الطاهر بن جلون: بنكيران دعا إلى سفك دمي، ما دفعني لتقديم كتبي تحت حراسة أمنية ليس للجيش الإسرائيلي الحق في محو شعب بأسره

استضاف برنامج «الضيف» على قناة (TV5MONDE) الفرنسية، الكاتب والروائي المغربي «الطاهر بن جلون» للحديث عن مؤلفيه الأخيرين «Les Amants de Casablanca»
و «Dictionnaire amoureux du Maroc»، وهو اللقاء الذي لم يمر دون التركيز على موقفه من الحرب الدائرة في غزة وما أثاره من ردود فعل غاضبة في أوساط المثقفين العرب بعدما اعتبر في مقال له على موقع «لوبوان» الفرنسي أن «ما فعلته حماس في هجومها ضد إسرائيل لم تكن لتفعله الحيوانات»، واصفا رجال المقاومة الفلسطينية بأنهم “بلا ضمير، بلا أخلاق، وبلا إنسانية» وأن «القضية الفلسطينية انتهت واغتيلت يوم 7 أكتوبر»، وهو يوم الهجوم الذي نفذته حركة المقاومة الفلسطينية ضد مستوطنات في غلاف قطاع غزة المحاصر منذ 16 سنة من طرف إسرائيل، معتبرا أن «ما وقع يوم 7 أكتوبر، جرح للإنسانية جمعاء».
صرح الكاتب والروائي المغربي الطاهر بنجلون أنه يعيش حالة من التضييق والمحاصرة عند التعبير عن رأيه الشخصي حيال بعض القضايا، خاصة في محيط صعب ينقسم بين الأصدقاء المسلمين و غير المسلمين على حد سواء، إلا أن الأمكر يزداد خطورة عندما يبدي البعض كراهية تصل حد التطرف مثلما فعل الوزير الأول السابق الإسلامي للحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران عندما « دعا إلى سفك دمي بصريح العبارة، ما دفعني لتقديم كتابي الأخير والحراس الشخصيون يحيطون بي، في وضع غير مقبول بالمرة».
وأشار بنجلون في هذا الصدد الى أن ما يغفله العديدون هو أنني لست «سياسيا» وإنما أنا «إنساني»، وهذا ما يدفعني للقول بأن ما يقدم عليه الجيش الإسرائيلي هو فعل مشين لا علاقة له بالإنسانية على الإطلاق، وينبغي التوقف عنه حالا، وأن تبحث إسرائيل عن حل حقيقي للأزمة، لأنه من المستحيل القضاء على شعب كامل لإرضاء دولة واحدة».
وللإشارة فقد سبق لعبد الإله بنكيران،رئيس الحكومة السابق والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن هاجم في أكتوبر الماضي، خلال كلمته في اللقاء الافتتاحي للمجموعة النيابية لحزبه، الكاتب الطاهر بنجلون، ردا على مقالته الآنفة الذكر .ووصف بنكيران ، الطاهر بنجلون بـ«الكلب»، قائلا «يمكن أن تقارن المقاومة بالحيوانات، لكن هم حيوانات مثل الأسود والنمور والحيوانات الشجاعة والقوية، لكن أنت مجرد كلب، ليس كلب حراسة؛ وإنما un chien de compagnie et de salon».
وفي ما يشبه تراجعا أو تلطيفا لموقفه السابق من الحرب الهمجية الإسرائيلية على سكان غزة، أعرب الطاهر بن جلون، عن موقفه كمثقف يدعم وقف الحرب في المنطقة، وكل ما يرتبط بها من إطلاق للنار وقصف للمدنيين، وكل ما تتحجج به إسرائيل للقيام بذلك، من قبيل «تموقع مقاتلي حماس وسط المدنيين»، حيث أشار الى أن الأمر قد يكون صحيحا، لكنه ليس بالحجة القوية لقصف المدنيين وقتل الأبرياء والآلاف من الأطفال، وأنه من العار وغير المقبول أن تباشر القصف أثناء أو بعد الهدنة، لكون فعل كهذا يعتبر «جريمة ضد الإنسانية تمارسها أمام أنظار العالم».
وأضاف بنجلون : «لقد قمت بإدانة هجمة الـ7 من اكتوبر، غير أنها ليست بالدافع القوي لفرض عقاب شامل على شعب بأكمله، وخاصة شعب أعزل دون حول ولا قوة. كان الأمر ليختلف، لو كانت الحرب متساوية، أي لو كانت جيوش الدولتين في مواجهة بعضهما البعض كما هو الحال في «أوكرانيا» مثلا، غير أن المسألة مختلفة كليا في المنطقة، وبصريح العبارة فنحن نعيش حربا للعزل ضد القنابل و التفجيرات».
وأشار في هذا الصدد الى أنه لا ينبغي للجيش ان يقصف عشوائيا، وكفى! «إن لم يجدوا موقعهم على وجه التحديد فلا داعي للقصف المباشر المستهدف للمدنيين، مما يعني أن على الجيش البحث عن هدفه وليس وضع الجميع في سلة واحدة، وهنا يكمن مربط الفرس. على الجميع ان يعلموا، أن الشعب الفلسطيني يعتبر شعبا يعيش الاحتلال، ومنفذه الوحيد هو تلك الأنفاق الأرضية التي يحتمي بها وبها يعيش، غير أنها لا يجب أن تكون دافعا لقصف الفلسطينيين».
ويرى الكاتب و الروائي المغربي أن غزة ليست مستعمرة من قبل الإسرائيليين اليوم بل فاقت هذا الوصف، مع ما يعيشه الفلسطينيون اليوم (وبعد 7 أكتوبر) الذي يعتبر أشد وطأة مما عاشوه في السابق من وضع معيشي فظيع لا يمكن تحمله، زاد قسوة وشدة بعد ذلك التاريخ. من جهة أخرى، أشار بنجلون الى أنه ينبغي المحافظة على كرامة الأطفال وطفولتهم، مهما كانت جنسياتهم وأعراقهم وأديانهم.. أمام بالنسبة لنتنياهو، فإن الحرب بالنسبة له هي طوق نجاة أما الشعب الإسرائيلي الغاضب، فهو يستمع لأشخاص ذوي آراء وعقول نيرة، ترفض بكل قوتها قصف المدنيين و العزل، وتعلم انه ليس بذلك «النصر المزيف» من قتل 20 أو 30 ألف شخص ستسمح له بالنجاة دون عقاب، خاصة وأن ما يفعله الآن ليس إلا تطهيرا عرقيا للشعب الفلسطيني.
وفي سؤال عن كيفية تعبيره كمثقف عن رأيه بخصوص الحرب على غزة، وسط محيطه المختلط بين المسلمين و اليهود (من أصدقاء ومعارف) أجاب بأن «المغرب يتمتع بعلاقات جيدة مع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل – وقوية ضاربة في جذور ثقافته مع اليهود – وتحديدا بعد التوقيع على «اتفاقيات إبراهام» واعتراف كلتيهما بمغربية الصحراء، ما دفعني لمساندة هذا القرار السياسي والمصيري للمغرب، لكوننا لا نشعر بالكراهية و البغض من اليهود كانوا أو مغاربة أم لا. ما يقع الآن، أن اليهود (لا نعمم) أخذوا في التأسيس لكراهية ضدهم سببها ما نراه على الشاشات من صور ومقاطع فيديو غير مقبولة.


الكاتب : المقدمي المهدي

  

بتاريخ : 05/12/2023