كما هو حال سنوات سالفة، لم تسلم سنة 2022، من تسجيل اندلاع حرائق مهولة بعدد من المناطق، تعلق الأمر بالمساحات الغابوية أو بنخيل الواحات، خاصة خلال شهري يوليوز وغشت، بسبب بلوغ درجات الحرارة لمستويات قياسية ناهزن أحيانا الخمسين درجة، في ظل وطأة جفاف قاس ارتدى لبوس «الإجهاد المائي» – باعتراف رسمي – كمؤشر على أن المتغيرات المناخية باتت تستوجب يقظة متواصلة وخططا استباقية، للتخفيف، على الأقل، من حدة تداعياتها المدمرة.
هذا واعتبرت حرائق إقليم العرائش «الأكبر من نوعها على الصعيد الوطني» ومساحاتها الغابوية «الأكثر تضررا»، كما حدث في غابات «آل سريف» و»القلة» و»تطفت»، و»بوهاشم جبل العلم»، الواقعة بالمجال الترابي لجماعتي تازورت وبني عروس، وغابة «المنزلة» بجماعة الساحل وكذا بالقرب من دوار «الرمل» بجماعة زعرورة …
لهيب النيران المهولة لم تسلم منه غابات أخرى تابعة لأقاليم عدة منها: شفشاون، تطوان، تازة… على سبيل المثال لا الحصر.
حرائق خلفت ضحايا في صفوف الساكنة المجاورة اختناقا، وكذا من أفراد الوقاية المدنية الذين بذلوا جهودا جبارة استغرقت أياما متواصلة ، بليلها ونهارها ، لإخماد النيران ، في ظل تعبئة استثنائية لعناصر المياه والغابات والدرك الملكي والقوات المساعدة والسلطات المحلية، وأفراد من الإنعاش الوطني و مئات المتطوعين من الساكنة، إلى جانب المشاركة المكثفة والناجعة لأفراد القوات المسلحة الملكية، مع تسخير عدد كبير من آليات ومعدات الإطفاء وشاحنات صهريجية وسيارات الإسعاف والطائرات المتخصصة في إخماد النيران من نوع «كانادير». مجهودات ركزت على تأمين سلامة ساكنة الدواوير المجاورة لأماكن الحرائق، حيث تم إجلاء مئات الأسر من مساكنها .
حرائق شديدة تدق ناقوس الخطر، مجددا، استحضارا لعواقبها الوخيمة على توازن النظام البيئي، لدرجة وصفها بـ»الكارثة البيئية»، التي «نسفت سنوات من الجهود والعمل المضني في سبيل المحافظة على ثروة غابوية ذات قيمة إيكولوجية عالية، جعلت المغرب يصنف من بين أغنى الدول في مجال التنوع البيولوجي».
كيف لا يعد تكرار نشوب الحرائق مدعاة للقلق، والغابات تلعب دورا حيويا «في الحفاظ على التوازن البيئي والتنوع البيولوجي والحد من الاحتباس الحراري، وكذا في امتصاص ثاني أكسيد الكربون وحماية التربة من الانجراف، وهي الوظائف التي تتأثر بفعل الحرائق وتفحم المساحات الغابوية»؟
هذا، وإلى جانب تأثير حرائق الغابات على المنظومة البيئية، فإنها تتسبب في القضاء على مورد رزق السكان القاطنين في المناطق المنكوبة والذين يضطرون، في الغالب، إلى الهجرة نحو المدن سعيا وراء لقمة العيش.
وتفاديا لمثل هذه الانعكاسات ، تم العمل على «تنزيل إجراءات وتدابير استعجالية»، بهدف «الحد من تأثير الحرائق على النشاط الفلاحي»، وذلك بشكل تدريجي على المديين القريب والمتوسط، ضمنها «توزيع قطعان من الأغنام والماعز على مربي الماشية المتضررين، وكذا توزيع الشعير المدعم، ثم تسليم خلايا النحل للعاملين في هذا القطاع، وشتائل الأشجار المثمرة، والقيام بعملية تشجير للمساحات الغابوية المتضررة، والعمل على إصلاح المنازل المتضررة»..
الغابات.. حرائق مهولة فرضت إجلاء ساكنة القرى المجاورة

بتاريخ : 31/12/2022