الفريق الاشتراكي بالغرفة الثانية يدق جرس الإنذار

يوسف ايذي: من العار أن نجازي من أخلصوا للبلاد بتقاعد بئيس
عبد السلام بلقشور: جلسات الحوار الاجتماعي فارغة من إرادة الحكومة لحل الأوضاع المتأزمة

 

 

أثار يوسف ايذي، رئيس الفريق الاشتراكي بالغرفة الثانية، وضعية المتقاعدين، مشددا على أن  نظام التقاعد المتبع حاليا في المغرب مثار انشغال معظم الموظفين العموميين والخواص، كما يثير غضب جل المتقاعدين منهم، ممن يقضون سنوات من حياتهم مخلصين لعملهم ومتفانين فيه، فتصبح مرحلة التقاعد بالنسبة لهم مأساة يعيشها آلاف العمال والموظفين، يقضون خلالها ما تبقى من حياتهم في البؤس وشتى أنواع المعاناة، حيث تعيش شريحة واسعة من المتقاعدين بالمغرب وضعية مالية واجتماعية مزرية نتيجة فشل نظام التقاعد في المغرب.
وطالب إيذي الوزيرة المعنية بالكشف عن التدابير المالية والاجتماعية الممكن اتخاذها .
وفي تعقيبه قال رئيس الفريق الاشتراكي: مع الأسف وبالرغم من العناصر التوضيحية التي جاءت على متن جوابكم، فإننا نجدد لكم التأكيد على أن الحكومة لم تجتهد بعد في معالجة المشاكل والصعوبات التي تواجه المتقاعد في عمره الثالث، لم تجتهد في توفير الشروط الملائمة والظروف المناسبة لخلق إطار عيش يؤمن للمتقاعد إنسانيته وكرامته وهيبته ودوره كفاعل يمكنه الاستمرار في خدمة وطنه وقضاياه.
وأضاف المتدخل: «إننا في الفريق الاشتراكي نثير معكم الوضعية المأساوية لشريحة المتقاعدين، لأن المتأمل في أوضاع هذه الفئة، الآخذة في الاتساع والتزايد لأسباب متعددة، سيجد أنها لا تزال تتخبط في مشاكل عويصة تجعل أغلبهم عرضة ولقمة سائغة للفقر والعوز والحاجة وغير ذلك مما يثير غضبهم واستيائهم من غياب سياسة عمومية حقيقية لمواكبتهم والوقوف بجانبهم.»
وكشف أيضا أن أولئك الذين قضوا سنوات من حياتهم، من الموظفين والمستخدمين في القطاعين العام والخاص، مخلصين لعملهم ومتفانين في أداء واجباتهم المهنية، يجدون في التقاعد مرحلة حرجة عنوانها العريض البؤس وشتى أنواع المعاناة.
ومما يفاقم في ذلك أن المجتمع المغربي مازال لم يستوعب بعد ثقافة التقاعد، بحيث ينظر إلى المتقاعدين كأشخاص انتهى دورهم في المجتمع، والحال أن الممكن غير ذلك لو توفرت الإرادة والعمل.
فلا أحد يمكنه إنكار حقيقة أن المتقاعدين بالمغرب يعيشون وضعية مالية واجتماعية مزرية نتيجة فشل منظومة التقاعد، إلى حد الآن، في ضمان حياة كريمة للمتقاعدين، وذلك بالرغم من الإصلاح المقياسي الأخير الذي نجح فقط في تأجيل الأزمة وانهيار المنظومة لبعض سنوات لا أقل ولا أكثر.
وأردف يوسف إيدي قائلا: «إننا أمام وضعية صعبة ومقلقة في هذا المجال، وهو واقع مر تؤكده جل التقارير الدولية والوطنية المستقلة، مما يجعل بلدنا يتموقع في مراتب متدنية على سلم الاهتمام بالمتقاعدين والمسنين بصفة عامة. وهذه التقارير، التي تبوئ بلدنا هذه المكانة المخجلة، تعتمد مؤشرات رئيسة تتمثل في تأمين الدخل، الرعاية الصحية، الشغل والتعليم ثم توفير المناخ الملائم للعيش، وهي المؤشرات التي لاتزال تعرف تطورا بطيئا في بلادنا لا ينسجم وحجم التقدم الذي تعرفه على المستوى الماكرو اقتصادي. ونتيجة لذلك يصنف المغرب من بين الدول السيئة لعيش المسنين إلى درجة اعتبار المغرب جحيما للمتقاعدين، وبالرغم مما قد ينطوي عليه هذا التشبيه من قساوة مبالغ فيها، فإنه يضعنا أمام مفارقة اعتبار بلدنا جنة المتقاعدين الوافدين من أوروبا، وبالتالي أليس حريا بنا، ومن الأولى، أن نعيش الجنة في بلادنا قبل غيرنا ونحن أهل لذلك وقادرون عليه إذا توفرت العزيمة والإصرار؟
إنها صفعة قوية تسائلنا جميعا عن طريقة التعاطي مع أبائنا وأجدادنا في هذا الوطن الذين ضحوا بكل غال ونفيس وبما يملكون من قوة فكرية وبدنية من أجل بنائه وتنميته ونهضته وتطوره، ومع ذلك لم يستفيدوا من ثمار نموه ومن ثرواته بعد إحالتهم على المعاش».
