العلماء يدعون إلى مزيد من الأبحاث بشأن الآثار النهائية للمناخ

72مليار دولار خسائر اقتصادية بسبب الكوارث الطبيعية في النصف الأول من 2022

نبه علماء إلى أن على العالم أن يتحضر لمواجهة «العواقب النهائية للمناخ» من أجل أن يفهم ويستعد بشكل أفضل لتداعيات كارثية محتملة للاحترار العالمي لم تفكر بها الحكومات بعد.
والنمذجات المناخية التي يمكن أن تتنبأ بمدى الاحترار العالمي اعتماد ا على انبعاثات غازات الدفيئة تزداد تطورا وتزود أصحاب القرار بمسار دقيق حول ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
وما لم يتم استكشافه جيدا هو التأثير المتتابع لأحداث معينة، مثل فشل المحاصيل وخسارة بنى تحتية بسبب ظواهر الطقس القاسية، والتي تزيد احتمالية حدوثها مع كل درجة احترار.
وقد حدد الباحثون في جامعة كامبريدج ومعهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ ما هو معروف حاليا عن «النتائج الكارثية» ووجدوا فجوات معرفية كبيرة.
واقترحوا في بحث نشر في مجلة »بروسيدينغز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينس « أجندة بحثية دولية لمساعدة الحكومات على التخطيط «لحالات سيئة إلى أسوأ».
وشملت تلك الحالات أربعة مجالات رئيسية تدعو للقلق، أطلق عليها الباحثون «الفرسان الأربعة» لتغير المناخ: المجاعة وسوء التغذية والمظاهر القصوى للطقس والنزاعات، والأمراض المعدية عبر النواقل (تسببها الطفيليات والفيروسات والبكتيريا).
قال يوهان روكستروم مدير معهد بوتسدام والمؤلف المشارك في الدراسة إنه «يجب مراعاة المخاطر التي لا رجعة فيها والتي يحتمل أن تكون كارثية بسبب تغير المناخ بفعل الإنسان في تخطيطنا وأفعالنا».
ورأى أنه كلما أجري المزيد من الأبحاث بشأن المنعطفات المناخية للأرض – مثل الذوبان الذي لا رجعة فيه للغطاء الجليدي أو تحول غابات الأمازون المطيرة من ممتصة للكربون إلى مصدر له – ظهرت الحاجة المتزايدة إلى أن تؤخذ في الاعتبار السيناريوهات عالية المخاطر في نمذجات المناخ.
وقال: «المفتاح هو احتساب الكارثة من أجل تجنبها».
أشار المؤلفون إلى أن تقارير الأمم المتحدة المتتالية عن علم المناخ ركزت بشكل أساسي على الآثار المتوقعة لاحترار من درجة ونصف مئوية إلى درجتين وقللت إلى حد كبير احتمال حدوث ارتفاع مفرط في درجات الحرارة.
تضع الخطط الحكومية الأرض في مسار احترار يصل إلى 2,7 درجة مئوية هذا القرن، وهو بعيد جدا عن هدف 1,5 درجة الذي تنص عليه اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015.
ورأت الدراسة أن النزعة العلمية «المنحازة إلى جانب المعلومات والافتراضات القائمة، وتتجنب الاستنتاجات التي تبدو درامية بشكل مفرط» أدت إلى عدم التركيز على التداعيات المحتملة لاحترار من ثلاث درجات أو أعلى.
وأضافت «هذا الحذر مفهوم لكنه غير متطابق مع المخاطر والأضرار المحتملة التي يسببها تغير المناخ».
إضافة إلى ذلك من المعروف أن تقييمات المخاطر لما يسمى بالأحداث ذات الاحتمالية المنخفضة وعالية التأثير يصعب استيعابها في النمذجات المناخية طويلة الأمد.
واحتسب الباحثون مناطق حرارة شديدة – بمتوسط درجة حرارة سنوية تزيد عن 29 درجة مئوية – يمكن أن تشمل ملياري شخص بحلول عام 2070.
وحذروا من أن درجات الحرارة تمثل خطرا كبيرا لحدوث صدمات متكررة لنموذج «سلة الخبز» بسبب الجفاف على غرار تلك التي تجتاح أوروبا الغربية وموجة الحر كالتي ضربت محصول القمح في الهند في مارس وأبريل.
وطالب الفريق بتقرير علمي خاص للأمم المتحدة يركز على «سيناريوهات التغير المناخي الكارثية» على غرار تقريرها في 2018 حول الحد من الاحترار عند 1,5 درجة.
وقال يوري روغيلي مدير الأبحاث في معهد غرانثام في جامعة إمبيريال كوليدج لندن والذي لم يشارك في الدراسة إن «علينا أن نكون جادين في فهم المخاطر العميقة التي تأتي مع أخذ كوكبنا إلى منطقة غير معروفة».
وأضاف «البحث في هذه الحالات القصوى يعني أننا سنكون قادرين على الاستعداد بشكل أفضل، بما في ذلك أن نكون أكثر جدية بشأن تقليل الانبعاثات الآن».

