صوت الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية، بالرفض، على مشروع قانون رقم 52.23 يتعلق بالتراجمة المحلفين، لأن هذا المشروع، وهو يضع الشروط الأساسية لممارسة مهنة الترجمان المحلف، ويحدد نطاقها، ويسطر حقوق وواجبات الترجمان المحلف، والعقوبات المترتبة عن الإخلالات التي يمكن أن يرتكبها، ويؤسس للهيئة الوطنية للتراجمة المحلفين، قد أبقى على الضبابية التي سادت علاقة الترجمان المقبول أمام المحاكم، والترجمان “الحر”، أو المهني، وترك المواطن/ المستهلك أمام سوق مفتوحة للترجمة، يبقى فيها مرتهنا لمزاج الجهة المستقبلة لهذه الترجمة، وطبيعة الصفقات فيها، بما يجعله الحلقة الأضعف في هذا الباب، خاصة في بتعلق بشهادة “الأبوستيل” باعتبارها وثيقة رسمية تستخدم لتوثيق صحة الوثائق العامة الأجنبية، بموجب اتفاقية لاهاي التي وقع عليها المغرب، والتي تعد بمثابة الطابع الدولي للوثائق، لذلك صوت الفريق الاشتراكي بالرفض.
واعتبر الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، أن مناقشة القانون 52.23 المتعلق بالتراجمة المحلفين، حلقة من حلقات إعادة النظر في الإطار القانوني لمجموعة من المهن القانونية والقضائية، وكذا المهن المساعدة للقضاء.
وأكد الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية على أهمية هذا المشروع، وبالمقابل أبدى ملاحظتين أساسيتين بصدده، أولهما يتعلق بطبيعة المهمة التي حاول المشروع تأطيرها وهي الترجمة في ارتباطها باختلاف الألسن، وتعدد اللغات الذي يعتبر معطى مغربيا محضا لأرض تعاقبت عليها حضارات متعددة، وموقع جغرافي جعلها وجهة ومستقبلا لمختلف الجنسيات باختلاف ألسنها، وثانيهما تتعلق بكون ما نشرع له هو مهنة، أي فرصة انعتاق من البطالة التي تشدد اليوم الخناق على شباب هذا البلد، بل وحتى شيبه، وبالتالي حلم مواطنين ومواطنات يجب ألا يرهن لحسابات ضيقة أو نرجسيات من أي نوع، خاصة أن الأمر يرتبط بمهنة حرة.
وبالموازاة، شدد الفريق على أن هذا المشروع الذي سيحل محل القانون 50.00، المنظم لمهنة التراجمة المقبولين لدى المحاكم، باعتباره النص المرجعي الخاص بتنظيم الترجمة القضائية بالمغرب منذ سنة 2001، كان ضروريا بعد ما أبان عليه ربع قرن من العمل بهذا القانون من قصور، وضرورة المواكبة لنشاط إنساني ضارب في القدم منذ كان قدر الناس اختلاف ألسنتهم.
وأوضح، أنه عندما نتحدث عن الترجمة أمام القضاء، وكما كانت التسمية المنسوخة “المقبولون أمام المحاكم”، إنما نتحدث عن حفظ حقوق يمكن لاختلاف اللغات أن يضيعها، وهنا لا يكون الأمر مقتصرا فقط على اللغات الأجنبية، بل إن الثراء اللغوي في بلادنا، وواقع التعدد اللغوي، يحتم الانتباه إلى الترجمة من وإلى اللغة الأمازيغية لا يعفي كونها اللغة الرسمية الثانية دستوريا من كونها ليست اللغة الأم لجميع المغاربة، ولا يتقنها جميع التلاميذ في مدارس البلد، وبالتالي فهي ليست متاحة للجميع، والنقل منها وإليها في سياقات قضائية لا يمكن أن يكون إلا في سياقات الثقة والحماية، بما يضمن الحقوق، في انتظار أن تصحح المدرسة المغربية الفوارق اللغوية بين المغاربة، وتستطيع مجاراة النص الدستوري في إقرار المساواة اللغوية بين المغاربة، وهذه من صميم مهام المدرسة الوطنية.
واعتبر الفريق أن هذا القانون بقدر ما عزز الحماية القانونية للمترجم المحلف، وبقدر ما حاول صياغة توازن بين حقوق الترجمان وطالب الخدمة، في أفق ضمان المحاكمة العادلة، والحفاظ على الحقوق وضمان الحريات، بقدر ما غاب عنه واقع الخصاص الكبير في التراجمة، ومرده إلى لا جاذبية المهنة، عندما تنحصر في المسارات القضائية، ولا تنافسيتها بالمقارنة مع الممارسة الترجمية الحرة التي تحتاج هي الأخرى اليوم لتقنين كمهنة حرة مختلفة تماما عما نحن بصدده اليوم، ولكن منافسة لها.
وبهذا الصدد اعتبر الفريق أن إحداث الهيئة الوطنية للتراجمة المحلفين تتمتع بالشخصية الاعتبارية قصد الإشراف والتنظيم المهني في هذا المجال من شأنه بالفعل ضمان تنظيم المهنة وحمايتها وتشجيع الولوج إليها، لكن السؤال الغائب هو سؤال الكلفة، وتحديدها وموقعها من إثقال كاهل المتقاضين، وتشديد وتعسير الولوج للعدالة شأنها في ذلك شأن عدد من المقتضيات التي تضمنتها تقريبا كل مشاريع القوانين.
الفريق الاشتراكي يصوت بالرفض على مشروع قانون رقم 52.23 المتعلق بالتراجمة المحلفين

الكاتب : عبد الحق الريحاني
بتاريخ : 24/07/2025