البرنامج المتعلق باستكمال سلاسل الإنتاج في الصناعة الغذائية والمعادن
أكد المستشار السالك الموساوي في سؤال شفهي، أول أمس، بمجلس المستشارين، أنه في ظل التنافس العالمي المتزايد على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، تسعى البلاد إلى تعزيز موقعها على الخريطة الصناعية الدولية. غير أن هذا المسعى يواجه مجموعة من التحديات والإشكالات التي تتطلب معالجة شاملة وبصورة عاجلة، ومن بينها وجود قيود تنظيمية وإدارية ومهنية مثل البيروقراطية المفرطة، والإجراءات المعقدة، وضعف الشفافية والحكامة في العديد من الإدارات، ونقص المهارات والكفاءات المهنية اللازمة لدعم التحول الصناعي.
وعلى هذا الأساس، ساءل المستشار الوزير عن التدابير المتخذة من أجل تعزيز موقع المغرب على خريطة الصناعة العالمية؟ وعن الإجراءات المتبعة لاستقطاب الاستثمارات الخارجية وتحسين القدرة التنافسية للصادرات المغربية على المستويين القاري والدولي؟
وفي تعقيب له، أشار المستشار إلى أن العديد من الإجراءات المعقدة ما زالت تشكل عقبة كبيرة أمام المستثمرين الأجانب، كما أن غياب الشفافية والحكامة الجيدة في بعض الإدارات ينال من ثقة الشركات الدولية ويؤخر قراراتهم الاستثمارية. وأضاف، في نفس السياق، أن نقص المهارات والكفاءات المهنية اللازمة لدعم التحول الصناعي يشكل تحديًا كبيرًا. فعلى الرغم من الجهود المبذولة في تطوير التكوين والتدريب المهني، لا يزال هناك نقص ملحوظ في توفير الموارد البشرية المؤهلة لقطاعات صناعية متخصصة، كالصناعات الإلكترونية الحديثة. وهذا يفرض على الحكومة المزيد من الاستثمار في برامج التأهيل المهني والربط بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل.
وشدد المستشار الموساوي على أن تعزيز موقع البلاد على الخريطة الصناعية العالمية يتطلب تكاثف كل الجهود الداخلية لمعالجة القيود التنظيمية والإدارية، وتطوير المهارات المهنية، وتأهيل البنيات التحتية، فضلاً عن تحقيق التوازن بين التوجه للتصدير والتنمية الصناعية المحلية. هذا الأمر سيكون محوريًا لاستدامة نجاح مبادرات طموحة مثل مبادرة الأطلسي على المدى البعيد.
وفي نفس الجلسة العامة بالغرفة الثانية، تقدم المستشار أبو بكر أعبيد بتعقيب حول موضوع «البرنامج المتعلق باستكمال سلاسل الإنتاج في الصناعة الغذائية والمعادن».
وأوضح النائب أعبيد أن الحديث عن استكمال سلاسل الإنتاج في الصناعة الغذائية والمعادن يأتي في سياق عالمي متأزم، يضع البلاد أمام تحديات كبيرة تتطلب أكثر من مجرد خطابات تتحدث عن برامج طموحة، حيث أن توجه الوزارة، رغم تضمنه لرؤية استراتيجية، يغفل التحديات العملية المرتبطة بضعف التكامل بين مختلف حلقات سلسلة القيمة، وهشاشة النسيج الصناعي الوطني في مواجهة الصدمات الخارجية.
وتساءل المستشار الاشتراكي: كيف يمكن الحديث عن تطوير الصناعات الغذائية في ظل استمرار التبعية للأسواق الخارجية في المواد الأولية الأساسية؟ وكيف يمكن ضمان استدامة هذه السلاسل في ظل التغيرات المناخية التي تهدد القطاع الفلاحي وتؤثر على استقرار الإنتاج الزراعي؟ إن الواقع يكشف عن فجوة كبيرة بين الطموحات المعلنة والإمكانيات المتاحة على أرض الواقع.
أما في قطاع المعادن، فقد أبرز المستشار أنه رغم امتلاك البلاد لثروات معدنية هامة، إلا أن القيمة المضافة المحلية تبقى محدودة بسبب ضعف التصنيع المحلي، وهيمنة نموذج التصدير في شكله الخام، خصوصا أننا لا نلمس مؤشرات حكومية تقدم إجابات واضحة حول كيفية تجاوز هذه الإشكالية، خاصة في ظل المنافسة الدولية الشرسة والحاجة إلى استثمارات ضخمة في التكنولوجيا والبنية التحتية.
وسجل بنفس المناسبة أن الأزمات المتتالية التي يشهدها العالم، من جائحة كورونا إلى الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على سلاسل التوريد العالمية، تؤكد الحاجة الملحة إلى تعزيز السيادة الصناعية والغذائية للبلاد. لكن هذا الهدف يتطلب أكثر من مجرد خطط وبرامج، بل يحتاج إلى معالجة جذرية للاختلالات الهيكلية في النسيج الصناعي الوطني وتوفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لذلك.
كما أن تحقيق الأمن الغذائي يتطلب رؤية شمولية تربط بين السياسة الصناعية والسياسة الفلاحية، مع ضرورة إعادة النظر في نموذج الإنتاج الفلاحي المعتمد حاليًا، والذي يركز على التصدير على حساب الأمن الغذائي الوطني. فالتحديات الراهنة تفرض التفكير في توجه تدبيري جديد يضع السيادة الغذائية في صلب أولوياته.