الفنان التشكيلي عبدالقادر مسكار يشارك بمعرض في باريس ويصرح للاتحاد الاشتراكي

الفن هو الطريقة الأجمل لمحبة العالم رغم جراحه

 

يشارك الفنان التشكيلي المغربي عبد القادر مسكار في صالون الخريف لعام 2025 الذي تحتضنه ساحة الكونكورد بباريس من 29 أكتوبر إلى 2 نونبر، بمشاركة أكثر من ألف فنان من ثمان وأربعين دولة، في واحد من أعرق المواعيد التشكيلية العالمية التي تجمع بين مدارس وأساليب وتجارب متعددة.
حضور عبدالقادر مسكار في هذا الحدث الدولي الكبير يعد تتويجا لمسار فني طويل وغني، ويكرس مكانة المغرب في المشهد التشكيلي العالمي من خلال عمله الجديد المعنون بـ «قلب العالم» (150 سم، تقنيات مختلطة، 2025).
العمل الذي اختاره الفنان ليمثل المغرب في هذا الصالون لوحة دائرية يغلب عليها اللون الأزرق العميق، تفيض حركة وامتلاء بالرموز والدلالات، وتعلوها كلمة وحيدة تتوسط الفضاء كصلاة مكتوبة بالنور: «الإنسانية».
في عالم مضطرب، من أوكرانيا إلى فلسطين، حيث يتساقط الإنسان من ذاكرة نفسه، يجعل مسكار من الفن فعلا للمقاومة والأمل، ومن الجمال وسيلة لاستعادة ما تبقى من روح هذا الكوكب الجريح.
يقول الفنان التشكيلي عبدالقادر مسكار لجريدة الاتحاد الاشتراكي إنه يؤمن أن الفن يجب أن يكون فعل حب ومقاومة في الوقت نفسه، ويضيف ،في زمن يملؤه القتلى والدمار الشامل في أماكن كثيرة من كوكبنا الصغير، يصبح الفن واحدا من آخر الأصوات القادرة على تذكيرنا بأننا ما زلنا بشرا. كما قال ألبير كامو: الأهم هو أن تكون إنسانا وبسيطا، وكما ذكرنا مارتن لوثر كينغ: يجب أن نتعلم العيش معا كإخوة، وإلا فسنفنى معا كأغبياء.
يشتغل الفنان مسكار على مواد غير تقليدية مثل الرمل، والأقمشة القديمة، والصور الفوتوغرافية، ليمنح اللوحة بعدا ملموسا وإنسانيا. كل مادة عنده تتحول إلى أثر وذاكرة، إلى نفس منسي يعود للحياة عبر اللون.
اللوحة بالنسبة لفناننا ليست سطحا يزينه الجمال، بل كيان ينبض بالحياة، يذكر بالناس الذين مروا، وبالأماكن التي تركت أثرها في الروح. في هذا العمل، يفتح مسكار دائرة الضوء على جوهر الإنسان، على تلك الشرارة الصغيرة التي ما زالت تقاوم وسط ضجيج العالم. كلمة HUMANITÉ ليست عنوانا، بل صرخة ناعمة تخرج من عمق الأزرق، من بحر من الرموز والوجوه والأحلام الممزقة.
الأزرق عنده، بالإضافة إلى كونه لونا، هو أيضا نبض للحياة، بينما الظلال الداكنة تهمس بآثار الجراح التي لا ترى، وتتلألأ مساحات النور كوميض أمل يولد من بين التشققات.
في هذا الكون الدائري، تتقاطع الذاكرة بالهوية، والشرق بالغرب، والأرض بالسماء، كأن الفنان يعيد رسم خريطة الروح الإنسانية بكل تناقضاتها، في محاولة جريئة للمصالحة بين المادة والنور، بين الإنسان وإنسانيته.
ولعل ما يمنح عمله خصوصيته هو ذلك التوازن الدقيق بين الفكرة والمادة، بين ما يرى وما يحس، في مسعى لإحياء المعنى داخل الجمال، والجمال داخل المعنى.
يضيف مسكار قائلا: «الذي يصون الحب هو قدر ضئيل من المقاومة من كل جانب، وخلاف جوهري بسيط. لذلك أحاول من خلال عملي «قلب العالم» أن أزرع لحظة تأمل، ودعوة بسيطة لأن نتذكر إنسانيتنا وسط ما يحيط بنا، وإلى أين نحن ذاهبون».
من قلب باريس، يقدم الفنان المغربي عبد القادر مسكار عمله كرسالة مفتوحة إلى العالم، وكأنها صلاة فنية من أجل إنسانية لم تفقد بعد نبضها. فهو لا يرسم من أجل الزخرفة، بل من أجل أن يذكرنا، كما قالت الأم تيريزا، بأن السلام يبدأ بابتسامة.
أما هو، فيضيف إليها بلغة اللون والرمل والضوء، أن الفن هو الطريقة الأجمل لمحبة العالم رغم جراحه.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 28/10/2025