72 مليار دولار خسائر في ظرف 6 اشهر

تكبد العالم في النصف الأول من عام 2022 خسائر و اقتصادية بسبب الكوارث الطبيعية بلغت 72 مليار دولار، حسبما أعلنت شركة التأمين السويسرية «سويس ري» Swiss Re في تقديرات نشرتها الثلاثاء.
وقال رئيس قسم التأمين ضد الكوارث الطبيعية في الشركة السويسرية مارتين بورتوغ «تتجلى آثار تغير المناخ في الظواهر المناخية الشديدة بشكل متزايد، مثل الفيضانات غير المسبوقة في أستراليا وجنوب إفريقيا».
ورغم تسجيل خسائر اقتصادية أكبر جر اء كوارث طبيعية في النصف الأول من 2021 (91 مليار دولار)، لفتت شركة التأمين السويسرية إلى الأثر المتزايد لما يسم ى بالكوارث الثانوية الم كلفة بشكل متزايد، مثل الفيضانات والعواصف الشتوية في شباط/فبراير في أوروبا وعواصف الب ر د في فرنسا، بحسب بيان الشركة.
وسجلت خسائر إجمالية من الكوارث الطبيعية التي تتضم ن الكوارث التي تسبب بها الإنسان مثل الحوادث الصناعية، بقيمة 75 مليار دولار في النصف الأول من 2022 مقابل 95 مليار دولار في النصف الأول من 2021 بحسب الشركة.
وبلغت فاتورة شركات التأمين 38 مليار دولار، مقابل 49 مليار دولار قبل عام.
ولفتت الشركة إلى أن تواتر الكوارث التي تسمى بالكوارث الثانوية، مثل الفيضانات والعواصف، مقارنة بالكوارث الكبيرة مثل الزلازال والأعاصير، تزداد حول العالم.