وبدوره وجه المستشار البرلماني الاتحادي عبد السلام بلقشور سؤالا لوزير التجارة والصناعة،  عن الإجراءات والتدابير الواجب اتخاذها من أجل حماية القدرة الشرائية لعموم المواطنين، خاصة الفئات الضعيفة والهشة، التي أصبحت غير قادرة على مجاراة الحياة اليومية، جراء ارتفاع أسعار مختلف المواد الاستهلاكية الأساسية.
وفي تعقيبه على رد الحكومة أكد عبد السلام بلقشور أنه وانطلاقا من موقعنا السياسي نريد اليوم أن نثير انتباه كل الجهات المعنية الرسمية وعموم الرأي العام إلى ما يعتمل من قلق في أوساط الشعب المغربي وخاصة فئاته المعوزة وذات الدخل المحدود بما فيها الأجراء. وذلك جراء الارتفاعات المتوالية للأسعار، والتي أجهزت على القدرة الشرائية للمواطنين. وأضاف عضو الفريق الاشتراكي أن المغرب مهدد في تماسكه الاجتماعي في حالة عدم إقرار الإنصاف والعدالة بين الفئات الاجتماعية جراء عدم حماية القدرة الشرائية للطبقات المعوزة والفقيرة على إثر الارتفاعات المتتالية لأسعار الحبوب والذرة ومعظم المواد الاستهلاكية الأساسية، وأضاف
أنه رغم تنبيهاتنا كمعارضة مواطنة ومسؤولة ودعوة الحكومة لاتخاذ إجراءات شجاعة واستباقية لمواجهة انعكاسات الجفاف والأزمة الأوكرانية الروسية، بضرورة مراجعة الفرضيات المتفائلة لقانون المالية وبتعزيز الإجراءات الاجتماعية لتخفيف العبء عن شرائح المجتمع المغربي، إلا أن الحكومة لم تستوعب بعد الانعكاسات الخطيرة لارتفاع الأسعار، في أسواق المدن والقرى، في محطات الوقود، في المحطات الطرقية، في أوراش البناء، في المعاملات التجارية بين المقاولات وفي المجال الفلاحي، وقدم بلقشور نماذج من دول العالم بادرت إلى تخفيف عبء سعر المحروقات على المواطن من خلال مساهمة الشركات بنسبة في أرباحها ومساهمة الدولة عبر الشق الجبائي بما لا يؤثر على التوازن المالي، حيث قررت الحكومة الفرنسية صرف دعم عاجل بقيمة 100 يورو لـ 28 مليون فرنسي لكي يتمكنوا من مواجهة ارتفاع أسعار المحروقات، وهذا القرار سيكلف باريس نحو 3.8 مليار يورو. كما قررت أيضا وللصمود أمام التحديات الاقتصادية التي خلفتها الأزمة، تقليص ميزانية كافة الوزارات بما فيها قطاعات الدفاع والتي تعد الأقوى، حيث تصل إلى حوالى 300 مليون يورو وستخصص هذه الأموال لمواجهة العواقب الاقتصادية للأزمة.
وفي ألمانيا الاستفادة مؤقتاً من تذاكر نقل منخفضة للغاية تقل بما قد يصل إلى 80 في المئة عن أسعار التذاكر العادية، حلّ لجأت إليه الحكومة الألمانية لتقليل تداعيات ارتفاع الأسعار، وفي العراق تم إصدار منحة حكومية بقيمة 100 ألف دينار لمرة واحدة باسم «منحة غلاء معيشة»، سيستفيد منها المتقاعدون (ممن يتقاضون راتباً أقل من مليون دينار شهرياً)، والموظفون (ممن يتقاضون راتباً أقل من خمسمئة ألف دينار شهرياً)، ولصالح الرعاية الاجتماعية ومعدومي الدخل، وتصفير الرسم الجمركي على البضائع الأساسية من المواد الغذائية ومواد البناء والمواد الاستهلاكية الضرورية لمدة شهرين، وإعادة النظر في القرار بعد معاينة الأزمة.
وزاد عضو الفريق الاشتراكي بالقول نريد أن نوضح تفاديا لكل التباس، أن جلسات الحوار الاجتماعي وبكل المقاييس تعتبر فارغة من كل إرادة حكومية لحل المشاكل القائمة والاستجابة للمطالب العادلة للشغيلة المغربية، إذ أن مخرجاته تعتبر في نظرنا شكلية واستهلاكية فقط.
أمام هذه الأوضاع الاجتماعية المحتقنة وإن كنا كفاعل سياسي واجتماعي نقوم بالتأطير المنظم والمسؤول للحركات الاحتجاجية حتى لا تخرج عن مساراتها المشروعة، فإننا ندعو كافة المؤسسات وكافة الفاعلين إلى التوحد من أجل البحث عن الحلول لمواجهة المعضلات الاجتماعية وتدهور القدرة الشرائية، وذلك بهدف تجنيب بلادنا كل ما لا تحمد عقباه والحفاظ على تماسك المجتمع المغربي.


الكاتب : محمد الطالبي

  

بتاريخ : 19/05/2022