العقوبات البديلة تدخل حيز التنفيذ بالمغرب وأكادير تسجل أول حكم قضائي في هذا الإطار

النيابة العامة تكشف دليلها العملي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو إلى توفير الشروط والميزانيات الضرورية للتفعيل

 

 

دخل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة حيز التنفيذ ابتداء من 22 غشت 2025، معلنا عن مرحلة جديدة في مسار تحديث السياسة الجنائية بالمغرب، والبحث عن بدائل للعقوبات السالبة للحرية التي تثقل كاهل السجون وتعيق إعادة الإدماج.
وفي خطوة عملية تؤشر على بداية التنزيل الفعلي لهذه المقتضيات، أصدرت المحكمة الابتدائية بأكادير أول حكم بالعقوبات البديلة في حق شخص توبع بتهم تتعلق بالسكر العلني البين، والسياقة في حالة سكر، والاتجار في المشروبات الكحولية بدون ترخيص، والمشاركة في الاتجار فيها. المحكمة قضت ببراءته من جنحة الاتجار في المشروبات الكحولية، فيما أدانته بباقي التهم وحكمت عليه بشهرين حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 500 درهم، قبل أن تستبدل العقوبة الحبسية بغرامة يومية قيمتها 300 درهم عن كل يوم من مدة العقوبة، أي ما مجموعه 18 ألف درهم.
هذا الحكم يعكس توجها جديدا يروم التوفيق بين الردع وحماية المجتمع من جهة، والإصلاح وإعادة الإدماج من جهة أخرى، في إطار إصلاح منظومة العدالة الجنائية بالمغرب.
بالتوازي مع ذلك، أطلقت رئاسة النيابة العامة دليلا استرشاديا موجها لقضاة النيابة العامة حول كيفية تنزيل العقوبات البديلة، يتضمن شرحا لمفهومها وأنواعها، وتوضيحا للجرائم المشمولة والمستثناة، إلى جانب توجيهات عملية تخص مراحل الاقتراح والتنفيذ والتتبع.
وأكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، هشام البلاوي، أن هذه المبادرة تنسجم مع التوجيهات الملكية الداعية إلى اعتماد بدائل للعقوبات السالبة للحرية، الواردة في خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة ثورة الملك والشعب سنة 2009، مؤكدا أن الهدف هو تخفيف الاكتظاظ داخل السجون، مراعاة حقوق الضحايا، وضمان فرص حقيقية لإعادة الإدماج.
ويتيح القانون الجديد استبدال بعض العقوبات بعقوبات بديلة مثل العمل لأجل المنفعة العامة، المراقبة الإلكترونية، أو الغرامات اليومية، مع استبعاد الجرائم الخطيرة التي تمس أمن الدولة أو الحق في الحياة والسلامة الجسدية.
من جانبه، عبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن ارتياحه لدخول القانون حيز التنفيذ، معتبرا ذلك خطوة استراتيجية في مسار تعزيز دولة الحق والقانون.
وأكدت رئيسة المجلس، آمنة بوعياش، أن هذه الآلية تسهم في صون كرامة الإنسان وتدعم فلسفة إعادة التأهيل بدل الاقتصار على العقوبة السالبة للحرية، داعية في الوقت نفسه إلى توفير الشروط والميزانيات الضرورية للتفعيل، وتنظيم حملات توعية، وتأهيل الفاعلين لضمان نجاح التجربة.
المجلس أوصى، في مذكرة سابقة، بضرورة توسيع نطاق تطبيق العقوبات البديلة، تبسيط شروطها، وتقليص الجرائم المستثناة منها، مع مراعاة مبدأي التناسب وعدم التمييز لفائدة النساء، الأحداث، الأشخاص في وضعية إعاقة، المهاجرين، والمسنين، بالإضافة إلى توسيع صلاحيات قاضي تطبيق العقوبات واستحضار المركز القانوني للضحايا.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 25/08/2025