صدرت عن المركز الثقافي للكتاب مطلع سنة 2024، رواية للكاتب هشام ناجح تحت عنوان:(الشجعان) وهي من الصنف المتوسط، تقع في 368صفحة.
رواية كتبت بذكاء، تقول ما لايقوله التاريخ المتداول، تعري حقبة هامة من التاريخ المنسي للفئات المهمشة، في سبيل تحرير الوطن من هيمنة الاستعمار، وتميط اللثام عن التضحيات التي بذلوها من جهة، ومدى معاناتهم من المتحكمين في البلاد والعباد من جهة أخرى.
لقد أبدع الكاتب هشام ناجح في رسم شخصيات الرواية، داخل نسق اجتماعي مركب، مما تسنى له رصد كل جوانب الحياة اليومية للأفراد داخل النسيج الاجتماعي، مع الوصف الدقيق لكل المعارك، والتقاطه لأدق التفاصيل، متغلغلا بذلك داخل نفوس شخصياتها المتمردة والمتعطشة للحرية.
تبقى الشخصية المحورية في الرواية، المدعوة (امباركة بنت حمو) أو(البهيشية) أو (النيرية)، وإن تعددت الأسماء فهي لشخصية حقيقية، أبلت بلاء جسيما مع المقاومة المسلحة جنبا إلى جنب مع المحاربين، بدعمهم وحثهم في ساحة الوغى، ومشاركتهم برأيها، وتحفيزهم بأشعارها الداعية إلى إنهاض الهمم، وكذا وصفها الآسر للمعارك بكلماتها المدهشة.
لقد كانت «النيرية» صوتا قويا للمقاومة، حاملة للواء الرفض والتمرد، فهي صاحبة قصيدة (الشجعان)المشهورة، التي تغنى بها القاصي والداني في ربوع البلاد.
هنا يتجلى دور الكلمة في توطيد الصفوف وتثبيت الهمم، وكذلك الفن الذي يربط الأرض بالإنسان. وهي محاولة من الكاتب ببعث هذه الشخصية -امباركة بنت حمو- من مرقدها ومنحها روحا جديدة، مبرزا بذلك دور المرأة الريادي ومكانتها في التنظيم الاجتماعي المغربي، متجاوزا بذلك الصورة النمطية عن المرأة المغلوبة على أمرها، التي تشكلت عنوة في وعينا الجمعي.
هشام ناجح رصد في هذه الرواية، الإخفاقات والخيبات التي مر منها المجتمع المغربي، وظلال البؤس التي كانت تخيم عليه، ومحاولة المستعمر الفرنسي طمس معالم وأسس المجتمع المغربي بكل أطيافه، وتكالب بعض الخونة من حكام وقواد وأعيان على دعم المستعمر، ضد فئات المجتمع سواء بالبوادي أو المدن.
أعتبر أن هذه الرواية هي تأريخ لفترة هامة وسوداء، حملت معها كل صنوف التغييرات التي عرفتها كل مناحي الحياة الاجتماعية بالمغرب، وبالتالي أرى أنها تحمل معها شرارات التمرد على كل ما هو جاهز.
أما عن اللغة فهي ثرية وفي غاية الدقة، اختار الكاتب مفرداتها بعناية فائقة لتتماشى مع النص المكتوب، وتنساق هي الأخرى في بوتقة أحداث الرواية، كي يتسنى للمتلقي هو الآخر خوض غمارها.