«الشكل الفيلمي» لسيرجي آيزنشتاين بالعربية عن «المتوسط»

صدر عن «منشورات المتوسط – إيطاليا»، ال»كتاب التأسيسي» الأهمّ في مجال دراسة السينما، وفي تركيبِ «شكل» الفيلم في عالم الشاشة البيضاء، وهو بعنوان: «الشكل الفيلمي» – «مقالات في نظرية الفيلم» للمخرج والمُنظِّر السينمائيّ الروسي، وأحد أهم السينمائيّين العالميين سيرجي آيزنشتاين، والذي قال عنه الباحث البريطاني ريتشارد تايلور: «إذا كان هناك أحدٌ يستحقُّ أنْ يوصفَ بأنَّه شكسبير السينما فمِنَ الواجب أنْ يكونَ هو سيرجي آيزنشتاين … ولكن على عكس شكسبير كان آيزنشتاين أكثر من مُجرَّد ممارسٍ رائدٍ لفنِّه، بل كان أيضاً المُنَظِّر الأساسي له». ترجمَ الكتاب وكتبَ حواشيه الفنان والمخرج المصري عماد أرنست، نقلاً عن النسخة الإنكليزية التي ترجمها وحرَّرها الناقد ومخرج الأفلام الأميركي جاي ليدا.
يقبع كتاب «الشكل الفيلمي» في القلب من التوجُّه الذي تبناه السينمائيُّون السوفييت الطليعيُّون منذ أواخر العقد الثاني لبدايات القرن العشرين، وهو توجُّهٌ يُنكِر «القصة»، ويعتمد في تركيب الفيلم على بُنْيَتِه البَصريَّة وطريقةِ توليفِ العناصر السينمائيَّة، وتجاورِ دلالاتها للخروج بدفقةٍ ذهنيَّةٍ «تحثُّ المُتفرِّج على التفكير والإدراك الحسِّي» في ما تُمَثِّله الصور المُتحرِّكة المعروضة على تلك الشاشة البيضاء، مُعتمِداً في ذلك على مقاربته الخاصة جدَّاً وتطويره الاستثنائي لفَهْمِ الدراما الإغريقية بشَقَّيْها من مأساة وملهاة.
كتابٌ يُكملُ المقاربةَ السينمائيَّة والنقديَّة لمفاهيم سيرجي آيزنشتاين وعالمه الفنِّي، وإتاحته كمرجعٍ فنِّي لأجيال صُنَّاع الفيلم ودارسيه الجديدة، باللُّغة العربيَّة، سَيُسهِم في تأسيسٍ صحِّيٍّ لفكرهم على دِقَّة النصوص لا على اقتباساتٍ غامضةٍ منتشرة في ابتسار، وخاصَّةً فيما يخصُّ مفاهيم آيزنشتاين المونتاجية والإخراجية التي لامست جوهرَ السينما.
يوضِّح المترجم عماد أرنست في مقدِّمة الكتاب أنَّه رغم كون هذه الترجمة هي الأولى للُّغة العربية لكتاب غاية في الأهمّيّة بمجال دراسة السينما، سواء بشكل فردي أو في المعاهد المتخصّصة؛ فهو من أعمدة المناهج الدّراسيّة بكل معاهد السينما في العالم، ورغم أهمّيّته البالغة في تأسيس مفاهيم السينما السّوفييتيّة بشكل دقيق لدى المتخصّص أو المثقّف، وقدرته الهائلة في الحَضّ على فكرة البحث الأصيل والدقيق لدى الفنّان والسّينمائيّ على حَدّ سواء، وأنه سيساهم في قراءة مكتملة لمجمل أعمال آيزنشتاين النّظريّة والفيلمية لما يحتويه من مادّة مفتاحية إضافية لأفكاره الواردة في الترجمات العربية الجادَّة لكتابيَهْ «الحسّ الفيلمي» و»مذكّرات مخرج سينمائي»، ورغم كونه «مرجعاً فنِّيَّاً»؛ كان لا بدّ من وضع حَدّ لافتقاد صانعي السينما وعاشقيها ودارسيها للكتاب في لغتهم الأُمِّ. وإن إتاحته بين أيدي الأجيال الجديدة من صُنّاع الفيلم ودارسيه سيُسهم في تأسيسٍ صحِّيٍّ لفكرهم على دقّة النصوص لا على اقتباسات غامضة منتشرة في ابتسار، وخاصّة فيما يخصّ مفاهيمه المونتاجية والإخراجية. وحتّى يصبح أيضاً اتّكاء النّقّاد والدارسين والمؤرّخين اتّكاء بحثيَّاً سليماً، ينتج عنه نقاشات وأبحاث ودراسات ورسائل ماجستير ودكتوراه تتّسم بالنزاهة والدّقّة فيما يخصّ الشكل الفيلمي في فتراته المرجعية. فمنذ اللحظة الأولى لدخولي معهد السينما لدراسة الإخراج عام 1989 توجّهتُ لمكتبتها، فلم أجد بين أرففها، وإلى الآن، هذا المرجع «الأساس» والكتاب الوحيد الذي يتناول الشكل الفيلمي «تنظيريَّاً عبر الممارسة»، والذي منحتْني الصدفة وحدها، لا إرشاد مدرِّس أو منهج بجامعة نيويورك أو سان بطرسبورغ لتلميذه، العثور عليه والاستفادة البالغة منه.(…)
إنها تحيَّة لدأب الباحثين عن النزاهة والدّقّة فيما يخصّ الشكل الفيلمي في فتراته المرجعية، وفي مراحل تطوُّره، وحتى اللحظة.
أخيراً جاء الكتاب في 496 صفحة من القطع الوسط. متضمِّناً اثني عشر مقالاً تأسيساً غاية في الأهمية في نظرية الفيلم، معنونة كالتالي: عبر المسرح إلى السينما، المباغت، المبدأ الفني السينمائي والإديوجرام، مقاربة جدلية للشكل الفيلمي، البعد الرابع الفيلمي، طرق المونتاج، دروس في المعالجة، اللغة الفيلمية، الشكل الفيلمي: مشاكل جديدة، البناء الفيلمي، إنجاز، ديكنز وجريفيث والفيلم المعاصر، وملحقان هامان؛ ملحق (أ): بيان في الفيلم الناطق لـ آيزنشتاين وبودوفكين وألكسندروف، ملحق (ب): تدوينات من معمل مخرج، وقد قام المترجم بإعداد ملحق كبير مرفق بترجمته العربية متضمناً لحواشي المقالات وأعلامها، وسيرة وتواريخ هامة لآيزنشتاين، وكذلك فيلموجرافيا محققة لسيرجي آيزنشتاين. وفي الأخير، مصطلحات ومفاهيم سينمائية وردت في الكتاب، وتوسعات في مصطلحات ومفاهيم على صلة بها.


بتاريخ : 06/03/2021

أخبار مرتبطة

  يستمر المهرجان الدولي للسينما المستقلة في مساره بخطى تابثة و مطمئنة، حيث شهد المركب الثقافي محمد زفزاف بالدارالبيضاء، ليلة

في الذكرى 22 لرحيل صاحب العديد من الأغاني الخالدة   حلت يوم الأربعاء 24أبريل 2024 الذكرى 22 لرحيل الفنان والمطرب

  “بعد توقيف برنامج “طريق المواطنة”، على قناة “تمازيغت” (الثامنة)، يبقى لنا الفخر بالتميز على مدى 13 سنة (…)، برنامج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *