التعاون قد يتوسع ليشمل التشارك في المعلومات الأمنية وتطوير الأسلحة
n وكالات
نقلت صحيفة «واشنطن بوست» أن الرئيسين الصيني والروسي وقعا «خطة مشتركة لمواجهة الولايات المتحدة».
فقد أكد بيان مشترك من 5 آلاف كلمة بين الرئيسين، حسب ما نقلته الصحيفة الأمريكية، على دعم كل بلد سياسة الآخر الخارجية بقوائم من الأمور التي يحلم كل واحد منهما بتحقيقها. فقد دعمت روسيا موقف الصين في معارضتها «لأي شكل من أشكال الاستقلال في تايوان»، أما الصين فقد شجبت الخطط الغربية والمزيد من «توسع حلف الناتو».
ووافقت الصين على شراء نفط وغاز روسي بقيمة 117.5 مليار دولار. ويظل البيان بعيدا عن كونه ضوءا أخضر من الصين لروسيا كي تحتل أوكرانيا، التي لم تذكر بالإسم إلا أن البيان أشار إلى التزام الصين بدعم بوتين لو نفذ الغزو ومساعدته على تحمل العقوبات الاقتصادية القاسية التي تخطط الولايات المتحدة وحلفاؤها لفرضها.
وفي الحقيقة تقول الوثيقة إنه «لا حدود» على «الصداقة بين البلدين» و»لا مجالات «ممنوعة» في التعاون»، مما يقترح أن التعاون قد يتوسع ليشمل التشارك في المعلومات الأمنية وتطوير الأسلحة. وهذه أول مرة يتعهد فيها البلدان منذ الحرب الباردة والتحالف بين جوزيف ستالين وماوتسي تونغ بالتعاون وبشكل مفتوح وشامل على المسرح الدولي، فيما أطلق عليه بيان شي- بوتين «عهدا جديدا من التنمية السريعة والتحولات العميقة».
وتعلق الصحيفة: «لأول مرة في التاريخ الحديث، يواجه فيها الغرب الزوج الروسي- الصيني، كلاهما ليس فقط معاديا بلا هوادة ولكن قوي من الناحية العسكرية والتكنولوجيا الحديثة ومستقر سياسيا وقادر اقتصاديا».
وقالت الصحيفة إن النسخة الثانية من الصين- روسيا هي شجاعة أيديولوجيا مثل النسخة الستالينية في الخمسينات من القرن الماضي. وتبدأ الوثيقة الجديدة التي وقعها الرئيسان بشجب واضح للديمقراطية وحقوق الإنسان التي تدعو إليها الولايات المتحدة والدول الغربية بأنها نسخة «مصممة على مقاس واحد يقود الناس من أجل بناء الديمقراطية».
وتناقش الوثيقة أن حقوق الإنسان هي قيم عالمية ويجب «حمايتها بناء على الوضع الخاص لكل بلد واحتياجات سكانها». وعند تطبيق هذا المفهوم المرن على الصين وروسيا، فإن هذين البلدين اللذين يحكمهما نظام الحزب الواحد تطبقان الديمقراطية وتواصلان «تقاليدها بشكل دائم».
وترى الصحيفة أن الوحدة الصينية- الروسية تعاني من الكثير من نقاط النزاع، سواء كانت مناطقية أو اقتصادية وغير ذلك مثلما فرقت بينهما قبل 60 عاما. فمع مرور الوقت، قد تشعر روسيا بالغضب لعدم التوازن بينها وجارتها الكبرى والأثرى منها. وما يهم في الوقت الحالي هو العداء المشترك ضد الولايات المتحدة، القوة العظمى التي يعتقدان أنها في تراجع، ويمكن والحالة هذه استغلالها. وتعبر الوثيقة عن هذا الطموح: «ظهرت موجة جديدة بشأن إعادة توزيع القوة في العالم».
إلى ذلك، سلطت صحيفة «نيويورك تايمز»، أيضا، الضوء على العلاقات المتنامية بين الصين وروسيا وأثر ذلك على العالم الغربي وزعامة الولايات المتحدة.
ونشرت الصحيفة مقالا للصحفية فرح ستوكمان قالت فيه إن ماو تسي تونغ وصل إلى موسكو في عام 1949 متوقعا أن يتم تكريمه لنقل الصين، أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، إلى الشيوعية. بدلا من ذلك، فقد أهانه جوزيف ستالين بجعله ينتظر لقاءه.
على الرغم من أن ستالين وماو وقعا في النهاية معاهدة صداقة، فإن ماو انزعج من معاملته كشخص لا قيمة له من بلد متخلف.
بحلول الستينيات، كان ماو ينازع السوفييت علانية على قيادة العالم الشيوعي، حتى إن قتالا نشب بين الاتحاد السوفييتي والصين في عام 1969، على الأراضي المتنازع عليها على طول حدودهما الطويلة.
أدى ذلك إلى فرصة لزيارة ريتشارد نيكسون للصين في 21 فبراير 1972، وهي مبادرة دبلوماسية كان الهدف منها إبعاد الصين عن الفلك السوفييتي.
على المدى القصير، حققت زيارة نيكسون التي استمرت ثمانية أيام نجاحا لا لبس فيه. وافق القادة الصينيون على المساعدة في التجسس على الاتحاد السوفييتي. وفاز نيكسون بإعادة انتخابه. وتم تمهيد المسرح لاندماج الصين في نهاية المطاف في الاقتصاد العالمي.
ولكن مع احتفالنا بالذكرى الخمسين لتلك الزيارة، فإن بعض المسؤولين الأمريكيين ومحللي السياسة الخارجية يشككون في حكمة الشراكة مع بكين. حتى إن نيكسون، على ما يبدو، نظر إلى الاستراتيجية بمشاعر مختلطة، وربما بعض الأسف.
كانت روسيا تشكل تهديدا عسكريا، لكنها لم تكن أبدا منافسا اقتصاديا. ومع ذلك، فقد أصبحت الصين القوة الأولى خلال قرن وقادرة على تحدي الهيمنة الأمريكية على الصعيدين الاقتصادي والعسكري.
شعر بعض صانعي السياسة الأمريكيين أن الصين ستنهض في نهاية المطاف، بمساعدة الولايات المتحدة أو بدونها. إذا نظرت إلى هذا الرأي، فإن الترحيب بالصين كشريك ودود، بدلا من قوة معادية، أمر منطقي. اليوم، تمتلك الصين حصة أكبر بكثير في النظام الدولي والاقتصاد الأمريكي مما كان يتخيل نيكسون أنه ممكن.
ومع ذلك، فإنه على مر السنين، بالغ صانعو السياسة الأمريكيون في تسويق فوائد إشراك الصين وقللوا من أهمية المخاطر. الخطوات التي اتخذتها الصين نحو اقتصاد السوق الحرة لم تحولها إلى ديمقراطية، كما جادل الكثيرون. وعلى الرغم من أن الكثير من رجال الأعمال الأمريكيين حققوا ثراء من نجاح الصين، وكان المستهلكون الأمريكيون قادرين على شراء الكثير من الأشياء الرخيصة، فقد عانى العديد من العمال الأمريكيين عندما انتقلت المصانع إلى الصين.
على مدى السنوات العشرين الماضية، كانت واشنطن منشغلة للغاية بالحرب على الإرهاب بحيث لم تفكر في كيفية منع نفسها من أن تصبح شديدة الاعتماد على دولة شيوعية يمكن أن تكون على خلاف معنا بشكل مبدئي.
لا يخفي الرئيس الصيني شي جين بينغ وجهة نظره بأن الولايات المتحدة قوة عظمى تتلاشى وتصر على منع صعود الصين إلى مكانها الصحيح في العالم. وفرض دونالد ترامب رسوما جمركية على البضائع الصينية، لينهي حقبة من الانخراط حداها الأمل. لكن انعزالية ترامب أفادت الصين، التي ملأت فراغ التراجع العالمي لأمريكا. والرئيس بايدن، الذي حشد أوروبا وأستراليا واليابان للحديث عن محاربة الاستبداد وجعل الديمقراطية تزدهر في جميع أنحاء العالم، يمثل مشكلة شائكة للرئيس الصيني.
إذا ظلت الولايات المتحدة وأوروبا متحدتين، فإنهما تشكلان كتلة اقتصادية لا تزال ضعف حجم الاقتصاد الصيني تقريبا. ولكن من خلال تأطير الصراع على أنه معركة بين «العالم الحر» والديكتاتورية، تخاطر إدارة بايدن بدفع روسيا والصين إلى بعضهما البعض في ما يسميه البعض «المحور الجديد للاستبداد».
هذه المرة، موسكو هي الأخ الأصغر الذي يسعى للحصول على دعم من بكين. يمكن أن يكون من بين التطورات الجيوسياسية الأكثر أهمية منذ عقود. أخبرني آدريان غيغز، المؤلف المشارك لكتاب «Xi Jinping: The Most Powerful Man in the World»، أن «ما يفعله الغرب الآن هو عكس ما فعله نيكسون في ذلك الوقت. روسيا والصين ليستا شريكين طبيعيين. إنهما شريكين بسبب العدو المشترك – الولايات المتحدة وأوروبا الغربية».
من السابق لأوانه معرفة المدى الذي ستلتزم به الصين لروسيا في مواجهتها مع الغرب بشأن أوكرانيا. ولطالما جادل قادة الصين من أجل عالم خالٍ من التحالفات العسكرية الرسمية. لقد كانوا حذرين بشأن التورط في صراعات عسكرية لدول أخرى.
لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس شي سعيا جاهدين لتقديم جبهة مشتركة مؤخرا عندما أصدرا بيانا مشتركا استثنائيا قبل ساعات من افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين. وتعهد البيان بأن يكون تعاونهما «أفضل» من التعاون بين البلدين خلال الحرب الباردة. لن يتم حظر أي مجال من مجالات التعاون، ومن المفترض أن يشمل ذلك منح روسيا للصين أسلحتها الأكثر تقدما.
بدأ البلدان يقتربان من بعضهما البعض في عام 2014، بعد أن أدى الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم إلى فرض عقوبات من الغرب. ونجت روسيا من التداعيات ببعض الدعم من الصين، التي عززت التجارة وقامت بشراء النفط والغاز الروسي.
هذا الشهر، بدا أن الصداقة قد فتحت آفاقا جديدة. ويمثل هذا البيان المرة الأولى التي تدعم فيها الصين مطلب روسيا بإنهاء توسع الناتو. ومن خلال التوقيع على النص، أيدت روسيا أيضا مطالبة الصين بتايوان، وقال الجانبان إنهما «قلقان بشدة» بشأن قرار الولايات المتحدة تشكيل تحالف عسكري مع بريطانيا وأستراليا والتعاون «في مجال الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية».
قد لا يكون الرئيس بوتين والرئيس شي حليفين طبيعيين، لكن لديهما الكثير من الأشياء المشتركة. كلاهما يرى الولايات المتحدة كقوة مهيمنة فوضوية. أصيب كلا الرجلين بصدمة شديدة بسبب انهيار الاتحاد السوفييتي، الأمر الذي اعتبراه قصة تحذيرية لما لا يجب فعله. لقد أكدا كلاهما بشدة على المعارضة واستغنيا عن حدود الفترة الرئاسية أو تحايلا عليها، ما مهد الطريق لإمكانية حكم لمدى الحياة.
وكلاهما يتوقان إلى استعادة دوري بلديهما كقوتين عظميين، ويسعيان جاهدين لاستعادة الأراضي التي يريان أنهما فقداها للغرب: أوكرانيا في حالة روسيا، وتايوان في حالة الصين.
الشيء الأكثر لفتا للانتباه في بيانهما كان التصريحات الجارفة. فيبدو كأنه بيان سياسي يدعو الولايات المتحدة إلى الاعتراف بأنها لم تعد زعيمة العالم.
بعد شهرين من رئاسة بايدن لـ»قمة الديمقراطية»، هاجم بوتين وشي «محاولات دول معينة لفرض معاييرها الخاصة للديمقراطية على دول أخرى، لاحتكار الحق في تقييم مستوى الامتثال للديمقراطية. ورسم خطوط فاصلة على أساس الأيديولوجية «. وأكدا أن العالم قد تغير. يجب احترام روسيا والصين باعتبارهما «قوتين عالميتين» يمكنهما أن تمليا ما يحدث في ساحاتهما الخلفية. يمكن قراءة البيان على أنه محاولة لإبعاد حلفاء أمريكا، أو لجعل الأمريكيين يفقدون إرادة القتال.
الحقيقة هي أن العالم قد تغير. لا تبدو الديمقراطية الأمريكية لامعة كما كانت في السابق. سئم الكثير من الناس في جميع أنحاء العالم من إملاء الغربيين لهم بما يجب عليهم فعله.
ومع ذلك، فإن العالم لا يتطلع إلى أن تسيطر دولة هي الأكثر رقابة في العالم. ليس من المبالغة أن نقول إنه يتعين على الأمريكيين الدفاع عن القيم والحلفاء دون أن ينتهي بهم الأمر في حرب كارثية.
وبغض النظر عن مدى توتر العلاقات، فإننا يجب أن نتذكر أن أكبر التهديدات التي نواجهها اليوم – تغير المناخ والوباء وانتشار الأسلحة النووية – تهدد روسيا والصين أيضا.