الصادق الرغيوي: أول المطالب إدماج الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد من أجل مدرسة عمومية مغربية موحدة

 

 كيف تقيمون كنقابة وطنية عملية التربية والتكوين في ظل جائحة كورونا؟

ابتداء من 02 مارس 2020 تفاجأ المغرب كما العالم بجائحة كوفيد 19، وابتداء من 16 مارس 2020 أغلقت المؤسسات التعليمية بالمغرب، وبسرعة تم اتخاذ قرار التعليم عن بعد عبر مختلف التقنيات المختلفة، وكذا عن طريق الدروس في التلفزة المغربية لكل مستويات التعليم المدرسي، وفي هذا الصدد يمكن القول إن القرارات كانت جريئة واستباقية، وفي مستوى مواجهة آثار الجائحة بكافة الوسائل المتاحة، وهو ما جعل المغرب مثار تنويه من مختلف الملاحظين حيث أشادت كل المنظمات التربوية الصديقة في مختلف أقطار العالم وكذا المؤسسات الدولية المهتمة بالتربوية بالنموذج المغربي في إنقاذ السنة الدراسية 2019 ـ 2020. غير أنه لا بد من إبداء الملاحظات التالية:
أ- رغم أهمية القرارات المتخذة، إلا أنه لم يتم الاهتمام الكافي بضرورة توفير العدة اللوجيستيكية لمساعدة الطاقم التربوي على الإنجاز.
ب- عدم إنجاز دورات تكوينية لكافة الأطر التربوية والإدارية لتطوير الكفايات التقنية لأداء أفضل.
ت- عدم تكافؤ الفرص بين التلاميذ، مما حرم جزءا كبيرا من أبناء المجتمع المغربي من تتبع حصص التعليم عن بعد، بسبب الفوارق الاجتماعية أحيانا، والمجالية أحيانا أخرى، وهو ما ينبغي معالجته كأولوية في القريب العاجل، حتى لا يبقى أي طفل دون مقعد في المدرسة، أو عاجزا عن تتبع أو مواصلة التعليم عن بعد إذا لزم الأمر ذلك مستقبلا.
ث- لا بد من التقوية وإعادة الاعتبار لنساء ورجال التعليم، ولمختلف الأطر الإدارية بالتعليم المدرسي والتعليم العالي الذين كانوا في الخطوط الأمامية للحفاظ على مواكبة أبناء الوطن لدروسهم في مختلف المستويات بالتعليم المدرسي والعالي، مضحين بأوقاتهم وطاقاتهم وبأموالهم، لمسايرة الوتيرة وإنقاذ الموسم الدراسي والجامعي عبر مختلف وسائل التواصل والمنصات الرقمية دون تكوين مسبق لتقنيات التدريس الرقمي.

هل يمكن إطلاع القراء على الوضع التعليمي والملف المطلبي لنساء ورجال التعليم؟

أقل ما يمكن قوله حول الوضع التعليمي أنه يعيش أزمة تخبط، نتيجة السياسات المتبعة، والمتميزة بتنفيذ توصيات المؤسسات المالية الدولية، أما عن الملف المطلبي فحدث ولا حرج، أول المطالب هو إدماج الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، من أجل مدرسة عمومية مغربية موحدة، ومن أجل القضاء على التشغيل الهش لموظفي الدولة، وإلغاء الفوارق والبلقنة بين فئات الشغيلة التعليمية داخل المؤسسات التعليمية وهو ما يضعف الآداء، ويكرس الإحباط، ولا يمكن أن ينتج الجودة إطلاقا.
إضافة إلى أن الملف المطلبي لنساء ورجال التعليم لا يزال يعرف تلكؤا وتسويفا منذ 2012 إلى الآن، حيث نبدأ من الصفر مع كل وزير منذ 2012، فقد تنكر بنكيران منذ البدء لما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2011، خاصة إحداث درجة جديدة، وجرجرة ملف ضحايا النظامين، توقيف الترقي بالشهادات، وتمطيط حل مشكل الإدارة التربوية، والدكاترة، والتخطيط والتوجيه، والعاملون خارج إطارهم الأصلي.
هذه الملفات التي اعتقدنا أنه تم حلها حسب الاتفاق مع الوزارة، إلا أنه يمكن القول اليوم إن كل الوعود كانت مجرد مزحة، لم نعد ننتظر حلها على المستوى المنظور، لأن الحكومة تريد ربح بعض الوقت في انتظار الاستحقاقات المقبلة لنبدأ في مفاوضات جديدة مع وزير جديد وحكومة جديدة، وهكذا دواليك، وهو ما يرسخ دواعي اليأس والإحباط الذي لن ينتج إلا التطرف والظلامية والعدمية.
وإذا كانت الحكومة تستغل حرصنا على مصلحة البلد فوق كل اعتبار في ظل حالة الطوارئ الصحية، فإننا نقول لها: لا بد أن تنتهي الجائحة وينجلي الليل، وآنذاك سيكون لنا موعد، وليسألوا التاريخ.
كما أن الشغيلة التعليمية بكافة فئاتها لا تزال تنتظر إصدار النظام الأساسي الذي طال انتظاره وكثرت فيه الوعود منذ 2012، لتوحيد وتحفيز وإنصاف نساء ورجال التعليم الذين يطالبون بالعدالة الأجرية مع باقي قطاعات الوظيفة العمومية.

 كيف ترون منهجية الحوار القطاعي ونتائجه مع الوزارة الوصية والآفاق المستقبلية؟

لا بد من الإشارة إلى أن الحوار القطاعي عرف تطورا كبيرا خلال عقود كانت النقابة الوطنية للتعليم تعلب دور المحور الأساسي منذ أواسط الستينيات مرورا بسنوات الجمر والرصاص والاعتقالات والطرد في السبعينيات وصولا إلى التحكيم للملك الراحل الحسن الثاني، حيث تم فتح مرحلة جديدة ابتدأت بإخراج النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية سنة 1985، وكنا آخر قطاع يحصل على نظام أساسي آنذاك.
وفي ظل الثغرات التي ظهرت أثناء تنزيله آنذاك، وإثر المؤامرات التي تعرض لها ملف الشغيلة التعليمية من طرف شيوخ النقابات أواسط التسعينيات، حيث انطلقت سلسلة جديدة من النضالات والإضرابات، وصولا إلى بداية حكومة المرحوم عبد الرحمان اليوسفي، والتي انتهت بالترقية الاستثنائية وبنظام 2003 الذي تضمن الكثير من الإيجابيات، غير أنه تضمن أيضا الكثير من الثغرات التي لا تزال تداعياتها إلى حدود الساعة، وهو ما يتطلب معالجتها في القريب العاجل، فقد عمر قانون 1985، 18 سنة ومرت على نظام 2003، 18 سنة (الله لا يزيد أكثر).
كما يجدر القول إن المغرب قبل حكومة بنكيران، كان قد راكم تجربة رائدة على مستوى الحوار الاجتماعي والحوار القطاعي الذي يعتبر التعليم عموده الفقري في الوظيفة العمومية، غير أن حكومة العدالة والتنمية أقل ما يمكن القول بخصوصها إنها حكومة إلغاء المكاسب ووأد تجربة الحوار، التي نعتقد جازمين أنها السبيل الوحيد لحل كافة الإشكالات المطروحة.

 


الكاتب : حوار: عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 10/03/2021