«مواطنة فلسطينية»، هكذا تسمي نفسها قبل تعريفها كناشطة وصحفية فلسطينية أردنية: سارة سويلم و المتشبعة بقيم المواطنة حتى النخاع، شربت من نبع العديد من الثقافات العربية بعد تهجيرها قسرا رفقة عائلتها من فلسطين نحو الإمارات، الأردن، ثم إلى تركيا.التقيناها فكان هذاالحوار و الذي حكت لنا فيه عن مسارات حياتها المهنية والشخصية، ما بين حنينها لأرض شجرة الزيتون، واستكمال مسارها الإعلامي بإسطنبول.
-كيف عاشت سارة سويلم طفولتها؟
– أولا شكرا على هذا اللقاء المتميز، فطفولتي كانت مليئة بحب فلسطين وعشق الوطن، ترعرعت و أنا بالثالثة من عمري على حب الأناشيد، و حب المقاومةالفلسطينية، فأنا من بيت مقاوم، حتى لما هجرنا قسرا وانتقالنا للإمارات، لم ينطفئ لهيب عشقي لفلسطين، بل بنيت منه برجا عاليا بداخلي و ظل يسكنني..
– مسارك الدراسي بدأ بالتخصص بالاقتصاد الإسلامي، لينتهي بدراسة الإعلام والصحافة، فمن دعمك بهذه الخطوة؟
– بعد الله عز وجل و الذي وهب في قلبي و عقلي حب فلسطين، صراحة كان الكل بعائلتي يدعمني، الوالد و الوالدة، خصوصا عمي الدكتور جهاد سويلم أبو عبد الرحمان رحمه الله، كان دائم الدعم لي بهذه النقطة في سبيل صمودي، و نقل الحقيقة الكاملة، و نقل خبر تحرير فلسطين عما قريب، كذالك عمي أبو العبد هنية رحمه الله دعمني كثيرا و عزز ثقتي بنفسي من خلال شكره العام لي عن طريق العديد من المنابر الإعلامية، و منها: قناة الجزيرة، و هذا فخر و شرف كبير لي، فدراستي للإعلام كانت بالأردن، أما مجال الإقتصاد الإسلامي فاكتشفت بحوره بالإمارات.
– ما هي أهم الدروس التي استخلصتها من خلال عملك كصحفية، خصوصا و أنت الآن تعيشين ببيئة متعددة الثقافات؟
– أهم الدروس التي تعلمتها في غربتي عن وطني فلسطين و وطني الثاني الأردن، هي: «المبادئ» فالمبادئ لا تتجزأ، فكلما واجهتنا ضغوطات، و مهما ضيق علينا، إلا أننا تابثون على موقفنا، و أنا كسارة سويلم، لن أحيد عن مبدئي، و سأبقى عليه مهما حصل لي، فالقضية الفلسطينية قضية عقيدة، و قضية أمة بأسرها، و نطالب كل من يقول أنه داعم للقضية، أن يقوم بدوره و يتخذ موقف مشرف لتنتصر فلسطين.
– كيف تقييمين تجربتك في العيش و العمل في تركيا كصحفية فلسطينية؟
– بالنسبة لتجربتي في العيش بإسطنبول، بشكل خاص كصحفية، فقبل أن أكون ناشطة فلسطينية، أنا مواطنة فلسطينية، عانينا الشتات، و حرمنا رؤية فلسطين، و لكن ترعرعنا على حب الوطن، و من خلال «منبركم الإعلامي»أريد ان أوجه رسالة شكر للشعب التركي، لأنه شعب مساند للقضية الفلسطينية شأنه شأن الشعب المغربي حفظهم الله، فكل يوم أحد يخرج التركيون في مسيرات تضامنية للتنديد و رفض كل المجازر التي ترتكب في حق شعبنا الحبيب، و نقدر و نشكر كل الشعوب العربية و الجاليات العربية المقيمة في تركيا على الدعم و المساندة.
– منذ صغرنا و نحن نسمع و نشاهد قوة و صبر المرأة الفلسطينية، فما سر هذا التفاني والصمود والذي يجعلها لحدود الساعة أيقونة التحرير صامدة ومصرة على الدفاع عن أرضها؟
– المرأة الفلسطينية في قطاع غزة بشكل خاص و بفلسطين بشكل عام ،هي مصنع الرجال، هي الوقود الذي تتحرك به الأمة، فهي الأم، الزوجة، الابنة و الأخت،هي التي ضحت بنفسها و زرعت بذور التحرير في نفوس أبنائها، و في نفوس الجيل الذي تربيه، فهي التي فقدت زوجها و كرست كل طاقتها لتربية أبنائها دون معيل، و هناك أمثلة كثيرة من نساء ضحين بالكثير من أجل تحرير بلدنا الحبيب، و لا ننسى خنساء فلسطين التي قدمت أربعة من الشهداء، و لا زوجات الصحفيين، و زوجات القيادات، رحمهم الله أجمعين، فالمرأة الفلسطينية هي رمز الصمود، و يبقى أملها كبيرا بغد أفضل، ذاك الغد الذي تتشبث به لتساند أبنائها في الدفاع عن أرض أجدادهم حتى الرمق الأخير.
– كيف هو شعور الصحفي الفلسطيني الذي يتابع أطوار القضية عن بعد, خصوصا مع توالي استشهاد أسماء كبيرة بالمجال الإعلامي؟
– صراحة هو شعور لا يوصف، كإعلاميين و صحفيين نعاني في غربتنا هذه، و نتمنى أن نكون إلى جانب زملائنا بالميدان، الذين يعانون الأمرين في سبيل إيصال الرسالة، و كشف الوجه الحقيقي للمحتل، فشعورنا يغلب عليه الحزن و اليأس، و نتمنى أن نكون رفقة زملائنا متضامنين متعاونين، و أيضا نحس بحزن شديد، جراء فقدان وإصابة العديد من الزملاء الصحفيين، كعائلة الأستاذ القدير: وائل الدحدوح و الأستاذ فادي الوحيدي و الأستاذ علي العطار اللذين يواجهان مصيرهما الآن جراء إصابات بليغة، وهناك ضغط لإخراجهما للأردن أو لقطر قصد العلاج، ونتمنى لكليهما الشفاء العاجل، فحتى نحن كناشطين وصحفيين نعاني من متلازمة: «القلب المكسور» فقبل أيام فقدت إحدى صديقاتي والتي استشهدت في قطاع غزة، ومن كثرة التفكير والحزن، تم إدخالي المستشفى و أصبت بالمتلازمة التي أشرت إليها، ومع ذالك أطلب الله دائما أن أكون عند حسن ظن أهل غزة وفلسطين بي يارب.
– ما هي النصائح التي يمكن أن تقدميها للصحفيين الشباب، الذين يتطلعون لتغطية القضية الفلسطينية؟
– نصيحتي لهم: التباث على المبدأ، فالمبادئ لا تتجزأ، كما و أنصحهم بقراءة التاريخ الحقيقي لفلسطين، و التاريخ الحقيقي لهذا الإحتلال، فالتاريخ مهم جدا لفهم عقلية العدو الذي تجاوز كل القيم الأخلاقية بحرب طوفان الأقصى.
– كلمة للقراء
– أجدد شكري الخالص وأتمنى لكم التوفيق الدائم، و تحياتي الخالصة من مواطنة فلسطينية تعيش بالديار التركية.