الفنانة المغربية الأمريكية ياسمينة العلوي لجريدة «الاتحاد الاشتراكي»:أشتغل على الجسد الأنثوي كمرآة لذاكرة مغربية

من خلال تجربتها الفنية المتعددة الوسائط، تمزج الفنانة المغربية-العالمية ياسمينة العلوي بين الرسم والتصوير، بين الحسي والمفاهيمي، بين الجسد والذاكرة.
في هذا الحوار، تعود إلى جذورها، وتكشف خيوط عملها الإبداعي الذي يمتد من نقوش الحناء
إلى هندسة الزوال.
من خلال التصوير الفوتوغرافي والرسم، تبهر الفنانة ياسمينة العلوي بتنوع إبداعاتها.
في السلسلة الأولى «1001 حلم»، تقدم تداخلا حيا وقويا بين الصورة والرسم، أما السلسلة الثانية «ترسبات»، فهي تأمل فني
حول الذاكرة والزوال.
وبمناسبة استضافة مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج للفنانة المغربية الأمريكية ياسمينة العلوي التي ستفتتح معرضها» استعراضات السلسلة الأولى 1001حلم» والسلسلة الثانية « ترسبات»،وذلك يوم الخميس 15 ماي 2025 في الساعة السادسة والنصف مساء برواق ضفاف بمقر المؤسسة، كان هذا الحوار التالي:

 

– لماذا اخترتِ عرضا «استعاديا لسلسلتين» في هذا المعرض؟

– كممارسة فنية، لطالما كانت أعمالي متعددة الأساليب والمواد والمواضيع. ولكي تكون النظرة الاستعادية ممثلة فعلا لعملي، بدا لي ضروريا تقديم هاتين السلسلتين، فهما تعبران عن رؤيتين متباينتين، لكنهما تتكاملان ضمن مساري الفني.
السلسلة الأولى، تصويرية وجمالية، أدمج فيها بين التصوير والرسم، وتتميز برقتها وهمسها. أما الثانية، فهي على النقيض، أعمال ضخمة، تقع بين الرسم والنحت، تتسم بالفوضى والخشونة، وتعتمد على هندسة عربية تجريدية. قطبان في توتر، لكنهما متكاملان.

– سلسلة «1001 حلم» هي عمل مشترك. كيف نشأت هذه التجربة؟

– منذ طفولتي، كنت أرسم أنماطا مستوحاة من البيئة المغربية، الزليج، الحناء، الطرز، زخارف الجبس… وعلى مدى 15 سنة، طورت رسوما بالحبر تغذت من هذا الإرث البصري. عندما التقيت بماركو غيرا، كان مصور أزياء يعمل في الخفاء على دراسات فنية للجسد العاري بالأبيض والأسود. ذات يوم، عرضت عليه أن أرسم على إحدى صوره. وكانت النتيجة مؤثرة للغاية. لم نخطط لعرضها، لكن أحد المعارض تواصل معنا، وقبلنا العرض، فصدمنا حين علمنا أن كل الأعمال بيعت قبل الافتتاح.

– تضعين جسد المرأة في الواجهة، لماذا هذا الاختيار؟

– صحيح أن أغلب أعمالي تركز على الجسد الأنثوي، رغم اشتغالي أيضا على الجسد الذكوري.
الأنماط التي أستخدمها مستلهمة من الحناء، وتناسب جسد المرأة بشكل طبيعي. كما أن الجسد الأنثوي بانحناءاته يشكل سطحا غنيا بالضوء والملمس، يمنح الصورة حساسية خاصة.

– وماذا عن سلسلة «ترسبات»؟ كيف خطرت لك فكرة تنفيذها بمواد متحللة؟

— رغم اختياري المسار الفني، إلا أن خلفيتي علمية، فقد درست علم الأحياء. لطالما سحرتني هندسة التجريد في الثقافة العربية، الصارمة والشاعرية في آن واحد.
بعد سنوات من الاشتغال على أعمال دقيقة مثل «1001 حلم»، شعرت برغبة في كسر هذه الهشاشة، والعمل بمواد ثقيلة، قابلة للتفكك. هكذا ولدت «ترسبات»، من رغبة في الانقلاب والتجريب.

– هل صممتِ هذه السلسلة لتستحضر الزوال؟

– بالتأكيد. بعض القطع تتغير مع الزمن، الملح يبدل لون الصباغة، ورق الذهب يتأكسد، عظام الجمال تتحلل تدريجيا… أعمال «ترسبات» حية، في تحول دائم، تستحضر بقايا حضارات منهارة، قصورا أكلها الزمن والغبار.

– هل تأثرت بالحركات الفنية في الولايات المتحدة؟

– عشت أكثر من عشرين سنة في أمريكا، لكن ممارستي عالمية، تنقلت بين المكسيك، المغرب، وأوروبا. لم أتبع تكوينا أكاديميا في الفن، بل درست العلوم والسينما. لا أنتمي إلى تيار محدد. أشتغل بهواجسي، وهذا ما يمنح عملي طابعه الشخصي والعميق.

– كيف تعيشين كفنانة من أصول مغربية في أمريكا؟

– بدأت في نيويورك، وهي بالنسبة لي مدينة لا تشبه أمريكا؛ الكل فيها منحدر من مكان آخر. هذا التعدد الثقافي يمنحها غنىً استثنائيا. ورغم أنني أستخدم مقاربة جمالية غربية، إلا أن جذوري المغربية حاضرة بقوة في عملي، وتضفي عليه فرادته.

– هل أثرت أصولك المغربية على إبداعك الفني؟

– بشكل كبير. «1001 حلم» مستلهمة من نقوش الحناء، و»ترسبات» تغوص في العمارة والهندسة المغربية. وسلسلتي الأخيرة المعروضة في مراكش تستكشف الطقوس النسائية التقليدية، العادات، الحمام، الطابوهات المرتبطة بالجسد، والأساطير مثل «عائشة قنديشة».

– ماذا يمثل لك العرض في فضاء «ضفاف»؟

– إنها أول مرة أعرض فيها هاتين السلسلتين معا. رغم اختلافهما، فإن جمعهما يمنح نظرة أكثر شمولية عن ممارستي الفنية، ويظهر تنوعها وتطوّرها. هذا العرض يعبّر عن الحساسية المشتركة التي توحّد أعمالي، رغم تناقضها الظاهري.


الكاتب : أجرت الحوار: فتيحة أملوك

  

بتاريخ : 10/05/2025