فَجْأةً..
مَلاكٌ وَدودٌ
يأتيني رُفْقَةَ امرأةٍ سوداءَ
يُضيءُ البرقُ ضَحْكَتَها وينيرُ بين يديْها
الفجاجَ كلما مَشَيا فيه تواثبت نجومٌ،
كلما احْتَفَنْتُ ما ينْدِفانِ
وَسِعَتْني رؤيا لاَزَوَرْديةٌ
فاستحال الرجوعُ.
أُسْلسُ إليه قيادي
يأخذني إلى سِدْرٍ مخضودْ
حيث الحكمةُ طيرٌ
والشعر ظلٌّ ممدودْ
ويعلمني
كيف أنْحني للأشجارِ.
فَجأَةً…
شيطانٌ مَرِحٌ
يزورني رُفْقةَ امرأة بيضاءَ
يُخاتل رغوةً شقراءَ
ونَضارةً هبَّتْ
من أهْداب القميصِ
ولحْمِ الألوانْ،
ويُمْلي عليَّ جُمْلةً بُنيَّةً
كفَرْوَة النسيمِ
أخْتَضُّ عميقاً
تنْتابُني لذّةٌ وغُنوصٌ
أقــــولُ:
ــ حيَّ على الدم السامريِّ والعِجْلة الصفراءِ
ــ حيَّ على أجراسِ الكون..
وريحِ أحبابي الموتى
ــ حيَّ على العذْب ـ الموسيقى
المرأةِ ـ الوحيِ
الشيطان ـ الرّحيمِ
ــ حيَّ على السّامري السّائل السّاهر في كتابي.
فجأةً…
لاَ نأْمةٌ..
لا رفَّةُ هواءٍ..
لا خَفْقُ رائحةٍ..
لا طيفُ زائرةٍ أو عابرةٍ
قاسياً يتسيدُ الفراغُ
ويعُمُّ البياضُ
بياضٌ يعلو بياضاً
طبقاتٌ فوق طبقاتٍ
أوراقُ ثلجٍ تتكوَّمُ.. أزهارُ لَوْزٍ.. بَفْتُ موتى.
شحوبٌ أبيضُ يلفني
المَحْوُ شاملٌ ووَاصلٌ
أُحاولُ النهوضَ
يُدَوّخُني البياضُ
أحاولُ النهودَ
يَجْرِفُني البياضُ
يُغْرقني
يُهَزْهِزُ وجودي الناحلَ
وجودي الخيطَ
وجودي اللاَّموجودَ
يعدم النطفةَ التي كنتُ حتى لا أكونَ
ويقطع سُلاَلةً كيف صارتْ قبائلَ وثآليلَ؟
بياضٌ يحملُ محفةً بيضاءَ
آلةً حدْباءَ أو مستقيمةْ،
ينتظرني في غفوة القصيدةِ
وكبوة المصباحِ…
لستُ مستعجلاً، يقولُ:
هيّءْ لحم الطيرِ
هَيِّءْ دِنانَ النبيذ
هيِّءْ بُرْدةَ سفركَ
أقْصدُ: قطعةَ كفَنكَ
وانْخَرِطْ في البكاء.