الطب الإشعاعي تخصص لمساعدة الطب الشرعي في صون حقوق الإنسان وتحقيق العدالة

 

يساعد في تحديد أسباب الوفاة والسنّ في القضايا الخلافية وغيرها

 

دعا المشاركون في أشغال المؤتمر الثالث للطب الشرعي، الذي احتضنت فعاليته مدينة مراكش، قبل أيام ، إلى دعم قدرات مهنيي الصحة لرصد حالات ضحايا جريمة الاتجار بالبشر والتكفل بهم، والعمل على تقوية معارفهم في ما يخص الجوانب القانونية والآليات للتصدي لهذا النوع من الجرائم. وكان المؤتمر قد اختتم أشغاله بإصدار مجموعة من التوصيات، على رأسها «التحسيس بأهمية التصوير الإشعاعي في أعمال الطب الشرعي، سواء منها السريرية أو عند التكفل بالوفيات الطبية الشرعية»، مع التأكيد على «ضرورة تزويد مصالح الطب الشرعي بآليات الفحص الإشعاعي وكذا أهمية تشجيع التكوين المتبادل للأطباء الشرعيين واختصاصيي الأشعة في مجال الطب الشرعي»، فضلا عن مخرجات أخرى تهمّ مجال العنف ضد النساء.
مؤتمر، أكد البروفيسور عبد لله دامي في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي»، أنه تم تنظيمه من طرف الجمعية المغربية للطب الشرعي، التي تعتبر الجمعية الأولى في هذا التخصص، التي تسعى للمساهمة في تطويره في بلادنا انطلاقا من المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتق أعضائها»، مبرزا أنه عرف «مشاركة خبراء من دول متعددة ومن مختلف التخصصات، سواء أطباء شرعيين أو عامين أو أطباء في الطب الإشعاعي أو جراحة العظام والمفاصل أو الطب الفيزيائي أو جراحة الأطفال، إضافة إلى مجموعة من التخصصات التي تتقاطع مع الطب الشرعي في مجالات عديدة».
وأوضح رئيس الجمعية في تصريحه للجريدة أن هذا الحدث العلمي سلّط الضوء على 3 محاور أساسية، «يخصّ الأول علاقة الطب الشرعي بالفحوصات الإشعاعية»، مشددا على أهمية ذلك، «لأن الأمر يتعلق بتخصص يعتمد على مجموعة من الوسائل العلمية لإثبات الجرائم مثلا، وبالتالي يعتبر الطب الإشعاعي وسيلة من وسائل التشخيص التي تستعمل عند الأحياء كما عند الأموات، حيث يتم اللجوء إليه لتحديد سبب الوفاة ولمعرفة والوقوف على بعض المؤشرات المتعلقة بالتشريح، لأنها تساهم في تنوير الطبيب الشرعي. أما بالنسبة للأحياء فنجد هذا الدور واضحا بالنسبة لتحديد السن في ارتباط بالمسؤولية الجنائية المرتبطة بالأعمار، 12 سنة فما فوق أو ما دون ذلك، نموذجا، إضافة إلى مساهمة الطب الإشعاعي في تحديد السن عند الرياضيين، حيث يقوم البعض بتزوير شهادة السنّ، وهنا يتدخل الطبيب الشرعي بمساعدة أطباء اختصاصيين في الطب الإشعاعي لتحديد السن الأكيد انطلاقا من الدليل العلمي القاطع عند الفئات أقل وأكثر من 17 سنة مثلا».
وبخصوص المحور الثاني، أكد الدكتور دامي أنه تمحور حول «الطب الشرعي وجريمة الاتجار بالبشر»، مبرزا «أن القانون 27.14 جاء ليضع بلادنا ضمن مصاف الدول التي اهتمت بهذه الجريمة كجريمة جديدة،» موضحا «كيف أن الطب الشرعي، بخصوصية الرصد التي يتوفر عليها، يقوم بقراءة القانون الجديد بمواكبة الترسانة القانونية التي تتوفر عليها بلادنا»، مشددا على «أن الطب الشرعي معني بهذه الجرائم، خاصة عند بعض الفئات كالأطفال والنساء ضحايا العنف، إذ أن الطبيب الشرعي يعتبر ملزما بالتبليغ عن هذا النوع من الجرائم عند هذه الفئات وفئات أخرى تكون ضحية للاتجار بالبشر».
وأوضح رئيس مصلحة الطب الشرعي بالمستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش في تصريحه لـ «الاتحاد الاشتراكي» في ارتباط بالمحور الثالث المتعلق بالعنف ضد النساء، «أن المستجد الذي عرفه المؤتمر تمثل في فتح نقاش موسع بين مختلف المؤسسات لوضع خارطة طريق لتحسين وتجويد التنسيق بين جميع المتدخلين»، مؤكدا على أن «اللقاء كان ناجحا بامتياز، إذ عرف مشاركة قضاة النيابة العامة وممثلين عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان والإدارة العامة للأمن الوطني، إضافة إلى أطباء نفسانيين وشرعيين، وممثلين عن مؤسسة محمد السادس لإدماج السجناء، فضلا عن فعاليات من المجتمع المدني».
وإلى جانب المحاور المهمة التي تطرّق إليها المؤتمر، فقد تم ، وفقا للمتحدث نفسه، «عرض مجموعة من المداخلات التي فاقت 100 مداخلة لأطباء شرعيين من مختلف الدول، يوجدون في طور التكوين، الذين عرضوا مجموعة من الأعمال العلمية على هامش المؤتمر، كما تم تنظيم 3 ورشات عمل، الأولى تخص الأنتروبولوجيا الطبية الشرعية، لتحديد نوعية العظام هل تعود لإنسان أو حيوان، عندما يكون تدخل الطبيب مرتبطا بالهياكل العظمية ولتحديد السن الممكن لها وجنسها وسبب الوفاة إن أمكن. أما الورشة الثانية فقد تناولت الخبرة الطبية، حيث تم طرح سبل وقوف الطبيب الذي يقوم بالخبرة على إمكانيات معاناة ضحية تعرض لحادث وإصابة عرضية لسوابق مرضية. وأخيرا الورشة الثالثة التي تخصّ شهادة الوفاة الجديدة التي تم اعتمادها قبل سنوات، والتي يجب أن تتضمن جميع المعلومات الطبية والوبائية والشرعية للوقوف على الأسباب الحقيقية للوفاة، إذ يتعين على الطبيب أن يساهم مساهمة إيجابية في هذا الصدد، وهو ما يتطلب أن تكون لديه فكرة حول كيفية ملء هذه الشواهد بكيفية علمية تستجيب للمعاير الدولية».


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 03/11/2022