؤليتها الاجتماعية عبر تمويل الخزانات المدرسية والمراكز الثقافية.
بدوره، شدد عبد الله الدكيك مقرر اللجنة التي عملت على إنجاز التقرير، أنه على يجب أن يتم التأسيس لطقس القراءة في سن مبكرة، ما يجعل القراءة مسؤولية جماعية تتداخل فيها أدوار المدرسة والاسرة والمحيط والجهات الترابية والمؤسسات الاقتصادية، مقترحا كحل لهذه الازمة إعادة النظر في أدوار الفضاءات الثقافية وفق سياسة ثقافية تضع مواجهة ضعف المقروئية ضمن أولوياتها.
وساق الدكيك العديد من الأمثلة للتدليل على بعض الإكراهات التي تواجه رهان النهوض بالقراءة في المغرب ومنها:عدم انخراط بعض الفاعلين المؤسساتيين والحكوميين في دعم الكتاب، مما يؤزم وضعية قطاع النشر والكتاب، ووجود9 في المائة من المؤسسات العمومية فقط التي تتوفر على خزانات مدرسية، وتسجيل ضعف واضح في عملية ترويج وتسويق الكتاب، إذ 80 في المائة من رقم معاملات المكتبات يتم خلال فترات الدخول المدرسي، ووجود 609 مكتبات فقط في 1500 جماعة، ناهيك عن سوق طبع ضعيفة والتي لاتتجاوز سقف إصدارها خلال السنة 3000 كتاب لا يتجاوز متوسط سحبها 500 نسخة لا ترتفع إلا في حالات نادرة لبعض الكتاب المعروفين.
وبخصوص الدعم الذي تقدمه الوزارة، شدد الدكيك على ضعف هذا الدعم الذي لا يتجاوز 9 ملايين درهم، ما لا يشجع على ترويج اكتاب وبالتالي النهوض برهان القراءة ، وهو الرهان الذي تزيد نسبة الأمية المسجلة بالمغرب من تعقيد سبل تجاوزه ، إذ تصل الى 32 بالمائة في صفوف البالغين 10 سنوات فما فوق.كما أن 3 في المائة من الاطفال مابين 7 و14 سنة يقرأون، وهو رقم له رمزيته ودلالته التي مؤداها أن عملية إعادة التصالح مع القراءة تتم في مرحلة الطفولة.
وقد أصدر المجلس في إطار بحثه عن سبل لعتجاوز هذا الواقع القرائي الضعيف العديد من التوصيات نذر منها:
الدعوة الى تنظيم مناظرة وطنية حول القراءة – إعادة تأهيل المكتبات المدرسية
تخصيص ميزانية خاصة للنهوض بالقراءة داخل الجماعات الترابية وتشجيع النشر بتحفيز ودعم قطاع الناشرين ومنح الجوائز- تأهيل المشرفين عليها -خلق فضاءات خاصة للقراءة في مختلف أماكن العيش – تسهيل الولوج الى القراءة لذوي الاحتياجات الخاصةو، استغلال الإمكانات التي تتيحها التطور الرقمي، مساهمة الاعلام في ربح رهان تعميم القراءة.