تجاوز موارد الأرض

وعاش العالم يوم الخميس 8يوليوز »يوم تجاوز موارد الأرض« مع وصول البشرية إلى حد ما يمكن أن ينتجه الكوكب في سنة من دون استنزاف موارده، في حين سيكون الاستهلاك في ما تبقى من السنة على حساب هذه الموارد وسيفوق طاقتها.
وبمعنى آخر، يتطلب الأمر 1,75 كوكب أرض لتلبية حاجات سكان العالم بطريقة مستدامة، وفقا لهذا المؤشر الذي أنشأه باحثون في مطلع تسعينات القرن العشرين ويظهر تفاقما متزايدا للوضع.
وأوضحت منظمتا الصندوق العالمي للطبيعة و»غلوبال فوتبرنت نتوورك» غير الحكوميتين أن 28 تموز/يوليو هو التاريخ الذي «تكون البشرية استهلكت فيه كل ما تستطيع النظم البيئية تجديده في عام واحد».
وقالت ليتيسيا ميليس من «غلوبال فوتبرنت نتوورك» في مؤتمر صحافي «خلال الايام الـ156 المتبقية (حتى نهاية السنة)، سيقوم استهلاكنا من الموارد المتجددة على قضم الرأسمال الطبيعي للكوكب».
وأوضحت أن ذلك لا يأخذ في الاعتبار حتى احتياجات الأنواع الأخرى التي تعيش على كوكب الأرض، مشددة على ضرورة «ترك مساحات للعالم البري أيضا «.
يتم «تجاوز» موارد الأرض عندما تتخطى الضغوط البشرية قدرة الأنظمة البيئية الطبيعية على التجد د.
وأشارت «غلوبال فوتبرنت نتوورك» التي تتولى متابعة هذا المؤشر، إلى أن هذا العجز البيئي مستمر في الاتساع منذ 50 عاما إذ بدأ يسج ل في 29 كانون الأول/ديسمبر 1970 ثم 4 تشرين الثاني 1980 وصولا إلى 11 تأكتوبر 1990 و23 سبتمبر 2000 وغشت 2010.
وتأخر موعد التجاوز ثلاثة أسابيع عام 2020، بفعل تدابير الحجر الصحي والإقفال الهادفة إلى احتواء جائحة كوفيد -19، قبل أن يعود إلى المستويات السابقة.
ويحتسب هذا التاريخ بالاستناد إلى البصمة البيئية للنشاطات البشرية في ست فئات مختلفة هي المساحات البرية والبحرية اللازمة للزراعة والرعي ومناطق الغابات اللازمة لمنتجات الغابات ومناطق الصيد والمناطق المبنية ومناطق الغابات اللازمة لامتصاص الكربون المنبعث من احتراق» الوقود الأحفوري، «وهي على ارتباط وثيق بأنماط الاستهلاك، ولا سيما في البلدان الغنية.
فعلى سبيل المثال، لو كان سكان العالم بأسره يعيشون كالفرنسيين، لكان موعد «يوم تجاوز موارد الأرض» قبل التاريخ الحالي، أي في 5 مايو 2022.
واعتبر كل من الصندوق العالمي للطبيعة و»غلوبال فوتبرنت نتوورك» أن هذا التجاوز يعود إلى النظام الغذائي للبشرية.
وقال بيار كانيه من مكتب الصندوق العالمي للطبيعة في فرنسا «لقد فقد نظامنا الغذائي صوابه وبات استهلاك الموارد الطبيعية مفرطا ، لا يراعي مستلزمات مكافحة الفقر» من جهة، ومن أخرى يتسبب بوباء زيادة الوزن والسمنة.
وشددت المنظمتان غير الحكوميتين على أن لهذا النظام الغذائي «بصمة بيئية كبيرة»، إذ أن «إنتاج الغذاء يحر ك كل فئات البصمة، وخصوصا الزراعات (الضرورية للأغذية الحيوانية والبشرية) والكربون (إذ أن الزراعة قطاع يسبب انبعاثات كثيفة لغازات الدفيئة).
وأوضحتا أن «توفير الغذاء للبشرية يستلزم استخدام ما يفوق مجموعه نصف القدرة البيولوجية للكوكب (55 في المئة)».
ولاحظ بيار كانيه تحديدا أن «جزءا كبيرا من المواد الغذائية والمواد الخام تستخدم لإطعام الحيوانات التي يستهلكها البشر بعد ذلك».
وأشار على سبيل المثال إلى أن «63 في المئة من الأراضي الصالحة للزراعة» في الاتحاد الأوروبي «مرتبطة بشكل مباشر بالإنتاج الحيواني».
وتساهم الزراعة في إزالة الغابات، وفي تغير المناخ عن طريق انبعاث غازات الدفيئة، وفي فقدان التنوع البيولوجي وتدهور النظم البيئية، إضافة إلى أنها تتطلب استخدام جزء كبير من المياه العذبة، على ما شرحت المنظمتان.
ودعت المنظمتان استنادا على توصيات علمية إلى خفض استهلاك اللحوم في الدول الغنية.
وقالت ليتيسيا ميليس «إذا تمكنا من تقليل استهلاك اللحوم بمقدار النصف، يمكننا تأخير تاريخ يوم التجاوز بمقدار 17 يوما «.
وافادت بأن «الحد من إهدار الغذاء يتيح تأخير التاريخ 13 يوما ، وهذا أمر لا ي ستهان به»، علما أن ثلث الغذاء في العالم ي هدر.

 


بتاريخ : 04/08/2022