العدول المغاربة يطالبون بتعديل القانون 16.03 وبتحقيق عدالة تشريعية

نبهوا إلى أن التمييز التشريعي الحاصل بين مهن التوثيق لا يعكس روح العدالة الدستورية

 

 

طالب العدول المغاربة بتعجيل القيام بتعديل شامل للقانون 16.03 المنظم لخطة العدالة بالشكل الذي يجعله منسجما مع مقتضيات دستور 2011 ويترجم توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، وذلك خلال ندوة علمية وطنية جرى تنظيمها من طرف المجلس الجهوي للعدول استئنافية طنجة، والمجلس الجهوي للعدول استئنافية بني ملال، بشراكة مع الهيئة الوطنية للعدول، وبتنسيق مع المجالس الجهوية للقنيطرة، وجدة، مراكش، وخريبكة.
وأكد سليمان إدخول، رئيس الهيئة الوطنية للعدول، في كلمته الافتتاحية خلال هاته الندوة على أن الهيئة لا تمارس وظيفة تشريعية، لكنها تسهم بفعالية في النقاش العمومي، وتقدم توصيات ومذكرات مطلبية في إطار المقاربة التشاركية التي تنهجها وزارة العدل، مشددا على ضرورة الانتباه إلى ما وصفه بـ «الاختلالات الجوهرية» في القانون الحالي، خاصة ما يتعلق بمسألة تحميل عدلين معا المسؤولية الجنائية عن الوثيقة، وهو ما اعتبره المتحدث يعدّ خرقا صارخا لمبدأ شخصية العقوبة، مستعرضا في نفس الوقت عددا من الإشكالات المتعلقة برسمية الوثيقة العدلية، ونظام التزكية في بعض العقود الحساسة كعقود الزواج والطلاق.
الندوة التي تأتي في سياق الحراك المهني والحقوقي الذي تعرفه مهنة التوثيق العدلي بالمغرب، والتي تمحورت حول موضوع «القانون المنظم للتوثيق العدلي: بين مشروعية المطالب وسؤال الحكامة»، أكد خلالها إدريس الطرالي، رئيس المجلس الجهوي للعدول استئنافية بني ملال، على أن مطالب العدول ليست ظرفية أو فئوية، مشددا على أنها على النقيض من ذلك فهي تعتبر مطالب دستورية وحقوقية نابعة من واقع مهني حقيقي، واصفا الأمر بالقول «إنها معركة وجود: إما أن نكون أو لا نكون». وأبرز المتحدث بأن التمييز التشريعي الحاصل حاليا بين مهن التوثيق لا يعكس روح العدالة الدستورية، ويكرّس لما وصفه بـ «الحكرة التشريعية»، مشيرا إلى أنه يتم التسريع في التشريع لفئة مهنية على حساب فئة أخرى، في تجاهل تام لمبدأ تكافؤ الفرص والعدالة التشريعية. ودعا الطرالي إلى مراجعة شاملة لقانون 16.03 بما يُنصف العدول ويُعيد التوازن داخل منظومة التوثيق الوطني.
من جهته، شدد سعيد الصروخ، رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية طنجة وعضو المكتب التنفيذي الوطني، على أن اختيار موضوع الندوة أملاه الإحساس العام لدى العدول بوجود فجوة خطيرة في الاستجابة لمطالبهم، مؤكدا على أن هناك انطباعا واضحا بأن الجهاز الوصي إما يفتقد حلقة تواصل فعالة، أو يتعمد تجميد المطالب والالتفاف عليها دون إصلاح حقيقي، حسب تعبيره، معتبرا أن مشروع قانون 22.16، الموجود حاليا أمام المؤسسة التشريعية، يشكّل محطة فاصلة في مسار الإصلاح، ويجب أن يخضع لنقاش جدي يراعي المصلحة العامة. وأوضح المتحدث ذاته بأن الهيئة الوطنية للعدول لا تنطلق من موقع فئوي ضيق، بل تطالب بمقاربة حقوقية ومؤسساتية تعيد لمهنة التوثيق العدلي مكانتها، باعتبارها مرفقا عموميا يمارس بتكليف من الدولة.
وعرفت الندوة مشاركة عدد من القضاة، المحامين، الأساتذة الجامعيين، وممثلي المهنة، وتم خلالها مناقشة التحديات الكبرى التي تواجه خطة العدالة من زوايا قانونية، مؤسساتية، واجتماعية. ووجّه المشاركون خلال هذا اللقاء رسالة واضحة إلى وزارة العدل والبرلمان، مفادها أن مهنة التوثيق العدلي تمر بمنعطف حاسم، وبأن العدول لن يقبلوا بأي إصلاح لا يُنصفهم، بل سيستمرون في الترافع والتأطير إلى حين استعادة التوازن المهني والتشريعي.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 22/07/2025