الفنان التونسي يوسف ظافر يبهر الجمهور وجوردي سافال يبحر في عوالم ابن بطوطة في مهرجان فاس للموسيقى العريقة الدورة 24

استقبل الجمهور الكثيف الذي غصت به ساحة باب المكينة الفنان التونسي يوسف ظافر خلال السهرة المبرمجة ليلة السبت الماضي في مهرجان فاس للموسيقى العريقة في دورته 24 بتصفيقات حارة، و قد رد الفنان ظافر على هذه الحفاوة ليشكر الشعب المغربي الذي اعتبره شعبا متذوقا للموسيقى.
وعلى امتداد ساعتين أتحف هذا الفنان المتألق الجمهور بمجموعة من ألاغاني الصوفية المنتقاة من ديوان الجمال و الغربة، إذ امتزج غناؤه الراقي بتناغم كبير مع آلة العود و استطاع بمعزوفاته وصوته الرقراق أن يحمل الساهرين إلى عوالم ربانية من خلال الانتقال بصوته من التفخيم إلى الرقة بسلاسة عبر الموسيقى الروحية إلى موسيقى الجاز الصاخبة رفقة فرقته الموسيقية المشكلة من موسيقيين ينحدرون من الولايات المتحدة و إيطاليا و فرنسا و النرويج.
وقد أجمع النقاد الفنيون أن الفنان ظافر اعتبر طفلا معجزة منذ نعومة أظافره، تعايش مع آلة العود واستطاع أن يروضها بدقة متناهية، حيث أكد في تصريحه أنه يهتم بالموسيقى الصوفية بقدر اهتمامه بموسيقى الجاز، خاصة في معزوفات الفنانين كولتران ومايلس ديفس في معزوفاتهما الروحية، كما أكد أن إبداعاته وارتجالا ته ومؤلفاته الموسيقية .. نابعة من الحدس والتفكير العميق، مما يعطيه إشعاعا نوريا ، و أشار ظافر أن ديوان الجمال و الغربة يثيرنا بتأثير عاطفي وأن الأنغام المرتفعة الصاخبة تعتبر عنصرا أساسيا في إبداعاته الموسيقية
يشار إلى أن هذا الفنان الرائع كان معجبا بنجوم الروك عندما كان صغيرا، كما كان منبهرا بمجودي القران الكريم وفي طليعتهم المقرءان عبد الباسط عبد الصمد ومحمد عمران، و قد بدا تأثيرهما جليا عندما كان يؤدي بعض الأبيات الشعرية من ديوان الجمال و الغربة.
ولم تكن سهرة الأحد 24 يونيو أقل روعة من سابقتها، فهي سهرة كانت مبهرة بامتياز، حيث أبحر الجمهور مع الفنان جوردي سافال وفرقته الموسيقية العالمية هيسبيروت 21، الذي جسد رحلة ابن بطوطة الرحالة المغربي، الذي قام برحلة عبر عدد من الدول قطع فيها مسافة 120000 كلم، حيث جسد الرحلة موسيقيا بطريقة رائعة، إذ كان الراوي يقص بصوت جوهري متناغم رحلة الإسلام الخالدة ليقوم الفريق الموسيقي بتجسيدها بايقاعات جعلت الساهرين يحطون الرحال عبر الدول التي زارها ابن بطوطة انطلاقا من سنة 1325 هـ وسنه لا يتجاوز 21 سنة، لتستمر الرحلة 30 سنة جاب فيها أصقاع العالم، إذ زار إفريقيا الشمالية والشرق الأدني والخليج الفارسي، و صولا إلى الأناضول وشاهد القسطنطينية و روسيا الباردة و الهند و جزر المالديف و قلب أسيا و البنغال وأندونيسيا والصين و صقلية وما تبقي من الأندلس ثم عبر الصحراء، وصولا إلى تومبوكتو بلاد السود الأسطورية، قبل أن يصل إلى بلاده سنة 1354 ، حيث كان يسجل ملاحظاته و مشاهداته التي تعتبر مرجعا تاريخيا ، و ظل في موطنه إلى أن وافته المنية سنة 1368هـ.
ومن محطة إلى محطة كان المطربون و المطربات يعبرون عن تلك المشاهدات بأصوات شجية وجوهرية بمرافقة الفرقة الموسيقية العالمية، حيث تعددت الأطباق الموسيقية من الألحان والموشحات العربية و الموسيقي الفارسية و الإفريقية في تناغم وانسجام كان يقاطع بتصفيقات الجمهور بين لوحة ولوحه طيلة ساعتين وستين دقيقة.
وبدون مبالغة، فقد توفق الدكتور إدريس اخروز في اختياراته الموسيقية العريقة، وجعل من الدورة الحالية تجسد، وبصدق، روح المهرجان من خلال الموسيقى الروحية التي تعد من أهم الروافد التي تعمل على تقريب الديانات السماوية.
يبقي أن نشير، وبعد أن عاش الجمهور الغفير الذي حج إلى فاس من الوطن وخارجه ورحل مع ابن بطوطة من خلال رحلته والتي توفق في وضع موسيقاها الفنان جوردي سافال الذي يعتبر من الشخصيات الموسيقية العالمية المتعددة الاختصاصات و الفرقة الموسيقية هيسبيروت 21 ، أنه ينبغي الاهتمام بضريح ابن بطوطة الموجود بأحد أزقة طنجة العتيقة ليصبح مزارا سياحيا عالميا، خاصة بعد أن تم استقدام جوردي سافال إلى مهرجان فاس للموسيقي العريقة في دورته الحالية، حيث أنه من الأكيد أن السياح الأجانب الذين تتبعوا السهرة في المغرب وخارجه يرغبون في زيارة ضريح هذا الرحالة العظيم، الذي تعتبر رحلته ومشاهداته مرجعا للمهتمين بالتاريخ البشري .


الكاتب : فاس: محمد بوهلال

  

بتاريخ : 28/06/2018