بلغتُ الثمانين. فضلا عن أن ثَـمانيني ثَـمانونات:
ـــ منها الثمانون التي أصابتْ زهيراً بالسَّـأَم:
( سئمتُ تكاليفَ الحياة ومن يعشْ
ثمانـين عـاماً، لا أبا لـك، يَـسْـأَمِ)
ـــ ومنها الثمانون التي أصابتِ الجاحظَ بالمرض:
رَوَى أبو علي القالي عن الطبيب أبي معاذ الخولي قال:
« دخلنا يوماً ب(سُـرَّ مَنْ رَأَى) على عمرو بن بحر الجاحظ نعوده، وقد فَـلِـجَ (أُصيب بالفالج، وهو شَـلَـلٌ نصفي)، فلما أخذنا مجالسَنا، أتى رسولُ (الخليفةِ) المتوكلِ إليه، فقال: وما يصنعُ أميرُ المؤمنين بِـشِـقٍّ مائل ولُعابٍ سائل؟ ثم أقبلَ علينا وقال: ما تقولون في رجلٍ له شِـقَّان: أحدُهما لو غُرِزَ بالمَسَالِّ (الإِبَـر الكبيرة) ما أَحَـسَّ، والشّْـقُّ الآخرُ يمـرُّ به الذبابُ فَـيُـغَـوِّثُ (يطلب الغوثَ بصوت عال). وأَكْـثَـرُ ما أشكوهُ الثَّـمـانون.«
ـــ ومنها الثمانون التي أثقلتْ سَمْعَ عَوْف بن مُحَلِّم الخزاعي فقال لصاحبه:
« إنَّ الثمانـيـنَ ــ وبُـلِّـغْـتَـها ــ
قد أَحْوَجَتْ سَمعي إلى تُرْجُمانْ«
ـــ ومنها الثمانون التي أعـجَـزَتْ أبا الحسن الواسطي عن القيام لأصدقائه فقال:
«عِـلَّـةٌ سُـمِّـيَـتْ: ثمانين عامَـا
مَنَـعَـتْـنِي للأصـدقـاء القِـيَـامَـا
فَـــإذا عُـمِّـرُوا تَــمَـــهَّـــدَ عُــذْري
عـندهمْ، بالذي ذكرتُ، وقَـامَا «
ـــ ومنها ثمانوناتٌ أُخَـرُ لم يُصَـبْ بها أحدٌ من الشعراء قبلي.. شيءٌ خُصِصْـتُ به من بعدهم وحدي. أحاولُ الآن أن أَتَـعَـزَّى بعزاء الفرزدق حين قال:
« رَمَـتْـني بالثمانينَ الليالي
وسهمُ الدهرِ أَقْـتَـلُ سَهْمِ رَامِ
رَآنِي الغَـانِـياتُ فَـقُـلْنَ: هَـذا
أبونا عادَ من تحتِ الـرِّجَـامِ
وَلَـوْ جَـدَّاتِـهِـنَّ سَأَلْـنَ عَـنِّي
قَرَأْنَ عَلَيَّ أضعافَ السَّـلامِ «.