يعرف المركب الجراحي بالمستشفى الإقليمي ببنسليمان أزمة صحية متواصلة دون أن يلمس المواطن السليماني تدخلا حاسما وجديا من طرف المسؤولين بقطاع الصحة العمومية لمعالجة الوضعية وتقديم العلاج والدواء الضروريين، رغم علمهم (المسؤولون) بمصدر الداء وتفاقم الأزمة الصحية.
فالعمليات الجراحية المبرمجة ما زالت متوقفة بالمركب الجراحي منذ عام تقريبا، أي منذ يوليوز 2024، بسبب عدم وجود طبيب أو أطباء مختصين في الإنعاش والتخدير، علما أن المستشفى الإقليمي كان يشتغل به طبيب مختص في هذا المجال من القطاع الخاص، في إطار الاتفاقية المبرمة بين «جمعية البحيرة السليمانية» التي تنشط في الميدان الصحي والمندوبية الإقليمية للصحة العمومية والحماية الاجتماعية بنسليمان، حيث كان لهذا الطبيب الفضل في القيام بمجموعة مهمة من العمليات الجراحية، غير أن العقد المبرم بينه وبين الجمعية المشار إليها ومندوبية الصحة تم توقيفه لأسباب غير معلومة، ليظل المركب الجراحي بدون طبيب مختص في التخدير والإنعاش، ولتتأجل مع هذه الأزمة الصحية العمليات الجراحية المبرمجة إلى أجل غير مسمى.
توقف العمليات الجراحية منذ سنة تقريبا خلف سخطا وتذمرا كبيرا في أوساط ساكنة الإقليم، ودفع بالعديد من الفاعلين في المجال الإعلامي والحقوقي إلى تناول هذا الموضوع أكثر من مرة سواء عبر تحرير مقالات صحفية بالجرائد الوطنية والمواقع الإلكترونية وبمواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال توجيه رسائل وشكايات إلى المسؤولين بقطاع الصحة العمومية، كما تم طرح هذا الموضوع في قبة البرلمان من طرف بعض البرلمانيين من خارج الإقليم، من خلال إثارة المعاناة الكبيرة للساكنة بسبب عدم وجود طبيب مختص في الإنعاش والتخدير بالمستشفى الإقليمي ببنسليمان.
وقد استبشر سكان الإقليم خيرا مع مطلع هذه السنة بعد تداول أخبار مفادها أن أطباء مختصين في الإنعاش والتخدير سيحلون بالمستشفى الإقليمي، وتم الترويج لهذا الخبر على نطاق واسع من طرف البعض، كما استغل هذا الخبر في الدعاية الانتخابية من طرف برلماني بالإقليم ينتمي إلى حزب رئيس الحكومة، الذي أشار في تواصل له مع إحدى الجرائد الإلكترونية أن التحاق أطباء الإنعاش والتخدير سيتم خلال نهاية شهر فبراير الأخير.
وفي هذا الصدد علمت الجريدة من مصادر صحية أنه مع مطلع السنة الحالية أرسلت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية مذكرات مصلحة مؤقتة لأربعة أطباء في التخدير والإنعاش قصد تعيينهم بالمستشفى المذكور، لكن ولحد كتابة هذه السطور لم يلتحق أي واحد منهم بمقر عمله، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول أسباب عدم التحاق هؤلاء الأطباء؟ وحول ما إذا اتخذت الإجراءات الإدارية اللازمة في شأن عدم التحاقهم من طرف المندوبية الإقليمية للصحة؟
إن استمرار توقف العمليات الجراحية المبرمجة قد خلق متاعب ومعاناة كبيرة ومتعددة لساكنة الإقليم، حيث يتم تحويل المرضى إلى المستشفيات العمومية بالمدن المجاورة ( الرباط والدارالبيضاء) وما تتطلبه هذه العملية من تكاليف ومصاريف التنقل وطول انتظار لحجز سرير وإجراء العملية بهاته المستشفيات، أو ترمي بهم الأقدار إلى جحيم بعض المصحات الخاصة وما يقتضيه الأمر من توفير وتأدية مبالغ مالية كبيرة لإجراء عملية جراحية بها، قد تكون مكلفة ودون استطاعة الأسر ذات الدخل المحدود والتي تعاني من الفقر والهشاشة تحملها وتغطية تكاليفها. فإلى متى سيستمر توقف العمليات الجراحية المبرمجة بالمستشفى الإقليمي؟