الفريق الاشتراكي يرفض مشروع قانون تنظيم مهنة المفوضين القضائيين

 

رفض الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، خلال جلسة تشريعية عقدت يوم الثلاثاء 28 يناير 2025، مشروع القانون رقم 46.21 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين. وجاء هذا القرار بناء على مجموعة من الملاحظات والانتقادات التي عبرت عنها النائبة مليكة زخنيني، في مداخلة ألقتها باسم الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، مؤكدة أن المشروع لم يحقق التوازن المطلوب بين حقوق العاملين في هذه المهنة وبين مقتضيات تطوير منظومة العدالة في المغرب.
استهلت زخنيني كلمتها بالتأكيد على أهمية مهنة المفوضين القضائيين في تحقيق العدالة، ودورهم الأساسي في تقليص الزمن القضائي، من خلال عمليتي التبليغ والتنفيذ، باعتبارهما الأساس الإجرائي لفعالية التقاضي. وشددت على أن الفريق الاشتراكي ينظر إلى هذا القانون كخطوة كان من المفترض أن تعزز إصلاح منظومة العدالة وتكرس ضمانات المحاكمة العادلة، إلا أنه جاء دون تطلعات العاملين في الميدان.
وأوضحت زخنيني أن الفريق الاشتراكي، وفي إطار المعارضة المسؤولة والبنّاءة التي اختار ممارستها، انخرط في مناقشة مشروع القانون بوعي وإيجابية، حيث قدم 226 تعديلاً هدفها الأساسي تحقيق التوازن بين حقوق وواجبات المفوضين القضائيين، وضمان استفادة المواطنين من خدماتهم بشكل أكثر فاعلية. غير أن الحكومة، حسب تعبيرها، فضّلت الاستفراد بإعداد المشروع بعيداً عن إشراك المعنيين الأساسيين به.
وفي ما يتعلق بطريقة إعداد مشروع القانون، انتقدت النائبة مليكة زخنيني عدم إشراك الحكومة للهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين بالمغرب، والنقابة الوطنية للكتاب المحلفين، مشيرة إلى أن الحوار مع هذه الهيئات اقتصر على استماع شكلي وغير ملزم، ما دفعهم إلى الاحتجاج في الشارع للتعبير عن رفضهم للمضامين التي جاء بها المشروع. وأكدت أن تجاهل الحكومة للفاعلين المباشرين في صياغة النصوص القانونية يعكس غياب مقاربة تشاركية حقيقية، مما يضعف مناخ الثقة والديمقراطية الضروريين لإنجاح أي إصلاح.
وعلى مستوى مضمون المشروع، سجلت زخنيني عدداً من الملاحظات التي اعتبرتها أساسية وتعيق تحقيق الأهداف المرجوة من القانون، ومن أبرزها غياب الوضوح حول الأتعاب، إذ لم يتضمن المشروع أي مقتضيات واضحة حول المكان الذي يتقاضى فيه المفوض القضائي أتعابه عند التعامل مع الطلبات المباشرة. كما نص المشروع على إقصاء رؤساء المؤسسات والهيئات من إمكانية توجيه طلب مباشر إلى المفوض القضائي لحضور الجمع العام. وأشارت زخنيني إلى أن المشروع حرم فئات مثل كتّاب الضبط الحاصلين على الإجازة في القانون، وحاملي الدكتوراه في القانون أو الشريعة، من الولوج إلى المهنة في إطار الإعفاء من امتحان الولوج أو التمرين، رغم كفاءتهم وتجربتهم. كما تضمن المشروع شرط أقدمية 15 سنة لتولي منصب رئيس الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين، مما يقيد الشباب الطامح لشغل مناصب المسؤولية.
وتحدثت زخنيني عن حقوق الكتّاب المحلفين، مؤكدة أن المشروع لم يقدم أي حلول بخصوص إمكانية انتقال الكاتب المحلف بين مكاتب المفوضين القضائيين، أو ما يتعلق بمصيرهم في حالة وفاة المفوض القضائي أو توقيفه أو إعفائه. كما أغفل المشروع تكريس حق الكتّاب المحلفين في تأسيس منظمات نقابية للدفاع عن حقوقهم، رغم التنصيص على هذا الحق في الفصل 8 من الدستور. وفي السياق نفسه، اعتبرت أن المادة 78 من المشروع التي تنص على إخضاع المفوض القضائي لمراقبة المصالح المختصة للسلطة الحكومية المكلفة بالمالية، تمثل انتهاكاً لاستقلالية القضاء.
وأشارت زخنيني إلى أن مهنة المفوضين القضائيين تعتبر من أهم المهن المساعدة للقضاء، وأن أدوارها الأساسية في تصريف الإجراءات القضائية تتطلب تعزيز استقلاليتها، وتحسين ظروف اشتغالها، وتأطير تدخلاتها بشكل واضح، إلا أن المشروع لم يعكس هذه التطلعات بالشكل المطلوب. وفي ختام مداخلتها، أكدت النائبة مليكة زخنيني أن الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية كان يأمل أن يشكل مشروع القانون رقم 46.21 فرصة حقيقية لتطوير مهنة المفوضين القضائيين وتحقيق نقلة نوعية في منظومة العدالة المغربية، إلا أن المشروع في صيغته الحالية يفتقد للشروط اللازمة لتحقيق هذه الأهداف. بناء على ذلك، أعلن الفريق الاشتراكي تصويته بالرفض على مشروع القانون.


الكاتب : م. الطالبي

  

بتاريخ : 30/01/2025