الفنانة التشكيلية المغربية نجلاء لحبيبي

حين تتحول المفردة إلى مسحة جمالية

تجعلك مأسورا بألوانها وتشكيلات لوحاتها الساحرة، ومن لوحة إلى أخرى، تعيش بين حدائق من ألوان ناصعة تفصل بين مفرداتها خطوط موضوعة وفق أشكال هندسية تساعد على النسج بينها كي تصير عناقيد لونية تجذب القلب والعين.
فنانة مغربية أحبت الفن بشتى أشكاله فانخرطت في رحابه، وأعطت الكثير من جهدها للفن التشكيلي بالذات، يتعلق الأمر بنجلاء لحبيبي التي مكنتها تجربتها المائزة من طرح تجربتها على باحة الفن التشكيلي المغربي إلى جانب مبدعين ومبدعات سخروا مواهبهم وإمكاناتهم الإبداعية من أجل النهوض بالحركة التشكيلية محليا ودوليا.

سحر التركيب
ومتانة التوليف

من أسرار جمالية الأعمال الفنية، محاولة التعبير عن رؤية ذاتية عبر الجمال بناء على تراكم تجريبي وبصري بإمكانه أن يفرز نظرة خاصة توفر لصاحبها تميزا إبداعيا فريدا، والحال أن الفنانة نجلاء لحبيبي تبرز لوحاتها اتساقا تركيبيا يحول المفردة إلى مسحة جمالية مثيرة بأوجه كثيرة.
فنصاعة الألوان ودرجة الإضاءة والظل، ودقة الانتقاء اللوني ، والحرص على إبراز موضوعات محددة تجعل اللوحة قابلة للإدراك والتواصل مع الجمهور…
سمات تفرض نفسها على المشاهد وهو يواجه أعمال نجلاء .. أعمال بتجاورات لونية وبتركيبات تضفي الانتعاش والحركية على معطيات ووضعيات عناصرها التي تستقيها من الواقع والتراث، اعتمادا على سعة خيالها والذي يحولها إلى أعمال بديعة ممتعة.
نجلاء تعمد إلى جعل لوحاتها ممتلئة بعناصر متراكبة تراكبا تجاوريا، يحول مفرداتها إلى أشكال متكاملة تنتهي إلى الملمح المستهدف بجماليتها، فالفراغات في جل منجزها الفني فراغات إيجابية مفعمة بمفردات أساسية تكميلية تساهم في التركيب العام لملمحها العام.وهي في ذلك تذكرنا بكثير من الفنانين المغاربة وغيرهم و الذين متحوا من الواقعية والتكعيبية والتعبيرية، فأنجزوا أعمالا رائقة تأخذ من كل اتجاه ما يناسب توليفاتها وتشكيلاتها المبتكرة .
بهذه الصيغة تمكنت نجلاء من منجز إبداعي بأبعاد مؤسسة على جهد من التعلم والتجريب والاستفادة والاستقاء، وهي أمور من شأنها إغناء سيناريوهاتها البصرية المتنوعة.
كل لوحة من لوحاتها تقدم ثيمة في طبق فني تزينها الألوان وتتقاطع في قلبها الخطوط، مشكلة دوائر وخطوطا تتقاسمها الظلال ومساحة النور من أجل متعة بصرية بارزة، وهي في ذلك تذكرنا بالفنان المغربي أحمد الهواري الذي تمنحك لوحاته فسحة للتفاعل مع معطياتها الموسومة ببصمته الفنية الخاصة ، وبموضوعاتها المتعددة مما يتيح لك فرصة السياحة في أجوائها المفعمة بروح تجربة فنية بإمكانها أن تصير أنموذجا يُسْتقى منه، ويطوَّر طرازه بشكل توالدي متطور بتطور الخبرات والتجارب .

الجانب التراثيفي تجربتها الإبداعية

كسائر المبدعات والمبدعين المغاربة في كل مجالات الفن، نجد نجلاء منخرطة في تجسيد بعض من مظاهر هذا التراث وفق رؤيتها الفنية وحسها الإبداعي، وهي وغيرها ذات فضل على هذا التراث حيث نحتاج إلى التحسيس بأهميته وفي المحافظة على ملامحه البارزة والمتميزة..
وقد أحسنت المبدعة في التعاطي له عبر فنية جنبتها النقل الحرفي له بإضفاء جمالية خاصة عليه بدل الاقتصار على نقل صور من صوره فحسب.
فالتكعيب والمنحنيات الخطية والألوان الصافية والتجاورات التكميلية للرونق الشكلي، معطيات بارزة في تجسيد ملامح ومظاهر من التراث المغربي العريق :(المرأة الأمازيغية بزيها الجميل ، وبِطلَّتها البهية ..المغني الشعبي (الكناوي) بقراقبه وقبعته المزينة بالمحارات ..المرأة وهي تنسج بأناملها المبدعة زربية تحمل من التراث الكثير من الرموز المزينة لصفحتها…).
أعمال حافلة بمعطيات تراثية اشتغلت عليها الفنانة اشتغالا تجديديا معززا لجماليتها عبر سمفمونية من الألوان والخطوط التي تمنحها الأبعاد الثلاثية الممتعة والمريحة للعين والروح.


الكاتب : لحسن ملواني

  

بتاريخ : 26/09/2020