المهدي الصولو أو الفتى البوهيمي، كما يحلو لي تسميته، هو فنان تشكيلي من مواليد مدينة آزمور سنة 1993 كان دخوله لعالم التشكيل بالفطرة منذ صغرسنه، من خلال الخربشات التي كان يرسمها في كراساته و التي كانت تلقى تعنيفا أحيانا من قبل أسرته ليواصل مسيرته بالبحث و الاحتكاك بمجموعة من الفنانين عبر ربوع الوطن سيما أنه كان يهوى الترحال لاستكشاف معالم الطبيعة و سرها، و خلال وطء قدميه بدولة تركيا من سنة 2019 إلى 2021 لقي الاعجاب و التشجيع من اصدقائه في الغربة خاصة في مجال الجداريات حيث كان له أول عمل رسمي بمدينة اسطانبول، و من تم انتقل إلى رسم لوحات من الحجم الصغير و بيعها لتغطية تكاليف المعيشة بازدواجية مع الموسيقى هوايته المفضلة أيضا، لقد استطاع أن ينمي موهبته و يصل لمكانة متميزة في عالم التشكيل بفضل مجهوداته الذاتية و تشجيع من أسرته و أصدقائه، ليشارك بعد عودته من المهجر في أول معرض جماعي بمدينة مراكش سنة 2022 بلوحات لامست الجمال الإنساني في عمقه المنبثق من طبيعة الخلق التي تحرّكنا جماليا ضمن التمثيل الواقعي في الشكل لجوهر المعاناة الإنسانية، وفق شعور فلسفي غني بالغموض المعتمد على التفسيرات الحسّية للمشاعر الإنسانية التي يلتقطها، كيف لا وهو الشاب الذي تحصل على الإجازة في الفلسفة، إنها المدرسة التي اختارها المهدي الصولو، مدرسة واقعية بصورة تجريدية و بأسلوب سوريالي خاص به، تشعر من خلاله بالاتزان و الترابط في تشكيل الأشكال و الألوان، طالقا العنان لمخيلته التي تختزن الكثير من الصور و الأحداث التي يستحضرها حسب رؤيته الفنية و الفلسفية تاركا قراءات العمل مفتوحة للمتلقي من خلال بسكلوجية اللون و الخطوط و المنحنيات، متخذا من العين كتيمة تجمع بين أغلب أعماله سواء التي على الورق أو القماش أو الخشب أو حتى على جدارياته ، كإيحاء تعبيري يريد من خلاله الكشف عما بالذات بحكم أنها ــ العين ــ كما يقول هي العضو الوحيد الذي يمكنه قراءة دواخل كل كائن مهما كان إنسانا أو حيوانا.
و هكذا يمكننا القول إن الفنان التشكيلي المهدي الصولو يعتمد في عمله على كل ما فطري من خلال الألوان القاتمة أحيانا و أخرى المفتوحة ” الألوان الأساسية و الألوان الثانوية ” التي يجعل منها وسيلة لمحاكاة المتعة البصرية المشبعة بالأحاسيس المرهفة النابعة من أعماق فنان ذي حس إنساني رقيق، إذ كلما اقتربنا من رسوماته و قاربنا أفقها الجمالي كلما زدنا شوقا إلى فك أغوارها و علاماتها اللونية و الشكلية و الرمزية و مقاسمة الفنان تأملاته و استقراءاته اللامنتهية.