أكد الدكتور محمد هاشم تيال، أن المرحلة التي يعيشها المغرب والعالم جد دقيقة، في ظل حرب متواصلة ضد فيروس كورونا المستجد، وضد الإشاعة والعديد من المسلكيات السلبية. وأوضح الاختصاصي في الصحة النفسية والعقلية، في تصريح خص به «الاتحاد الاشتراكي»، أن العديد من الأشخاص قد يتعرضون لانتكاسات صحية نفسية في ظل الوضع الذي يحيط بهم، سواء تعلق الأمر بالذين سبق وأن عانوا من مشاكل نفسية، أو الذين لديهم شخصية «هشّة»، مما يجعلهم عرضة للتأثر بشكل سريع، بل وحتى بالنسبة للأشخاص الذين ليست لديهم سوابق على المستوى النفسي.
وأوضح الخبير الصحي، أن الأشخاص الذين لديهم شخصية هشّة أو لديهم مشاكل نفسية، حاليا أو سبق أن عانوا منها في لحظة من اللحظات، هم عرضة للتأثر بكل ما له صلة بوباء فيروس كورونا المستجد، فهم يعيشونه كما لو تعلّق الأمر بـ «عدوان نفسي»، مما يؤدي إلى «كسر» شخصية الإنسان، وتدمير توازنه النفسي إذا لم يكن مستقرا، فتظهر عليه العديد من الأعراض ويصاب بتبعات نفسية متعددة، مما قد يؤدي به إلى الانهيار، الأمر الذي سيستوجب عرض نفسه على مختص من أجل العلاج النفسي.
وأبرز الدكتور تيال، أن الأشخاص الذين لم يعانوا يوما من مشاكل نفسية وليست لهم شخصية هشة، هم أيضا قد يتأثرون بما يقع اليوم، وتختلف درجات التأثر والضرر من شخص إلى آخر. هذه الفئة ، يقول المتحدث، تكون عرضة لما يمكن تشبيهه بـ «العدوان النفسي»، وإن كانت ظاهريا تستطيع مقاومته والتعامل معه، لكن مع ارتفاع أرقام الإصابة بالمرض والوفيات، ومع انتشار العدوى، ترتفع حدّة التأثر عند الأشخاص، خوفا من احتمال تعرضهم للإصابة رغم التوازن الذي أبدوه لمدة معينة، فيرخي هذا الأمر بظلاله ووقعه عليهم وعلى محيطهم.
هذا الوضع، يؤكد الاختصاصي في الصحة النفسية والعقلية، لـ «الاتحاد الاشتراكي»، أنه يجعل الأشخاص يطرحون جملة من الأسئلة التي تتحول إلى الهواجس، فتطغى عليهم الأفكار السلبية بالأساس، من قبيل احتمال أن يصابوا بالمرض وأن يفارقوا الحياة، ويتركوا أقاربهم، من أمهات وآباء وأزواج وأبناء وغيرهم، ويخشون على مصيرهم ومستقبلهم، فتهيمن عليهم هذه الأفكار رويدا رويدا، حتى تغلّهم ولا يستطيعون أمامها القيام بأي شيء. وأكد الدكتور هاشم على أن تحكّم الأفكار السلبية في الأشخاص بسبب كورونا المستجد، يؤدي إلى ظهور أعراض نفسية / جسدية، كعدم القدرة على النوم، والخوف، والضيق في التنفس، والإحساس بعقدة في الصدر، وارتفاع وتسارع نبضات القلب، إضافة إلى أعراض في الجهاز الهضمي والإسهال، وعلى مستوى الجهاز البولي، وأخرى عند المرأة الحائض، والحال أن الأمر يتعلق بضغوط نفسية تمثلت في أعراض عضوية وإن لم تكن صحيحة.
أعراض، يضيف الاختصاصي في تصريحه، أن الشخص سيجد نفسه أمامها، خاصة من لديه شخصية «هشّة» أو سبق وأن كان يعاني من مرض نفسي، عرضة للانهيار العصبي وإلى تبعات صحية نفسية وخيمة، أو عودة الأمراض النفسية السابقة، مما سيحتم مراجعة طبيبه ومعالجه النفسي، لتلقي المساعدة التي تتطلبها وضعيته والخضوع لحصص العلاج والتقيد بالوصفة الدوائية. وأكد الدكتور هاشم أن هذه الأعراض لا تؤثر على الشخص المعني بها فقط وإنما تؤثر على علاقاته بالمحيطين به، فينقل إليهم تلك السلبيات من خلال تواصله معهم، لهذا يجب عليه حماية نفسه، خاصة من المعلومات القادمة من شبكات التواصل أساسا، فإذا كان من المفيد أن يكون الإنسان على علم بما يقع من حوله، فإنه لا يجب أن يبحث عن أخبار المرض وكل ما يتعلق بتفاصيله من أي مصدر وفي أي بقعة من بقاع العالم، خاصة حين يكون أغلبها عبارة عن أخبار خاطئة، والحال أنه يجعلها محور حياته كلها.
ودعا الدكتور هاشم تيال المواطنين والمواطنات، إلى الحفاظ على العادات الصحية، المتمثلة في التغذية المتوازنة، واحترام ساعات النوم، والقيام بحركات جسدية في المنزل، إلى جانب الاستمرار في التواصل مع الأقارب والأهل وإن لم يكن ذلك بشكل مباشر بسبب الإجراءات الاحترازية والوقائية، والانفتاح على مواضيع أخرى من خلال المطالعة، واللعب مع الأبناء، ومشاهدة الأفلام، وخلق نوع من الحياة الإيجابية في المحيط الذي يعيشه الشخص وتطوير الحياة العائلية، مؤكدا على أنه بمثل هذه الخطوات وغيرها يمكن المساهمة بروح المواطنة في التصدي للحرب التي دخلها المغرب ضد الوباء. واختتم الاختصاصي في الأمراض النفسية والعقلية تصريحه للجريدة، بضرورة التقيد بتوصيات منظمة الصحة العالمية، مؤكدا على أن أحسن وقاية تتمثل في تفادي القفازات، والحرص على غسل الأيدي والأصابع وما بينهما بالماء والصابون بشكل جيد، والعطاس في منديل ورقي ورميه في القمامة مباشرة، أو في الكوع، والابتعاد قدر الإمكان عن العلاقة المباشرة، مع التشديد على أن الكمامات هي صالحة لمهنيي الصحة في علاقة بالمرضى لا غير.

